الوقت ـ تتداول وكالات الأنباء العالمية أخباراً عن قيام تنظيم داعش بتدريب طيارين على استخدام طائرات قيل إن التنظيم حصل عليها من مطار الطبقة العسكري في سوريا، كما إحدى صفحات داعش على مواقع التواصل الاجتماعي "تويتر" نشرت تأكيداً للخبر بـ تغريدة قال فيها التنظيم "الدولة الإسلامية تجبر الطيارين الذين تم إلقاء القبض عليهم من مطار الطبقة العسكري على تدريب عناصر الدولة الإسلامية على الطيران."
و في خبرها قالت قناة روسيا اليوم إن التدريبات تتم على أيد طيارين سابقين في الجيش العراقي الذي حلّ بعد انتهاء حكم الرئيس السابق للعراق صدام حسين، وبأنها تنفذ في مطار قريب من حلب و نقلت عن شهود عيان إن الطائرات فعلاً أقلعت عدة مرات في طلعات تدريبية.
الجيش الأمريكي و دون أي مبرر سارع لنفي علمه بهذه الطلعات، وكأنه يستبق توجيه الاتهام إليه بتدريب عناصر التنظيم على استخدام الطائرات، فـ بماذا تفكر إدارة البيت الأبيض..؟.
إحدى قواعد الحرب الحديثة تقول بأن من يملك الجو يملك المعركة، و لكن لعلم داعش بأن قدرته على استخدام سلاح الجو محدود حتى و إن تمكن من دفع عناصره إلى السماء، فهو لا يمتلك القدرة اللوجستية للاستمرارية هكذا عمليات، فالوقود و السلاح لن يكون متوافراً بالنسبة له، و أي محاولة لمد التنظيم لوجستياً للإبقاء على طلعاته الجوية تحت ذريعة ما سيقال بأن التنظيم سيطر على الذخيرة الحربية و الوقود من مطار الطبقة و غيره، لن تكون كافية لإقناع المجتمع الدولي وعليه فإن أمريكا لن تغامر بهكذا مشروع خاصة و إنها تدرك أن الدفاعات الجوية السورية قادرة على إسقاط هذه الطائرات بعد إقلاعها بوقت قصير.. فما الذي يخطط له التنظيم ومن يدعمه..؟.
بالعودة إلى عملية إخلاء الطبقة، فإن كلام التنظيم عن "اغتنامه" طائرات و ذخائر جاهزة للعمل خارج إطار التصديق، فحتى التسجيلات التي بثها التنظيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي تظهر بإن الطائرات الحربية التي حصل عليها التنظيم هي من الطائرات المنسقة و التي تعتبر خارج الخدمة، وما بقي من طائرات يمكن اعتبارها صالحة للتشغيل تحتاج إلى عمليات صيانة تستلزم قطع غيار و فنيين مختصين، فمن أين حصل تنظيم داعش على هذه المعدات و الخبرات ..؟. الإجابة على الأسئلة الكبرى التي يطرحها الخبر بغض النظر عن مدى صدقيته هو إن منهجية التفكير لدى تنظيم داعش ما زالت ترتكز على التخويف و التهويل الكبير، و ما زالت منهجية الولايات المتحدة الأمريكية تقوم على هدم الدولة السورية من الداخل عبر التنظيم و تطوير عملياته الإرهابية في سوريا ليكون لانتحارييه القدرة على استخدام السماء بغية الوصول إلى نقاط متقدمة في القطع العسكرية أو المناطق المدنية عبر الطيران، هكذا يراد أن تصل الصورة إلى المواطن السوري، لهدم إحساسه باقتراب الحسم في مناطق عدة من الأراضي السورية.
فإن كان الخبر صحيحاً، فأن هذا يكشف مدى عمق العلاقة بين البيت الأبيض و "خلافة أبو بكر البغدادي" و لا يحتاج الأمر لواسطة تركيا، ويؤكد الخبر في حال صحته بأن المخابرات الامريكية هي من أوصلت التنظيم إلى خيار استخدام الطيران الحربي عبر تجهيزها له بما يلزم لهكذا عمليات، ومن ثم يصار إلى تأزيم الوضع أكثر في سوريا، على الأقل سياسياً من خلال استخدام هذه الورقة ( طيران داعش) كمبرر لجر مجلس الأمن نحو فرض منطقة حظر طيران في شمال سوريا وفق ما تشتهي تركيا و من معها من كيانات خليجية تشتهي هدم الدولة السورية، كما إن الخبر يذهب بالأزمة السورية نحو احتمالات كشف سوريا عن طبيعة الدفاعات الجوية التي تمتلكها لصد هجمات داعش جوياً، وفي هذه الحال ستكون عين "إسرائيل" مفتوحة لالتقاط الصورة الحقيقة لطبيعة الدفاعات التي ستستخدمها دمشق.
الخبر في وجهة نظر أخرى لا يمكن أن يخرج عن دائرة استخدام داعش لسلاح "التخويف و بث الرعب"، الذي يحاول أن يرسله إلى خصومه في المنطقة، وهي مفردة باتت سمجة من قبل التنظيم ومن يحركه فالعلميات العسكرية في مختلف المناطق السورية توحي بإن الجيش العربي السوري ذاهب نحو الشرق بكل قدراته بعد إنهاء العمليات في الغوطة و الريف الشمالي لحماة و ريف كل من حماة و حمص الشرقي، كما إن صد هجوم التنظيم من قبل وحدات حماية الشعب في مدينة عين العرب تؤكد أن كل أسلحة التنظيم النفسية سقطت في المعركة داخل سوريا، و بالتالي فإن من الغباء العسكري و السياسي للتنظيم و من يدعمه أن يبقي على هذا النوع من الدعاية الحربية التي لا تجدي.
في محصلة الأمر، تدرك أمريكا و إسرائيل إن الحل الوحيد لدفع سوريا نحو استنزاف قدراتها العسكرية يكون عبر التصعيد في طبيعة المعركة، ولأن إسقاط سوريا يستلزم قيام المناطق العازلة في المناطق الشمالية من سوريا لتطوير قدرات الميليشيات التي تريدها أمريكا و حلفائها بديلاً عن داعش الذي لم يعد بالإمكان الإبقاء عليه في واجهة الحدث لكون الرأي العام في دول الغرب يوجب الحرب ضد التنظيم، و التخلص منه فالمناسبات الانتخابية في أكثر من دولة و خاصة أمريكا اقتربت و التخلص من الإرهاب سيكون داعية مناسبة و قوية جداً للحكومات الحالية، بالتالي تدفع أمريكا بالجزرة أمام ( داعش) ليكون كبش فداء لمرور هذه الحكومات نحو انتصاراتها الانتخابية، و استناداً للوثائق التي سربها الموظف السابق في وكالة الأمن القومي (سنودن) فإن قيادات تنظيم داعش لن تخرج عن دائرة تنفيذ الأمر، و ببعض فتاوى تستصدرها من حيث تدري و لا تدري يتوجه مقاتلي داعش نحو حتفهم مصدقين بإنهم يقاتلون من أجل أهداف كبرى مقتنعين بأنهم يطبقون شريعة الإسلام.. و الإسلام منهم براء.
