الوقت- مهند الحلبي ابن الـ 19 ربيعاً ابن ضاحية الريحان في رام الله, الولد الثاني لعائلة الحلبي ويعتبر مهند الأكثر هدوءًا ورزانه بين إخوته الخمسة. مهند طالب كلية الحقوق بجامعة القدس دائماً ما كان يتحدث عن العودة الى يافا مدينة أجداده التي هُجّروا منها عام 1948 والتي بقيت حسرة في قلبه كلما ذكرها.
ليست فقط يافا التي كانت تشغل حيزاً من اهتمام مهند بل فلسطين بأكملها كانت محل إهتمامه وبالأخص القدس, فما يجري في القدس من ممارسات لجيش الكيان الاسرائيلي وإعتداء على المقدسات والمصلين أمرٌ أثر في مهند كثيراً حتى أصبح القدس وما يجري فيه حديثه اليومي.
نقطة التحول في شخصية مهند كانت باستشهاد زميله في الجامعة ضياء التلاحمة على أيدي جنود الكيان الاسرائيلي, عندها قام مهند وأمام جميع زملائه بتهنئة والد ضياء باستشهاد ولده وهمس في أذن والد ضياء قائلاً: "سنثأر له إن شاء الله".
كان يرى مهند في إعتداءات الكيان الإسرائيلي واعتدائه على المسجد الأقصى والمصلين فيه والنار التي تشتعل غضباً في صدور شباب وشيب القدس وفلسطين بأنها ستنتج ثورة وتؤدي الى إيجاد انتفاضة ثالثة وهذا ما تذكره أمه التي قالت: بأنه كان واضحاً في كتاباته على صفحته الشخصية في الفيس بوك حينما كتب "حسب ما أرى فإن الانتفاضة الثالثة قد انطلقت، ما يجري للأقصى هو ما يجري لمقدساتنا ومسرى نبينا وما يجري لنساء الأقصى هو ما يجري لأمهاتنا وأخواتنا، فلا أظن أن شعب يرضى بالذل".
قبل يوم من تنفيذ عملية الطعن قام مهند بوداع والدته وتقبيلها وتقبيل إخوته عندها لم تعلم والدته بأنه كان يودعهم ليقوم بأمر ما وفي الثالث من أوكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي نفذ مهند الحلبي عملية طعن أدت الى قتل اسرائيليين وإصابة آخرين في حي باب الواد القريب من المسجد الأقصى, حيث كانت هذه العملية هي الشرارة للعشرات من عمليات الطعن الأخرى والتي أوقدت القدس وأدت الى انتفاضة فلسطينية ثالثة.
بعد سماع خبر استشهاد مهند مفجر انتفاضة القدس ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بآخر ماقاله ونشره حيث أنه وجه رسالة الى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قبل ثلاثة أيام من استشهاده قائلاً: كلمة جميلة أيها الرئيس، لكن عذراً، نحن لا نعرف قدس شرقية وغربية، فقط نعرف أن لنا قدساً واحدة غير مقسمة، وكل بقعة فيها مقدسة".
وأضاف: "وعذراً يا رئيس، فما يحدث لنساء الأقصى والأقصى لن توقفه الطرق السلمية، فما تربينا على الذل، والدفاع عن حرمة الأقصى ونسائه هو شرفنا وعرضنا، والدفاع عنه بأي شكل أو وسيلة يعدّ قانونيا". وختم الشهيد مهند حلبي منشوره قائلاً: "أشكر جهودك حضرة الرئيس".
يقول أحد شهود العيان الذي كان موجوداً وقت العملية "بأن مهند دخل الى دكانتي وطلب مني ولاعة استغربت لأنه لم يكن يحمل سيجارة في يده, سألني عن الوضع في الأقصى وخرج عندها سمعت أصوات المستوطنين وهم يصرخون, خرجت بسرعة فرأيت مهند يطعن أحد المستوطنين بهدوء ويأخذ مسدسة ويطلق النار على آخر قبل أن يصل جنود الكيان الإسرائيلي ويطلقون النار عليه...لم أرى في حياتي أحداً أكثر منه جرأة."
وعلى أثر العملية التي قام بها الشهيد مهند والتي ألهمت الكثير من الشباب العرب والفلسطينيين وذكرتهم بأن عدونا مازال موجوداً جاثماً على صدر فلسطين والأمة العربية, قامت قوات الاحتلال اليوم السبت 9/1/2016 بهدم منزل الشهيد الحلبي الذي يقع في رام الله في الضفة الغربية, وذكر والد الشهيد بأن أعداداً كبيرة من قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحمت المنزل وأغلقت كل الطرق المؤدية إليه قبل البدء بهدمه.
وأضاف والد الشهيد قائلاً "أخلينا المنزل منذ مايقارب الشهرين ولكن عندما سمعنا بقرار الهدم أتينا الى هنا لمنعهم من ذلك ولكنهم اعتدوا علينا وأهانونا بالإضافة الى أنهم منعونا من الاقتراب من المنزل, وقامت في تلك الأثناء اشتباكات بين بعض الشباب الفلسطينيين وجنود الكيان الاسرائيلي على خلفية هدم منزل والى الشهيد.
يذكر بأنه منذ بدء انتفاضة القدس التي فجرها مهند استشهد 150 فلسطيني وأصيب مايقارب الـ 150 ألف فلسطيني آخر على أثر استخدام جنود الكيان الإسرائيلي للرصاص الحي والمطاطي أو نتيجة الإختناق بسبب الغازات المسيلة للدموع.