الوقت- في وقت يؤكد الحوثيون انهم أبناء اليمن وتحركوا في محافظاتهم بما يمليه عليهم الواجب الوطني والأخلاقي تجاه الانهيار الأمني والفشل السياسي ويشددون على أن دورهم هو مكمل لدور رجال الأمن والجيش وليست بديلا عنهم تأتي المواقف الصادرة من وزارة الدفاع اليمنية ومن رئاسة الجمهورية وكذلك التعيينات الأمنية والعسكرية التي يقوم بها الرئيس اليمني لتضع علامة استفهام على حقيقة النوايا في التعامل مع الحوثيين ، ويضاف الى هذا مواقف السفير الامريكي في اليمن وكذلك مواقف السعودية ودول مجلس التعاون من التطورات اليمنية والتي تصب كلها في خانة التحريض وتأجيج الاوضاع ، فما هي حقيقة الاوضاع في اليمن وما هو الحل المنطقي الذي يحفظ مصالح اليمنيين ؟
في خطوة اعتبرت استفزازا خطيرا صدر قرار جمهوري مساء الأحد الماضي بتعيين حسين خيران لرئاسة هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة اليمنية وقد اعتبر ناشطون حوثيون تعيين خيران، يتعارض مع مكتسبات ثورة 21 سبتمبر، كونه مقرب من اللواء علي محسن الأحمر و يرتبط بعلاقات مصاهرة مع الزنداني في رئاسة هيئة الأركان العامة، و سبق أن كان قائدا للواء المدفعية في صعدة وفي الحرب التي شنت على الحوثيين هناك .
واشار بعض الناشطين ان تعيين خيران ربما جاء ارضاء لطرف اقليمي أي السعودية وأشار بعضهم إلى أن خيران أحد أذرع القاعدة، وتعيينه يمثل عودة للقيادات العسكرية الموالية لمحسن الأحمر العدو للحوثيين إلى الواجهة على اعتبار أن خيران محسوب على الطرف المهزوم في سبتمبر المنصرم حينما سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء .
وبما ان التوتر امر حتمي في مثل هذه الحالة ذكرت مصادر اعلامية يمنية أن جماعة أنصار الله الحوثيين رفضوا قرار الرئيس اليمنى عبد ربه منصور هادي تعيين العميد حسين ناجي هادي خيران رئيسا لأركان الجيش وقاموا بمحاصرة وزارة الدفاع لمنعه من دخوله مكتبه ، وافاد مصدر عسكري رفيع أن مسلحي الحوثيين احتلوا بوابات وزارة الدفاع، وأكدوا أنهم لا يعترفون بقرار الرئيس، وإذا لم يتم إلغاء القرار فإنهم متواجدون بمقر الوزارة ولن يسمحوا لخيران بالدخول ، وأوضح المصدر أنه بعد علم العميد خيران بذلك لم يحضر للوزارة وأتصل باللواء محمود الصبيحي وزير الدفاع الذي طلب منه عدم الحضور للوزارة حتى لا يتعرض للإحراج.
وقد دفع عدم استشارة الحوثيين الذين يعتبرون الطرف الرئيسي حاليا في اليمن من قبل الرئيس اليمني عبدربه هادي منصور بشأن التعيينات العسكرية الى خلق هذه الحالة من التوتر الشديد في وقت يحتاج اليمن الى اتباع الحكمة في اتخاذ القرارات بما يحفظ المصلحة الوطنية العليا ، وتضاف هذه الحالة من التصادم الى عدة مواقف صدرت من جهات داخلية وخارجية في اليمن تدل ان هناك تحرك خلال المرحلة المقبلة للتصادم مع الحوثيين الذين خدموا مصلحة الشعب اليمني حينما ازاحوا الحكومة التي كانت تفرض الأعباء الكبيرة على اليمنيين و حينما واجهوا تنظيم القاعدة الذي كان يذبح الجنود اليمنيين بالعشرات وينفذ عمليات ارهابية في كافة المناطق اليمنية .
وللوقوف على بوادر الحالة التصادمية المقبلة يمكن الاشارة الى بعض المواقف الصادرة في الداخل وخارج اليمن فقد قال وزير الدفاع اليمني محمود أحمد سالم أن القوات المسلحة والأمن هي المعنية دون سواها بالحفاظ على الأمن والاستقرار ، وهذا الكلام يعني بأن وزير الدفاع اليمني غير راض عن الاستقرار الأمني الذي عمل الحوثيون على ارسائه في اليمن حينما بدأوا في الانتشار في صنعاء والمحافظات الأخرى .
وتلتقي تصريحات وزير الدفاع اليمني مع تصريحات السفير الامريكي في اليمن ماثيو تولر الذي قال ان الظروف غير العادية في اليمن ومثلها الضغوط العادية، تفرض على الولايات المتحدة القيام بتدخلات مباشرة، وأن الحرب على تنظيم القاعدة يقع على عاتق الحكومة اليمنية وليست مهمة قوى خارجية أو مليشيات يمنية (وهو يقصد الحوثيين) ، وقد استدعت هذه التصريحات ردا من قبل الحوثيين الذين قالوا ان تصريحات السفير الأمريكي التحريضية يعد تدخلاً سافراً في الشأن اليمني وتخطياً للعرف الدبلوماسي، فالشعب اليمني اسقط في ثورة 21 سبتمبر قوى الفساد والعمالة والإجرام، وأسقط معها الهيمنة والوصاية الخارجية .
وتضاف الى التدخلات الامريكية تدخلات السعودية ومجلس التعاون الخليجي الذين طالبوا خلال قمتهم الاخيرة في الدوحة بانسحاب الحوثيين من المدن اليمنية ووصفوا عمليات الحوثيين في اليمن بالجرائم في حين كان السعوديون ودول مجلس التعاون هم من افشلوا الثورة اليمنية على نظام علي عبدالله صالح ومنعوا انتصارها وعملوا على وأدها ووأد انجازاتها عبر ما سمي بمبادرة دول مجلس التعاون .
وكما كان متوقعا رد الحوثيين على بيان قمه دول مجلس التعاون وقالوا انه يجافي الواقع جملة وتفصيلا ويتجاهل تماما الإشارة إلى ما توصل إليه اليمنيون في 21 سبتمبر الماضي من توقيع اتفاق السلم والشراكة وبإرادة وطنية ثورية شعبية واضافوا ان بيان القمة يعتبر تدخلا واضحا في شؤون البلد ومتسقا مع المشروع الأمريکي الساعي للهيمنة على القرار السياسي في اليمن .
وفيما يبدو ان هناك تظافر وتحالف غير معلن يتشكل شيئا فشيئا ضد الحوثيين في اليمن ، يمكن للمراقب ان يتكهن بطبيعة المرحلة القادمة في هذا البلد وهي مرحلة التوترات والصدامات ، ويبقى الحل المنطقي الوحيد الذي يجنب اليمن مخاطر المغامرات المدفوعة من قبل الاطراف الأجنبية هو التشاور والتنسيق بين الحكومة والجيش اليمنيين وبين الحوثيين وهم الطرف الأقوى حاليا ، وهذا كفيل باحباط محاولات تفجير الساحة اليمنية خدمة لمصالح الطرف الاقليمي والهيمنة الامريكية .