الوقت - بعد توقف لمدة أسبوعین بسبب تجدد أعمال العنف استؤنفت مفاوضات السلام بین ممثلین عن الحکومة الباکستانیة وحرکة طالبان باکستان . وکانت المفاوضات بین الجانبین قد توقفت إثر مقتل قائد طالبان حکیم الله محسود بضربة من طائرة أمیرکیة من دون طیار فی نوفمبر/تشرین الثانی الماضی، إلا أن قرارا لرئیس الوزراء الباکستانی نواز شریف بإعطاء فرصة أخری لسلام ساهم فی بعثها من جدید .
وأسفرت الجولة الأولی من المفاوضات عن جملة مبادئ منها إدخال جدول زمنی للحوار فی دستور البلاد، والابتعاد عن أیة أعمال قد تؤدی إلی عرقلة المحادثات، فی إشارة ضمنیة إلی ضرورة وقف إطلاق النار بین الجانبین.
ولکن بعد تلکؤ الجیش الباکستانی باجراء هذه المفاوضات وعدم حضور ممثلیه للمشارکة فیها والذی یمثل رکنا اساسیا لانجاح هذه المفاوضات عزز الاعتقاد السائد بأن التوصل الی اتفاق بین الجانبین قد یواجه صعوبات تمنع من تحققه فی حال استمر الجیش فی موقفه المتردد من المفاوضات .
ویبدو ان التفاوض بین الحکومة الباکستانیة وطالبان باکستان کان یجری فی ظل ظروف افضل فی السابق وتحدیدا اثناء زعامة حکیم الله محسود للحرکة قیاسا الی الظروف الحالیة خصوصا وان القیادة الجدیدة للحرکة لا تملک القدرة التی تؤهلها لاتخاذ قرارات حاسمة فی هذه المفاوضات کما کانت تمتلکها فی زمن محسود.
والسؤال الذی یطرح نفسه فی الوقت الحاضر هو این ستسخدم طالبان باکستان قوتها فی حال فشلت او توقفت المفاوضات مع حکومة اسلام آباد؟ ویری المراقبون ان هذا الامر یعتمد بالدرجة الاولی علی القرار الذی سیتخذه الملا فضل الله القائد الجدید لطالبان باکستان والذی یتلقی اوامره من الملا عمر قائد حرکة طالبان افغانستان . وتبعا لذلک یرجح ان تنقل طالبان باکستان معظم قواتها الی افغانستان لمساعدة حرکة طالبان الافغانیة فی مواجهة القوات الامنیة فی هذا البلد وهذا الامر سیفاقم بلا شک التدهور الامنی فی البلد وفی عموم المنطقة .
وتراقب الدول المجاورة لباکستان محادثات طالبان مع الحکومة عن کثب، وهی مدرکة تماما أن أی فشل آخر فی التوصل إلی حل سلمی سیزید من زعزعة استقرار المنطقة التی تشکو أصلا من التوتر .
وتجدر الاشارة الی ان الخلافات التی تشهدها باکستان بِشأن المفاوضات مع طالبان وعدم وجود اجماع بین الاطراف المعنیة حول هذا الامر رغم ترحیب احزاب مهمة باجرائها کحزب الشعب من شأنه أن یعقد المشهد وربما سیمنع فی نهایة المطاف من التوصل الی اتفاق ینهی ازمة العنف فی البلاد وهو ما تخشاه دول المنطقة لانه لا یصب فی صالح امنها واستقرارها ویبقی المستفید الوحید من هذا الوضع المتوتر هو الاطراف الاجنبیة وفی مقدمتها امیرکا التی تحاول تأجیج الصراع فی باکستان ودول اقلیمیة اخری لخدمة مصالحها واتخاذه ذریعة لابقاء قواتها فی المنطقة.