الوقت - يجري الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" زيارات رسمية لدول أمريكا اللاتينية في الفترة ما بين 31 كانون الثاني/يناير - 4 شباط/فبراير 2016، تشمل كلاً من تشيلي والبيرو والإكوادور، ويرافق "أردوغان" في جولته هذه "مولود تشاووش أوغلو" وزير الخارجية، وتأتي الزيارة في سياق تعزيز العلاقات التجارية فيما تسعى تركيا لتنويع صادراتها بعيدا عن الأسواق التقليدية المتعثرة في أوروبا والشرق الأوسط، إلا أن شعوب هذه الدول كان لها رأي آخر بعدم رغبتها باستضافة هذا الضيف "المجرم" حسب وصفهم.
الزيارة تتعثر بغضب شعبي مندد
الضيف الثقيل هو اللقب الذي وسم به الرئيس التركي من قبل وسائل الاعلام المحلية لتلك الدول وحتى العالمية منها، ولم يختلف الشعور بالنسبة للكثير من المواطنين في دول أمريكا الجنوبية من التشيلي والبيرو والاكوادور، حيث اختار "أردوغان" أن يروّج من منابر هذه الدول لسياسته تجاه سوريا، التي يدرك الجميع كم تحظى بتضامن وتأييد من شعوب أمريكا اللاتينية.
فقد شهدت عاصمة الإكوادور " كيتو" تظاهرة ضد "أردوغان" رفعت فيها لافتات كتب عليها العديد من التوصيفات مثل "مجرم" و"حبيب داعش" وأخرى طالبته بالرحيل فيما رفع البعض رسوماً ساخرة من الرئيس التركي.
حرس اردوغان الشخصي يعتدون على الاكوادوريين بالضرب
التظاهرة التي نظمت أمام المعهد الوطني للدراسات العليا احتجاجاً على زيارة الرئيس التركي الذي وصفه البعض بـ "قاتل أطفال سوريا" تواصلت داخل القاعة التي كان يلقي فيها "أردوغان" كلمته فما كان من عناصر حرسه الشخصي إلا أن اعتدوا على إحدى المتظاهرات التي كانت تردد في القاعة عبارة "قاتل" ولم يستطع الرئيس التركي الا أن يقطع كلمته ويغادر بسبب الشعور الواضح بأنه ضيف غير مرغوب به في القاعة لا بل في البلاد كلها.
وأمام المشاهد التي عرضتها وسائل الإعلام المحلية اعترضت وزارتا الداخلية والخارجية الاكوادورية، كما أعلنتا أنهما بصدد رفع احتجاج رسمي على سلوك الحرس الشخصي لأردوغان، واعتبره الاكوادوريون انتهاكاً لقوانين بلادهم واستخفافاً بهم.
للمنظمات الانسانية والمجتمع المدني كلمتها أيضاً
هذا وعلت صرخة غضب أطلقتها المنظمات الإنسانية الإكوادورية أيضاً، مساندة للأكراد في وجه الرئيس التركي، فنددت عدة منظمات إنسانية وحقوقية بزيارة الرئيس التركي إلى الإكوادور على خلفية سياسة التصعيد التي تقوم بها أنقرة في جنوب شرق البلاد ضدّ حزب العمال الكردستاني. والهجوم في جنوب شرق تركيا يشكل تصعيدا جديدا في النزاع المستمر منذ عقود مع حزب العمال الكردستاني بعد انهيار هدنة هشة في تموز- يوليو الماضي. وتفرض السلطات حظر تجول منذ ستة أسابيع على "جيزري" بالتزامن مع استمرار الجيش التركي في حملة لا هوادة فيها ضد الحزب الكردي.
من المؤكد أن ما حدث خلال هذه الزيارة سيجبر "اردوغان" على اعادة حساباته في سياسة بلاده الخارجية، وفي ظل ما حدث لا يمكن الا نطرح التساؤلات التالية: هل تحقق هذه الزيارة أهدافها المرسومة؟ وهل تتعزز العلاقات التركية مع دول أمريكا اللاتينية اقتصادياً كما روجت وزارة الخارجية التركية على صفحتها الالكترونية ؟ أم أن تداعيات الرفض الشعبي وما أقدم عليه حرس أردوغان الشخصي من تعدٍّ على المواطنين المحتجين سيرسم حذراً رسمياً يحول دون تطور العلاقات الثنائية مع تركيا؟