الوقت - إنهم أطفال مثل كل أطفال العالم - هكذا يفترض - لا يحلمون بأكثر من عودة إلى منازلهم ليجدوها في أماكنها، ويجدوا كتبهم ودفاتر دروسهم على حالها ليستعدوا لبدء يوم جديد في مدرسة ليس فیها أكثر من لوح ومقعد للدراسة بجوار أصدقاء صغار يحلمون معهم بمستقبل هادئ مشرق بالامل، ويلعبون سوياً لعبة جميلة، اطفال ما کان لهم ذنب في هذه الحیاة الا انهم ولدوا فلسطینیین و تهیؤوا لیصرخوا من صغرهم ان الارض ارضهم ولا بد یوما یسترجعونها ولکن ما ان ابصروا النور حتی اصبحوا فی مرمی نیران عدو غاشم لا یرحم ولا یفرق بین صغیر و کبیر، بین امرآة ورجل او حتی طفل رضیع و في النهایة یقول رئيسهم:" الجيش الإسرائيلي جيش "أخلاقي" ولا يستهدف المدنيين".
ورغم أن مثل هذه الأكاذيب تنطلي على الرأي العام العالمي بفضل قوة الإعلام الصهیوني ومهارته في تصوير الحرب الدائرة في فلسطین وفق التصور الذي يحقق أهدافه، إلا أن الواقع الاجتماعي یفضح حقيقة المشاعر الإسرائيلية التي لا تفرق بين مدني وعسكري فلسطيني، ولا ترى أي مانع في قتل اي طفل فلسطيني، ربما كان قبل موته بلحظات، يحلم بما سيصبح عليه في المستقبل، والفتاة التي سيختارها زوجة له لتكوين أسرة صغيرة.
تعود أول حادثة موثقة قام فيها الجيش الإسرائيلي بقتل أطفال فلسطينيين إلى نوفمبر عام 1950 حينما تم إطلاق النار على ثلاثة أطفال فلسطينيين تبلغ أعمارهم 8 و10 و12 عامًا من قرية يالو وقد وقعت الحادثة بالقرب من دير أيوب في منطقة اللطرون ووفقًا لشهود عيان، فإن "رجلاً واحدًا فقط هو الذي أطلق النار عليهم من مدفع رشاش إلا أن أحدًا من أفراد كتيبته لم يحاول التدخل".و تشیر التقاریر الی أن أصغر من أجري التحقيق معه بالقدس محمد زين الماجد 4 سنوات ويسكن ذووه في حارة السعدية وفي جدال والده مع الجنود الذين أتوا لإعتقاله قال لهم هل أعطيكم رضاعته وحفائضه.
عملية قتل الأطفال الفلسطينيين لدى العنصرية الصهيونية تعود لتعليمات دينية وتوراتية تصدر على شكل فتاوى من عدد معروف من قبل حاخامات المستوطنات بالدرجة الأولى ومن باقي الحاخامات الآخرين وأشهرهم الحاخام أفيحاي رونسكي حاخام مستوطنة يتسهار قرب نابلس والذي كان قد شغل الحاخام الأكبر للجيش و أتى باصطلاح العماليق (أي الغرباء عن الشعب اليهودي) وكان قد أوصى جنوده في حرب 2008 على غزة بأن لا تأخذكم رحمة بالعماليق الفلسطينيين وكان قد صدر له ولمساعده كتاب وصايا جاء فيه يا شعب الله المختار تعال أعلمك كيف تقتل الأغيار( اشارة منه الی اطفال فلسطین)..حیث جاء فیه:" يجوز لليهود قتل الأطفال الفلسطينيين الرضع منهم لإنهم عندما يكبرون سيحاربون اليهود مثل أبائهم"، كما جاء فيه:" واقتلوا النساء والرجال والجمال والغنم والحمير."
ومن خلال جولة صغيرة على عدد من حسابات الإسرائيليين علی مواقع التواصل الاجتماعي ترصد مجموعة من الإسرائيليين والإسرائيليات، يعلنون بكل وضوح عن رغبتهم في قتل كل الفلسطينيين، حتی أطفالهم، بدون رحمة، بل ويعتبرون كراهية الفلسطينيين أمرا آلهيا تقتضيه العقيدة اليهودية. فهذا یقول: “إن كراهية العرب ليست اضطهادا، ولكنها أمر من الرب”. بينما يقول آخر: “نحن نشن هذه الحرب كي تكون هذه الأرض ملكا لنا وحدنا بدون وجود أي عرب”. وتقول أخرى: “إقتلوا كل أطفال العرب، فبذلك لن يكون لديهم جيل جديد”!.
ومن هنا یظهر الکابوس الصهیوني "الجیل الجدید" لذا لا مبالغة بالقول ان الجريمة الصهيونية ضد اطفال فلسطين منهجية، مبنية عن سبق تخطيط وترصد، معززة بثقافة المذابح وكمائن الموت وجرائم القنص لاطفال فلسطين، و لذلک يدعون لقتل الأطفال باستمرار، خوفا من بندقیة مستقبلیة یرفعها الطفل اذا کبر، ويسعون بذلك لنشر ثقافة تظهر جليا من خلال تقریر اعدته القناة الثانیة الاسرائیلیة عن سلسلة تعليقات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، من بينها تعلیق لموظفة كبيرة في وزارة القضاء الصهيونية تحرض علی قتل مزيد من الأطفال الفلسطينيين. ويقول موقع القناة في تقريره إن جميع التعليقات علي الصفحات 'الإسرائيلية' عنصرية تحرض بشكل واضح وتدعو لقتل الأطفال الفلسطينيين حيث تقول : 'أفضل حتی لو لم تلدهم أمهاتهم'.
اذا فهو تراث هائل من الفكر الارهابي الاجرامي الدموي الصهيوني يقف وراء الخطط والحملات والاجتياحات الحربية الدموية المنفلتة، وعقول جنرالات ومفكرين وباحثين استراتيجيين خائفون من ان تتحول بنادق الالعاب الی بنادق حقیقیة تحصد رؤوسهم، و فتاوى تتحول الى تعليمات عسكرية قائمة علی القتل والابادة الجماعیة، فالادبيات والنوايا المبينة والخطط والجاهزية الاجرامية كلها قائمة لديهم علی حصد اكبر عدد من اطفال فلسطين. فكان لهم ما خططوا وبيتوا له بعد صمت مخز من اعراب ما عرفوا من العروبة الا اسمها...