الوقت - تجري التحضيرات والإستعدادات لإنعقاد مؤتمر ميونيخ للأمن والمقرر بدء فعاليته في 12 من الشهر الحالي على أن يستمر إلى 14 منه، المؤتمر والذي ينعقد في ولاية بافاريا من ميونيخ الألمانية كان أول انعقاد له في العام 1938 على أثر الخلاف بين المانيا وتشيكوسلوفاكيا وقضى المؤتمر بتقسيم الأخيرة بين كل من المانيا والمجر. مؤتمر العام يشهد مشاركة دولية واسعة من 30 رئيس حكومة ودولة و60 وزير خارجية. ومن المقرر أن يسبق المؤتمر بيوم جلسة مباحثات تمهيدية بين رؤساء بعض الدول المشاركة لبحث الملف السوري. وفي أجواء المؤتمر المزمع عقده ذهبت التحليلات للحديث عن القضايا المنوي تناولها والكواليس التي ترتكز خلفها.
قضايا المؤتمر المعلنة
ما أعلن عنه حول الموضوعات التي سيتناولها المؤتمر هي بالمرتبة الأولى المسألة السورية والحرب الدائرة هناك التي خلقتها دخول الجماعات الغربية التكفيرية إليها، والنزاع الدائر في أوكرانيا والتحرك الروسي حياله، والنظام العالمي وبعض مؤشرات مقدماتية لإنهياره، وعليه لن يغفل المؤتمر النتائج المترتبة عن الحرب في سوريا وبالتحديد أزمة اللاجئين الضخمة التي ترتبت عنها. في الجانب الآخر فمن المقرر تناول موضوع الإنتشار السريع لفيروس إيبولا في غرب أفريقيا وسبل مواجهته والوقاية منه بالإضافة إلى الإرهاب في المجال الإلكتروني، خاصة مع وجود نماذج مؤخراً من هذا النوع من الإرهاب والذي بدأ يوجد حالة من القلق حتى لمؤسسات ضخمة ودول، ومن غير المستبعد أن يتم تداول المسألة المثارة مؤخراً بخصوص ما أقدم عليه النظام السعودي وترتب عليه من أزمة دبلوماسية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، كما ومن الطبيعي أن تجري مباحثات على جانب المؤتمر بين ايران والدول التي وقعت اتفاقاً معها بخصوص رفع الحصار عنها وحقها السلمي بالإستفادة من تقنيات الطاقة المتطورة وسير الإتفاق. وهناك حاجة أمريكية صينية لبحث أزمة بحر الصين الجنوبي بينهما، ولن تغفل قضايا شمال أفريقيا وبالخصوص ليبيا ونيجيريا خاصة مع الحديث عن استعداد أمريكي فرنسي وبمشاركة حلف الناتو الذي يشملهما للتدخل العسكري في ليبيا.
كواليس مؤتمر ميونيخ للأمن
أولاً: تجارب التاريخ تشير إلى أن المؤتمرات والإجتماعات الدولية تأتي كبوابة وفرصة لإجتماع العناصر المؤثرة والدول المستفيدة من الأزمات لطرح المواضيع العالقة بينهما بشفافيتها ووضوحها والذي لا يمكن طرحه في العلن وليس من خلال المؤتمر نفسه وإنما من خلال اللقاءات والمشاورات التي تأتي على هامش هذه المؤتمرات، ففي العام 1938 جاء مؤتمر ميونيخ كترضية غربية بريطانية أمريكية لهتلر وتقديم تشيكوسلوفاكيا هدية له. كما أن هذه المؤتمرات تأتي في سياق العمل التنسيقي لآلية ادارة الصراعات المفتعلة وكيفية التنسيق لما يخدم حفظ مصالح كل منهم دون التأثير على بعضهم البعض. وخلال المؤتمر يتم تداول الإتهامات نفسها التي تجري في العلن ويتم الذهاب بعدها إلى دائرة النقاشات المغلقة لتحقيق الهدف.
ثانياً: في حقيقة الأمر فإن الخلاف بين الأطراف الغربية وبعض الدول المتناغمة مع الغرب ليس حول استمرار العدوان على سوريا من خلال الجماعات الإرهابية أو إيقاف هذا العدوان والذهاب به إلى دائرة النقاش السياسي، وليس الهدف منه عداوة مع النظام السوري، بل إن الساحة السورية تحولت إلى نقطة لتحقيق المآرب. وعليه ليس المنتظر والمعوّل عليه من مؤتمر ميونيخ ايجاد اطار للحل السياسي في سوريا، فالمشكلة من المنظور الأردوغاني التركي والتي تدفعه للذهاب والمشاركة في أي نقاش ومؤتمر بشكل مباشر أو غير مباشر من جنيف إلى ميونيخ أو عدم المشاركة، هو ما يمكن تحقيقه بخصوص القضاء على أي قوة في شمال سوريا وتحويلها إلى نقطة خاضعة لسيطرته وضرب المشروع الكردي فيها الذي يعتبره أردوغان ورقة ضغط مستقبلية يفرضها واقع الأكراد باقليتهم من جهة وطموحاتهم من جهة أخرى وبالتالي تخوف من أن تستخدمها الدول الغربية كأمريكا أو روسيا بوجه أردوغان إذا ما انقلبت الأيام والمصالح. فضلاً عن التوتر الذي قد يحدثه واقعهم وارتباطاتهم، بالإضافة إلى ما حققوه من موقع قوة بوجه جماعات الإرهاب الذي فرضهم كعامل مؤثر على الساحة السورية بالموازاة مع الحدود التركية.
أمريكا في المقلب الآخر أخذت من الملف السوري نقطة لرفع مخزون أوراقها الضاغطة بوجه خصومها من جهة، ونقطة انطلاق لفرض قوة عسكرية لها على الأراضي السورية بموازاة الطموح الروسي بذلك، وهو ما يمكن ملاحظته بوضوح من خلال التنافس في انشاء قواعد ومطارات عسكرية في الشمال السوري. يبقى النظام السعودي الحاكم العنصر الوحيد في الساحة السورية الذي يعول على اسقاط النظام السوري وهو ما جعل منه الطرف الوحيد الذي يتحرك بعكس اتجاه الرياح، في المقابل فإن هذه المؤتمرات بما فيها ميونيخ ما كانت لتظهر الحاجة إليها لولا صمود الشعب السوري ومحور المقاومة الداعم له.
ثالثاً: المسألة التي ستطرح أيضاً على طاولة مؤتمر جنيف ما يتعلق بخصوص الدعوة التي وجّهت إلى الإتحاد الديموقراطي الكردي للمشاركة في مباحثات جنيف التي أجلت إلى الـ 25 من الشهر الحالي، هذه الدعوة هي ما عارضه أردوغان بشدة، لأن هكذا دعوة من شأنها أن تجعل ملف الأكراد في المستقبل يطرح على أنه محوري ومؤثر.