الوقت – رغم الفارق الزمني بين الجريمتين الكبيرتين تذكرنا عملية اعدام الشيخ المجاهد آية الله نمر باقر النمر رحمة الله عليه باعدام المرجع الديني المجاهد آية الله السيد محمد باقر الصدر وشقيقته بنت الهدى رحمة الله عليهما في عام ١٩٨٠ عندما شعر البعثيون المجرمون بالخطر من احتمال امتداد الثورة الاسلامية الايرانية الى العراق وهاجموا ايران ايضا بعد ٥ شهور من ارتكاب جريمتهم الكبرى.
وقد كانت لتلك الجريمة البشعة التي ارتكبت في العراق اصداء فقط في ايران وتم التكتم عليها في العراق ولم تهتم بها وسائل الاعلام العالمية في حينها لكن اصداء جريمة اعدام الشيخ نمر باقر النمر قد انتشرت منذ الساعات الاولى في كل انحاء العالم وابدت منظمات حقوق الانسان الدولية ردة فعل تجاهها وقبحت هذا الفعل الشنيع.
ان نبأ اعدام السيد محمد باقر الصدر لم يتصدر الاخبار العالمية في عام ١٩٨٠ لكن الان تصدر خبر اعدام آية الله النمر تصدر الانباء في المنطقة واصبح في عداد اهم الاخبار العالمية لكن هناك فارق آخر فصدام لم يكن يدعي الاسلام بل كان بعثيا ويدعي العروبة وما شابه ذلك لكن آل سعود يسمون انفسهم باسماء اسلامية مثل خادم الحرمين الشريفين فكيف يقبلون على اعدام رجل دين مسلم يحترمة ٢٠٠ مليون مسلم شيعي على الاقل.
ويعلم حكام آل سعود جيدا ان صدام عندما ارتكب تلك الجريمة لم يكن يتوقع ردا ايرانيا عليها لكن الرياض الان متورطة في اكثر من جبهة من اليمن الى البحرين وسوريا ووصولا الى لبنان واذا تم اتخاذ قرار بالرد على السعودية فإن المجال المتاح من أجل ذلك هو مجال واسع.
ان المجرم صدام قد استغل توتر العلاقات الايرانية الامريكية في عام ١٩٨٠ على خلفية اقتحام السفارة الامريكية في طهران ليرتكب جريمته بحق ذلك العالم الرباني المجاهد لكن الجريمة التي ارتكبها آل سعود الآن ياتي في وقت اتفقت فيه ايران والغرب على حل الملف النووي الايراني وقيام وزير الخارجية الامريكي جون كيري بارسال رسالة الى نظيره الايراني محمد جواد ظريف بعد وضع الكونغرس الامريكي لعقبات امام من يسافر الى ايران وقد رأى الجميع ان كيري لايحترم نظيره السعودي عادل الجبير بقدر ما يحترم ظريف.
وتحظى ايران اليوم بتجربة وخبرة دولية عمرها من عمر الثورة الاسلامية بينما برهن الفريق الحاكم في السعودية على عدم نضجه في التعاطي مع الملفات التي يواجهها، فآل سعود كانوا يظنون بأنهم سيذكون نيران الخلافات بين الشيعة والسنة باعدام آية الله النمر لكن ورغم قيام بعض الاشخاص بمهاجمة السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مشهد فإن موقف قائد الثورة الاسلامية آية الله العظمى السيد علي الخامنئي كان واضحا في هذا المجال حينما قال ان هذه الجريمة مدانة ليس بسبب اعدام عالم دين شيعي بل بسبب انتهاك حقوق الانسان وعلى الذين يقولون بأنهم صادقون في الدفاع عن حقوق الانسان والعدالة ان لايمروا من هذه الجريمة مرور الكرام.
ان تأكيد ايران على القيم العالمية في العصر الحديث بدلا عن الخلافات الطائفية وحصر القضية في سياق التوتر الاقليمي واتباع سياسة خفض التوترات في السياسة الخارجية يمكن ان يضع طهران في موقف ومكانة دولية أفضل من موقف ومكانة الرياض ويحشر السعودية في الزاوية على الساحة الدولية.
ان الانتخابات التي ستجريها ايران بعد شهرين من الان هي فرصة لاظهار حقيقة واضحة للعالم بأن هناك قراءة مختلفة عن قراءة السعوديين وحلفائهم عن الاسلام، فقراءة السعوديين لاتتحمل اي تطور وعصرنة وتعتقد انه يمكن الاستفادة من التقنيات الحديثة والعيش في الرفاهية الى جانب كم الافواه بطريقة جاهلية فيما تقول قراءة الايرانيين انه يجب الاعتراف بالجماهير واصواتهم في الثورة الاسلامية.
واخيرا نقول ان صدام قد عمد الى تصفية السيد محمد باقر الصدر لكنه دفع ثمن ذلك والآن اعدم الملك سلمان آية الله السيد نمر باقر النمر ويجب عليه ان ينتظر الرد على فعلته التي لن ينجو من عواقبها مهما طال الزمن أو قصر.