الوقت- یوما بعد يوم يتضح مدى الاذعان الامريكي بالدور المحوري والرئيسي لايران في المنطقة حيث بات الامريكيون يعرفون بأن أي امر في المنطقة لايمكن تحقيقه دون الموافقة الايرانية، وفي احدث القضايا قالت مصادر غربية مطلعة ان امريكا قد ابلغت تركيا ان ايجاد منطقة عازلة في سوريا ليست ممكنة دون موافقة ايران وان الادارة الامريكية تتجنب الخوض في اية قضية تعكر اجواء المفاوضات النووية مع ايران او تعطي ذريعة بيد الايرانيين، فما حقيقة ما دار بين الامريكيين والاراك وهل تستطيع واشنطن اقناع تركيا بالالتزام بحدودها ومعرفة حجمها الحقيقي؟
تقول مصادر دبلوماسية اوروبية انه خلافا لما ذكرته وسائل الاعلام الامريكية حول وجود تقارب في وجهات النظر بين امريكا وتركيا فيما يتعلق بالملف السوري وموضوع التحالف ضد تنظيم داعش التكفيري الارهابي فان الحقيقة ليست هكذا وان الادارة الامريكية قد ابلغت الحكومة التركية بعدم وجود امكانية لايجاد منطقة عازلة داخل الاراضي السورية دون موافقة او اذن ايران وان الادارة الامريكية لاتستطيع تصعيد التوتر بينها وبين ايران.
وکان نائب الرئيس الامريكي جو بايدن قد سافر الى تركيا قبل نحو 10 ايام وحاول حث الاتراك على الانضمام الى الحرب ضد تنظيم داعش وقد ذكرت المصادر الدبلوماسية الاوروبية ان بايدن حاول تفهيم الاتراك بأن الارهاب سيبلع الجميع ولايرحم احدا وانه من مصلحة تركيا ان تشارك في الحرب ضد داعش، لكن الرد التركي كان بأن انقرة مستعدة بشكل كامل للانضمام الى الحرب ضد تنظيم داعش لكن بشرط ان لايساعد ذلك النظام السوري على استعادة المناطق التي خسرها امام الجماعات الارهابية بسهولة.
وقال المسؤولون الاتراك لبايدن انه اذا وافقت امريكا على ايجاد منطقة عازلة ومنطقة لحظر الطيران في داخل سوريا فان تركيا مستعدة لوضع قاعدة انجرليك الجوية تحت تصرف الامريكيين وتقديم اي نوع من الدعم العسكري او اللوجستي الأخر الذي يريدها الامريكيون في الحرب ضد داعش، وقد اعتبر بايدن ان العرض التركي محفز واضاف بانه سينقل هذا العرض الى الرئيس الامريكي باراك اوباما.
وتضيف المصادر الدبلوماسية الاوروبية ان بايدن ابلغ المسؤولين الاتراك بشكل ضمني ان الحكومة الامريكية الحالية تسعى الى تجنب اي موضوع يعكر اجواء المفاوضات النووية مع ايران لكي لاتعطي ذريعة للايرانيين لكي يتخلوا عن الاتفاق النووي ويقوموا بعد ذلك بتوجيه اللوم الى امريكا والغرب.
وتقول هذه المصادر ان بايدن رفض تصريحات اردوغان الداعية الى محاربة النظام السوري واستهداف مواقع الجيش السوري وابلغ اردوغان ان ايران ايضا لديها مصلحة في محاربة داعش كما ان ايران قد سهلت مهمة الائتلاف الدولي ضد داعش بشكل غير مباشر، وتضيف المصادر ان الجانب الامريكي اشار الى التوصل الى تفاهم ضمني مع الرئيس السوري بشار الاسد حصل عبر ايران وهو عدم قيام الدفاعات الجوية السورية والرادارات السورية او الطيران السوري بعرقلة عمل طائرات التحالف الدولي في هجومها على مواقف تنظيم داعش في شمال شرقي سوريا وهذا يعني ان الدفاعات الجوية السورية لن يتم قصفها قبل ايجاد منطقة عازلة على الحدود السورية التركية، کما یعني ایضا بان هناک تفاهم امریکی ایرانی بابعاد النظام السوري وقواته وطائراته عن طائرات التحالف الدولي كما يجري حاليا.
وتضيف المصادر الدبلوماسية ان الجانب الامریکی قال للجانب الترکی اثناء المباحثات العاصفة التي جرت بین اردوغان وبايدن ان عليه ان يتوسط لدى ايران اذا اراد ايجاد منطقة عازلة في سوريا وعندها رد اردوغان قائلا انه لو كان يريد المنطقة العازلة من الايرانيين لما كان يتحدث مع الامريكيين.
وقد اتسمت لقاءات بايدن في تركيا بالاجواء المتوترة ورغم ان تركيا وعدت بانها ستسهل تنفيذ الهجمات ضد داعش لكن واشنطن قد التزمت بتجنب اي مواجهة مع القوات الجوية السورية والنظام السوري لكي تتجنب اثارة غضب الايرانيين وهذا ما اغضب الاتراك ولهذا السبب رأينا بانه بعد انتهاء زيارة بايدن بعدة ايام قام اردوغان باتهام الغرب بأنه لديه اطماع في النفط والذهب والاموال واليد العاملة الرخيصة في المنطقة.
وهكذا قام الامريكيون بافهام اردوغان بان الطرف الرئيسي الذي يجب الاتفاق معه في كل الامور والمواضيع في المنطقة هي ايران التي تمسك بزمام الامور اقليميا.
