الوقت- تعيش السعودية اليوم فترة عصيبة و حساسة حيث تقف على مفترق طرق، وضعت نفسها جراء تدخلاتها الغير محسوبة في المنطقة، و تصرح الزيارات المكوكية لشخصيات سعودية عديدة الى أمريكا بما يتكتم عنه المسؤولون في المملكة.
أخطأت حسابات السعودية فيما يختص بالأزمة السورية، حيث تبنت منذ بداية الأزمة فكرة تسليح المعارضة بوجه النظام السوري، معلنة حكم طلاقها معه من غير رجعة، فسلمت المملكة ملف الأزمة السورية بأكمله لرجل المخابرات الأبرز فيها بندر بن سلطان الذي يرتبط مع الأمريكيين و المخابرات الاسرائيلية بعلاقات معقدة، فبالغ بن سلطان بدعمه للمجموعات التكفيرية و أغدق عليها المال و السلاح حتى خرجت الأمور عن سيطرة المملكة، و فشل الرهان على سقوط الرئيس الأسد في فترة وجيزة، فطال أمد الأزمة التي اتسعت رقعتها و حطت في العراق، و هي الان تطرق باب السعودية بين الحين و الاخر عبر مجموعات متفرقة و صغيرة جعلها الحقد و التعبئة المذهبية، لا يميز بين عدو و صديق، و من شأن هذه الجماعات لو اجتمعت و توحدت أن تطيح بالحكم السعودي و تقلب الطاولة على نظام متين بالمظهر و ركيك من الداخل حيث يتصارع فيه الأخوة و أبناء العم على الخلافة و تقاسم النفوذ.
يوم الإثنين الفائت، وصل وزير الداخلية السعودي الأمير «محمد بن نايف» إلى العاصمة الأمريكية واشنطن.
وأجرى مشاورات مع قادة الكونغرس، وكذلك مع مسؤولين في وزارتي الخارجية والدفاع.
جدير بالذكر، أنه قد سبق للأمير "محمد بن نايف" أن أجرى مشاورات في واشنطن بداية العام الجاري، حيث تمحورت حول أزمتي سوريا والعراق، والعلاقات الثنائية بين الرياض وواشنطن حسبما تم الاعلان عنه كما التقى بن نايف خلال زيارته بعض المسؤولين، من بينهم وزير الخارجية جون كيري ومستشارة الأمن القومي سوزان رايس، حيث تطرقت المحادثات حينها إلى مواضيع اقليمية وثنائية والالتزام المشترك والعميق في مكافحة الارهاب والمجموعات المتطرفة في المنطقة حسب ما نقلت وسائل الاعلام السعودية.
ووفقا لمتابعي أخبار العلاقات الأمريكية السعودية، فان للزيارة أبعاد أكثر مما أعلن عنه، بل ان ما أعلن عنه من تنسيق أمني لمكافحة الارهاب و الاضطلاع على أخبار التحالف الدولي ضد داعش ليست سوى الصورة الخارجية للزيارة.
فقد كانت مسألة الحكم و خليفة الملك الحالي "عبدالله بن عبد العزيز" من أبرز الملفات التي حملها الضيف السعودي الذي يحاول اقناع الحليف الأقوى و صاحب الكلمة الطولى في المملكة، بأنه خير من سيحافظ على المصالح الأمريكية في السعودية والأجدر لادارة الأمور الاقليمية بما يحافظ على الهدوء لضمان أمن اسرائيل و المصالح الأمريكية.
يشار إلى أن متعب بن عبدالله من المنافسين للوصول الى الحكم في المملكة خلفا لوالده، قام منذ اسبوعين بزيارة لواشنطن ولقاء حلفائه، اشارة إلى أن الأمراء الآخرين من العائلة السعودية يتطلعون لهذا المنصب بعد وفاة "عبدالله" الملك الحالي خاصة أبناء الملك المعزول "سعود بن عبدالعزيز" الذين اصبحوا رقما من الممكن أن يؤثر على مسار السيناريو المخطط من قبل المنافسين.
أما من الجانب الأمريكي فانه يمر بمرحلة تقييم لأمراء ال سعود قبل أن يختار الأجدر بالخلافة،
فان الکيان الاسرائيلي كان الحاضر الأبرز في ملف طلبات العم سام، اذ طلبت الحكومة الأمريكية طلبا مكررا من الضيف السعودي: "العلاقات السعودية الاسرائيلية يجب أن تخرج الى العلن". فما كان من الأوساط السعودية ان تبدي معارضة للأمر من حيث المضمون الا أنها تنتظر الوقت المناسب.
بطبيعة الحال فان الملف الايراني كان حاضرا لا محالة، فخلاف أمراء ال سعود لا يعني أنهم لايتفقون في عدة ملفات، و منها الملف الايراني لحساسيته لدى النظام السعودي. يذكر بأن السعودية قد بدأت حربا نفطية على كل من ايران و روسيا بايعاز أمريكي بعد انتهاء المفاوضات النووية التي جرت في مسقط الشهر الفائت. حيث وصل سعر برميل النفط الى أقل من 70$ للبرميل، دون أن تخفض السعودية انتاجها البالغ 10 ملايين برميل يوميا.
اذا تحاول أمريكا محاربة ايران و سوريا حاليا بملف النفط بعد أن بائت محاولاتها السابقة بالفشل، املة بأن تضغط على الدولتين الممانعتين لسياساتها، فيما يتعلق بالملف النووي الايراني و الدعم الروسي للانفصاليين الأوكران، تمهيدا لمفاوضات مربحة تعيد ترميم ما انكسر من هيبتها جراء فشل السياسات الخارجية لادارة أوباما. و طبعا فأمريكا كما العادة تجد من العائلة الحاكمة السعودية أداة طيعة لتمرير سياساتها، مقابل دعم الأمراء السعوديين في بقاء حكمهم للحجاز.
ختاما قد تجري الرياح بما لا تشتهي السفن الأمريكية التي تحمل معها ال سعود و غيرهم من أحجار الداما التي تحركهم في لعبتها التي شارفت على الانتهاء بغرق السفينة التي تركبها السعودية، فلا روسيا تشبه الاتحاد السوفياتي الذي سرعت في سقوطه السعودية قبلا، و لا ايران التي صمدت و أسست اقتصادا مقاوما سيوقفها انخفاض أسعار النفط الذي لن يدوم طويلا.