الوقت - لم يستفق العالم من هول الكارثة التي احدثها فيروس إيبولا القاتل في السنين الماضية حتى ظهر فيروس جديد يدعى "زيكا" والذي شكل تهديداً للعديد من دول العالم وكانت آثاره الأخطر بالتشوهات الخلقية التي لوحظت عند المواليد الجدد في هذه الدول، وكان له نتائج كارثية وغير مضبوطة، ما دفع العديد من دول العالم لاعتباره كارثة صحية تهدد مجتمعات هذه الدول، ودفعها للقيام بالعديد من الاجراءات الاحترازية المشددة للوقاية من عدوى هذا الفيروس.
زيكا تهديد عالمي وخطر متفاقم
أصاب هذا الفيروس ما بين 500 ألف و 1.5 مليون شخص في البرازيل لحد الآن، وبحسب خبراء منظمة الصحة العالمية، انتقل الفيروس إلى أكثر من 20 دولة في المنطقة ومن ضمنها اكثر من 6 دول عربية معرضة لهذا الفيروس الخطر وهي: مصر، السعودية، السودان، اليمن، الصومال، باكستان، جيبوتي. ويعد لبنان البلد العربي الأول الذي يواجه خطر ظهور هذا الفيروس، بسبب وجود جاليات لبنانية كبيرة في القارة الإفريقية، والبرازيل، البلد الذي عاد لينتشر منه الفيروس بعد سبات دام حوالي 10 سنوات.
فهل يجب اعتبار انتشار فيروس "زيكا" حالة طوارئ صحية على نطاق دولي؟ هذا هو السؤال الذي طرحته منظمة الصحة العالمية الاثنين الماضي.
وقالت المنظمة إن هناك "شكوكا قوية" بوجود علاقة سببية بين فيروس زيكا الذي ينقله البعوض وارتفاع حالات صغر الرأس عند المواليد الجدد.
وأشارت الدكتورة مارغريت تشان، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، أن زيكا انتقل "من مرحلة التهديد البسيط إلى التهديد المثير للقلق"، ووصفته بأنه "أمر مفجع"، مضيفة أن "هناك تخوفًا من إمكانية انتشاره على المستوى العالمي".
وتابعت "اتفق الجميع على الحاجة لتنسيق الجهود الدولية للتقصي وفهم هذه العلاقة بصورة أفضل".
وقالت تشان إن "الخبراء اعتبروا أن أنماط التفشي الأخير والانتشار الجغرافي الواسع لأنواع البعوض التي يمكنها نقل الفيروس وغياب اللقاحات واختبارات التشخيص السريعة والموثوقة وعدم توفر المناعة لدى السكان في البلدان المصابة حديثا، كلها تشكل أسبابا إضافية للقلق".
وأضافت أن "الأعداد الكبيرة لحالات صغر الرأس وغيرها من المضاعفات العصبية تمثل حدثا استثنائيا وتهديدا للصحة العامة في أجزاء أخرى من العالم".
هذا ويجدر بالذكر أن منظمة الصحة العالمية قد تعرضت لانتقادات العام الماضي لتأخرها في التعامل مع وباء الايبولا بغرب افريقيا الذي أودى بحياة أكثر من عشرة آلاف شخص خلال عامين بعد ان تعهدت المنظمة بسرعة مواجهة الوباء. فهل تستطيع منظمة الصحة العالمية مواجهة هذا الفيروس قبل فوات الأوان.
فما هو فيروس "زيكا"؟
ينتمي فيروس زيكا إلى جنس الفيروسات المُصَفِّرَة، وينتقل إلى الأشخاص عن طريق لسع البعوض الحامل للمرض من جنس الزاعجة، لا سيما الزاعجة المصرية في المناطق المدارية، وهي البعوضة نفسها التي تنقل حمى الضنك والشيكونغونيا والحمى الصفراء.
وقد اكتُشف فيروس زيكا لأول مرة في أوغندا في عام 1947 في قرود الريص بواسطة شبكة رصد الحمى الصفراء الحرجية، ثم اكتُشف بعد ذلك في البشر في عام 1952 في أوغندا وجمهورية تنزانيا المتحدة. وقد سُجلت تفشيات فيروس زيكا في أفريقيا والأمريكيتين وآسيا والمحيط الهادئ، وفقا لمنظمة الصحة العامة.
ما هي عوارض فيروس زيكا؟
إن فترة الحضانة لفيروس زيكا غير واضحة، ولكنها تمتد على الأرجح لعدة أيام. وتشبه أعراضه أعراض العدوى بالفيروسات الأخرى المنقولة بالمفصليات (مثل عوارض مرض الأنفلونزا)، وتشمل الحمى والطفح الجلدي والتهاب الملتحمة والألم العضلي وآلام المفاصل والتوعك والصداع. وعادة ما تكون هذه الأعراض خفيفة وتستمر لمدة تتراوح ما بين يومين و7 أيام . وتشير "آميش آدالجا" المتحدثة باسم جمعية الأمراض المعدية الأمريكية إلى "أن واحداً من كل 5 أشخاص مصابين بالفيروس تظهر لديهم هذه العوارض، في حين أنَّ الغالبية العظمى لا تظهر عليها أية عوارض على الإطلاق"، وأضافت: "نادراً ما يسبب هذا الفيروس تعقيدات كبرى، ولم يكن يعتبر أنه مرض معدٍ حادّ حتى الآن". ولكن في حالات نادرة، ارتبط "زيكا" مع متلازمة "غيلان باريه"، أي اضطراب المناعة الذاتية الذي يمكن أن يسبّب شللاً جزئياً أو كاملاً في بعض الأحيان.
كيف تتم معالجة هذا الفيروس الخطر؟
لا يوجد علاج لفيروس زيكا حتى الآن وهناك محاولات كثيرة للعلماء في كلية الطب بجامعة تكساس الأمريكية، لإنتاج لقاح للفيروس. وزار الباحثون الأمريكيون البرازيل لإجراء أبحاث وجمع عينات، ويعملون الآن على تحليلها بمختبرات في ولاية تكساس الأمريكية.
وقال العلماء إن مصل الوقاية من الفيروس قد يكون جاهزًا للاختبار في غضون عامين، لكن الأمر قد يستغرق عقدًا من الزمان لكي يكون متاحًا للاستخدام.
لكن حتى الان لا يوجد سوى إجراءات اتخذتها منظمة الصحة العالمية للحماية من هذا الفيروس جاءت على لسان أحد ممثليها بـ : "ما أنصح به، هو ضرورة الحذر من لسعات البعوض عبر تغطية الجسم بثياب طويلة، خاصة خلال فترة النهار، وهو الوقت الذي يميل فيه هذا النوع من البعوض إلى اللسع. من المعروف أن ظاهرة تخزين المياه منتشرة في العديد من الدول العربية، لذلك ينصح بالتخلص منها كإجراء وقائي. وفي الختام، يجدر زيارة الطبيب عند الإصابة بوعكة صحية، وذلك لقطع الشك باليقين".