خاص - الوقت - منذ احداث 11 ايلول/ سبتمبر 2001 والعالم کله منشغل بمحاربة ما يسمی بالارهاب و لايخفی علی احد ان هذا الارهاب انتشر کالنار في الهشيم وسيطر علی امکنة کبيرة و کثيرة في کل انحاء العالم ابتداء من افغانستان عبر ما عرف بتنظيم القاعدة ليتمدد الى ما تبقی من الدول و عبر تسميات مختلفة من "القاعدة" و " طالبان" و" داعش" و"النصرة" و غيرها و تحت عنوان واحد" الارهاب". و لا يخفی ايضا ان الدول مجتمعة دون استثناء تسعی للدفاع عن نفسها بالدرجة الاولی و المنطقة بالدرجة الثانية لدفع هذا الواقع الاليم الذي اضحی يخيم علی المنطقة باسرها . بدورها و اسوة بالدول المجاورة تسعی باکستان لابعاد هذا الخطر عنها بعد ما دق ناقوسه علی اراضيها من خلال رسومات و عبارات "داعشية" وجدت علی جدرانها . فمن هو المسؤول عنها و لمن وجهت هذه العبارات ؟ ومن هو الذي يسعی لنشر "الارهاب" في المنطقة الخضراء؟
بالرغم من ان باکستان لا تمتلک خیرات طبیعیة هائلة خاصة في مجال البترول، لکن هذا البلد له مکانة خاصة و استراتیجیة تجعل الامریکیین بحاجة الیه علی الدوام ولهذا نری دائما التطورات الباکستانیة مهمة بالنسبة لواشنطن. کما ان بامکان باکستان الاخلال بالامن في افغانستان مما سیوثر ذلک بشکل مباشر علی القوات الاجنبیة خاصة الامریکیة منها التي تتواجد علی الاراضی الافغانیة و علی مصالحها هناک ولهذا تحاول الحکومة الامریکیة ان تکون لها علاقات قریبة مع القادة العسکریین والسیاسیین في باکستان .
من جهة اخری تشیر الخطة الاستراتیجیة الامریکیة لعام 2030 الی أن باکستان ستکون دولة ضعیفة وهذا ان دل علی شيء فانه یدل علی أن واشنطن تحاول اضعاف باکستان خلال الفترة القادمة من خلال ایجاد الصراعات والحروب الطائفیة والعرقیة بین مکونات المجتمع الباکستاني وکذلک خلق صراعات طاحنة بین الجیش والحرکات الباکستانیة. و تعتبر واشنطن الساحة الباکستانیة، ساحة خصبة لانماء الارهاب وتصدیره الی الدول التي لا تسیر في فلک السیاسات الامریکیة کـسوریا او ايران او لبنان او غيرها. حیث تؤکد التقاریر في هذا الصدد أن امیرکا ومن خلال تعاون استخباراتها مع الاستخبارات السعودیة تعمل علی تدریب بعض الجهات الارهابیة في باکستان لارسالها الی سوریا ودول اخری تعادي واشنطن. و حتی تستطيع امريكا الوصول الی اهدافها لا بد من ذريعة تسمح لها بالتدخل العسکري علی الاراضي الباکستانية او علی الاقل الاخلال الامن الباکستاني مما يسمح لها بتمرير مخططها و حمايت مصالحها في افغانستان و من الافضل من " الطفل الاميريکي المدلل داعش" للوصول الی الهدف، من هنا بدات الحرکات المتطرفة الارهابية عملها في باکستان في الاعوام الاخيرة.
وبشكل عام ان معظم الخبراء يرون أن باكستان هي ملاذ آمن للمسلحين، وذلك بسبب مشاركة الجماعات الإرهابية المتطرفة العنيفة في البلاد او ربما لعدم وجود أي قيود على الأنشطة فيها. و يقر العديد من الخبراء صعوبة معرفة عدد المجموعات الارهابية التي تعمل في البلاد بدقة، ولكن يعتبرون و بشکل عام ان هذه المجموعات تقسم إلى خمس فئات .
1. الجماعات الطائفية:مثل "فيلق الصحابة" و "فرقة القتال" .
2. الجماعات المناهضة للهند: الجماعات التي يدعمها الجيش الباكستاني ووكالات الاستخبارات؛ مثل "فرقة طيبة" و "جيش محمد".
3. حركة طالبان الأفغانية: الحركة الأساسية لطالبان بزعامة "الملا محمد عمر" من قندهار.
4. حركة طالبان الباكستانية: متطرفون يعيشون في المناطق القبلية في البلاد، مثل "بيت الله محسود" رئيس قبيلة محسود في جنوب وزيرستان، وغيره
5. تنظيم القاعدة والجماعات التابعة لها.
ولا شک ان محاولات إدخال داعش إلی باکستان يبدا عبر الحرکات و الجماعات الطائفية وبما أن "طالبان" والتي کانت تعتبر من اقوی الجماعات الارهابية في باکستان تعاني منذ فترة من خلافات داخلية أدت الى انشقاق عدد من قادة الحركة، وتشكيل جماعات مسلحة منفصلة، فان فيلق الصحابة يعد الاقرب للوصول الى هذا المبتغى ) وهذا الفيلق هومنظمة تأسست في مدينة جهنغ علي يد الملا جهنغوي في بدايات ثمانينات القرن الماضي وهدفها الرئيسي القضاء على التأثير الإسلامي الشيعي في باكستان بعد الثورة الإسلامية في إيران . کانت المجموعة ناشطة خصوصا في افغانستان في عهد نظام طالبان 1996-2000 ثم عاد قسم من أعضائها إلى باكستان بعد سقوط طالبان في خريف العام 2001 م.و قد أتهمت الحكومة الباكستانية المنظمة بقيامها بنشاطات طائفية وعرقية، وأصدرت على أثر هذه الاتهامات قرارا بحظرهم .
و يعتبر بعض المواطنين الباکستانين ان تنظيم داعش قد دخل الی باکستان عن طريق هذه الجماعة " فيلق الصحابة" و لا يخفي قلق البعض من هذا التواجد الجديد للارهاب ولکن بالمقابل تسعی الحکومة الباکستانية لطمانة مواطنيها عبر اضعاف احتمال تواجد داعش في باکستان مع ان التقارير غير الرسمية تؤکد القبض علی 8 اشخاص من هؤلاء الارهابيين الذين قاموا بنشر الشعارات المؤيدة لداعش.
من طرفه اکد رئيس الحکومة الباکستانية" نواز شريف" في زيارته الی المانيا ان خبر تواجد داعش علی الاراضي الباکستانية غير صحيح مضيفا انه وان کان بعض المتطرفين في باکستان يدعمون داعش و لکن هذا لا يؤثر علی امن و استقرار باکستان و هذا ما يتبناه ايضا وزير الداخلية الباکستاني" شودري ثناء علي خان" الذي يعتبر ان بلاده خالية من ما يعرف بتنظيم داعش ولکن بعض المجموعات المتطرفة في هذه الدولة تعمل تحت عنوان داعش و يؤکد علی ذلک ايضا "برويز رشيد" وزير الاعلام الباکستاني.
ورغم کل التاکيدات من اطراف مختلفة من قبل الحکومة الباکستانية لاضعاف احتمال تواجد داعش علی اراضيها يبقی هذا الخوف واضحا عند الشعب الباکستاني متسائلا عن سبب اغماض الحکومة اعينها عن هذا التنظيم في بلادهم و تجاهل اعمال هذه المجموعات ، و يطالب حکومته بالقبض علی الذين قاموا بنشر هذه العبارات الداعشية علی اراضيهم . فهل ستنزل الحکومة عند مطالب شعبها و تقبض علی الارهابيين ام ان" داعش" ستبرز نفسها من جديد في هذه المنطقة، وحدها الايام کفيلة في وضع حد لکل هذه التساؤلات...