الوقت ـ بعد أن كان البيت الكردي يعاني من انقسامات حادة مؤخرا، جاء هجوم تنظيم داعش التكفيري الارهابي على المناطق الكردية في شمالي العراق وشمالي سوريا ومنها بلدة كوباني (عين العرب) ليضع الاطراف الكردية في جبهة واحدة في مواجهة هذا التنظيم الارهابي، وقد عقد مؤخرا اجتماع لأكبر الاحزاب الكردية الخمسة في اقليم كردستان العراق وتم الاتفاق على ارسال قوات كردية من كردستان العراق الى كوباني للدفاع عن أهاليها، فهل يضع الاكراد من الآن فصاعدا خلافاتهم جانبا ويتوحدون من أجل مواجهة الاخطار التي تهددهم اضافة الى ما تبيته تركيا لهم؟
وتأكيدا على وجود مؤامرة تركية ضدهم، يقول رئيس حزب "الاتحاد الديمقراطي الكردي" السوري صالح مسلم ان بعض الاطراف تستغل أزمة كوباني، واضاف "اذا كانت أنقرة تريد مساعدة كوباني فلتفتح الطريق امام الأكراد المتطوعين في تركيا للمجيء الى عين عرب والدفاع عنها" .
ويؤكد صالح مسلم ان الاكراد ليس لديهم من خيار غير الدفاع عن كوباني، ويعرب عن أسفه لاستغلال قضية كوباني ودماء المدنيين لكنه يحذر من النوايا التركية لاحتلال المناطق الكردية في سوريا بذريعة ايجاد منطقة عازلةف ويقول " ان تركيا تريد غطاءا دوليا لاحتلال ارضنا وعلى المجتمع الدولي الا يسمح بارتكاب مجازر في كوباني" .
وفي مؤشر على سعي الاكراد لترتيب بيتهم الداخلي وتذليل الخلافات بينهم تم استقبال صالح مسلم الذي كان في السابق يمنع من الدخول الى كردستان العراق، من قبل رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني، واوضح مسلم في فندق بمدينة دهوك العراقية أنه يزور كردستان العراق بناء على دعوة من رئيس الاقليم مسعود البارزاني.
وقد نفى صالح مسلم المزاعم التي تشير إلى منع الجماعات الكردية الأخرى من الدخول لمحاربة داعش في كوباني، موضحا أن "الباب مفتوح للجميع، وأن أي شخص بإمكانه المشاركة في الحرب بسوريا، كما أن الحرب ليست بكوباني فقط فهناك العديد من الجبهات الأخرى التي تحتاج لمحاربين , فمن يريد المشاركة في الدفاع عن وطنه، فليأتي دون انتظار إذن من أحد" .
وتؤكد تصريحات هذا المسؤول الكردي مدى حاجة الاكراد المدافعين عن كوباني الى الدعم والاسناد من قبل أكراد اقليم كردستان العراق خاصة بعد ان منعت تركيا اكرادها من التوجه الى هذه البلدة للانضمام الى المدافعين عنها.
ويتعرض الاكراد حاليا الى حملة شرسة من قبل تنظيم داعش التكفيري الارهابي ولا بد من اعادة ترتيب الاوراق في البيت الكردي فالمعركة الحالية هي معركة وجود بالنسبة لهم، لأن تنظيم داعش التكفري الارهابي يمارس الابادة الجماعية ضد اية منطقة كردية يستولي عليها، ومن جهة أخرى هناك تركيا التي تلتقي مصالحها الآن مع تنظيم داعش لضرب الاكراد والقضاء عليهم.
ان شراسة الحملة التي يتعرض لها اكراد سوريا والعراق على يد داعش وكذلك النوايا التركية لكسر ظهر الاكراد يحتم على اكراد تركيا ايضا ان يزيدوا الضغط على الحكومة التركية ويعملوا كل ما في وسعهم من اجل اجبار أنقرة على تغيير موقفها من القضية الكردية وانهاء اضطهاد الاكراد وفسح المجال امام اكراد تركيا للدخول الى المنطق الكردية شمالي سوريا والقيام بواجب الدفاع امام تنظيم داعش التكفيري الارهابي .
ومع انكشاف حجم المؤامرة التركية ضد الأكراد سواء في سوريا او في داخل تركيا ووجود هذا المستوى من التنسيق بين تركيا وداعش ضد الاكراد، يجب على اكراد اقليم كردستان العراق ان يغيروا من الآن فصاعدا سياساتهم الودية تجاه تركيا والتي كانوا قد اتبعوها خلال الاشهر القليلة الماضية عندما اغرتهم انقرة بأنها ستعترف باستقلال اقليم كردستان العراق في مقابل الحصول على نفط كركوك باسعار زهيدة.
ان أهم مسألة يواجهها اكراد العراق وسوريا الآن هي الحرب التي يشنها تنظيم داعش التكفيري الارهابي عليهم ولامجال بعد الآن للتحدث عن قضايا مثل الانفصال وتنظيم استفتاءات وغير ذلك لتشكيل كيانات كردية مستقلة لأن ضراوة المعركة تفرض على جميع الأكراد ذلك، وان التغافل عن خطر داعش والمضي قدما في تاجيج الخلافات داخل البيت الكردي يعطي داعش وتركيا فرصة ذهبية في تحركهما ضد الاكراد.