الوقت- يشهد اليمن منذ سنوات طويلة صراعات متعددة الأبعاد، تتداخل فيها الأجندات المحلية مع مصالح إقليمية ودولية، في الأيام الأخيرة، تصاعدت التحركات السياسية والعسكرية في شرق وجنوب اليمن، حيث وصل وفد سعودي-إماراتي إلى عدن بهدف تهدئة التوترات وإعادة السيطرة على محافظات حضرموت والمهره، في إطار جهود الرياض لضبط نفوذ المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًا، وفي الوقت نفسه، كشفت تقارير دولية، أبرزها صحيفة «تايمز» البريطانية، عن وجود روابط وثيقة بين المرتزقة المدعومين من السعودية والإمارات والصهيونية، ما يعكس مشروعًا سياسيًا أطول مدى يستهدف جنوب اليمن واستغلاله كأداة ضمن أجندات إقليمية، هذه التطورات تؤكد أن الأزمة اليمنية لم تعد صراعًا داخليًا فقط، بل أصبحت ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، حيث يتداخل التدخل العسكري مع التحركات السياسية، وتتصاعد المخاطر الإنسانية في ظل استمرار النزاعات المسلحة وتهديد وحدة الدولة اليمنية.
التحركات السعودية والإماراتية في عدن
وصل وفد سعودي-إماراتي إلى عدن في خطوة تهدف إلى وضع آليات للسيطرة على محافظات حضرموت والمهره وإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي بعد سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على مناطق استراتيجية، تأتي هذه الزيارة في سياق جهود الرياض لتهدئة التوترات وفرض سلطة الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية، في محاولة لإخضاع المجلس الانتقالي للالتزام باتفاقيات السلام الموقعة، ووقف أي توسع عسكري خارج إطار الدولة، وقد أثارت هذه التحركات احتجاجات محلية، حيث طالب بعض اليمنيين بإعلان دولة جنوبية مستقلة، ما يعكس حجم الانقسام الداخلي والصراعات القبلية والسياسية، وتواجه السعودية صعوبة كبيرة في فرض السيطرة على المجلس الانتقالي، الذي يرفض الانسحاب من بعض المناطق الحيوية مثل شبوة والمهره، ما يجعل أي محاولة للتهدئة تتطلب تدخلًا سياسيًا وعسكريًا متزامنًا، ويكشف عن عمق الخلافات بين السعودية والإمارات حول إدارة مناطق النفوذ في اليمن، وخصوصًا تلك الغنية بالموارد النفطية والاستراتيجية في البحر الأحمر.
المجلس الانتقالي الجنوبي..مشروع الانفصال والدعم الخارجي
المجلس الانتقالي الجنوبي يروج منذ سنوات لفكرة استقلال جنوب اليمن، مستغلًا الانقسامات الداخلية وتهميش بعض المناطق في الدولة اليمنية، وفق التقارير، يسعى المجلس للحصول على اعتراف خارجي، بما في ذلك من الكيان الصهيوني، عبر تطبيع العلاقات مقابل دعم سياسي وأمني لمشروع الانفصال، تشير صحيفة «تايمز» إلى أن المجلس أرسل وفودًا للقاء المسؤولين الصهاينة لمناقشة ملفات مشتركة ضد صنعاء، ما يكشف عمق ارتباط المشروع بالجهات الخارجية، وخصوصًا في إطار الضغط على الحكومة اليمنية لتحقيق مكاسب استراتيجية، هذه الأجندة تتضمن تقديم خدمات سياسية وأمنية للصهيونية مقابل دعم خارجي لضمان استمرار بقاء المجلس وانتشاره في جنوب اليمن، وتحويل الصراع المحلي إلى جزء من حرب بالوكالة تخدم المصالح الإقليمية، كما أن المشروع الانفصالي يعكس طبيعة الصراع في اليمن، الذي لم يعد مجرد أزمة داخلية، بل أصبح جزءًا من شبكة مصالح دولية تتقاطع فيها السياسات الأمريكية والصهيونية والإماراتية والسعودية، ما يزيد تعقيد المشهد ويهدد استقرار البلاد ووحدتها.
دور الكيان الصهيوني في الأزمة اليمنية
وفق تقارير صحفية دولية، ترى الصهيونية في اليمن ساحة استراتيجية مهمة ضمن معادلة الردع الإقليمية، وتعتبر استمرار قوة صنعاء تهديدًا مباشرًا لمشاريعها في المنطقة، وتعتمد الصهيونية على المرتزقة المدعومين من السعودية والإمارات لتنفيذ أجنداتها في الجنوب والبحر الأحمر، وخصوصًا بعد الفشل الاستراتيجي الذي واجهه الغرب نتيجة عمليات القوات المسلحة اليمنية.
التحركات الأخيرة للمجلس الانتقالي الجنوبي، بما في ذلك سعيه لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني مقابل الاعتراف بجنوب اليمن، تظهر مدى التبعية السياسية لهذه الجماعات الخارجية، وتحويل النزاع اليمني إلى ساحة مواجهة مباشرة بين مصالح إقليمية متنافسة، كما يوضح هذا الارتباط أن أي تصعيد عسكري أو سياسي في المناطق الجنوبية والشرقية يجب فهمه في سياق المخطط الصهيوني-الأمريكي، ما يزيد تعقيد الصراع ويجعل أي حل مستقبلي بحاجة إلى توازن دقيق بين القوى المحلية والإقليمية والدولية.
التحديات الإنسانية والسياسية في اليمن
تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن نتيجة استمرار النزاعات المسلحة بين الأطراف المختلفة، بما فيها التدخلات الخارجية، إذ تعاني المناطق الشرقية والجنوبية من نزوح السكان وانعدام الأمن والخدمات الأساسية، تصعيد التوترات من قبل المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيًا والسعودية يفاقم من الأزمة، كما أن ارتباط هذه الجماعات بأجندات خارجية يزيد من صعوبة الوصول إلى حلول سلمية، الضغط الدولي والإقليمي، سواء عبر الوساطات أو التحركات العسكرية والسياسية، أصبح ضرورة لإعادة الاستقرار وضمان وحدة الدولة اليمنية، في الوقت نفسه، يجب إدراك أن أي تحرك أحادي من قبل الأطراف المتصارعة قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية والسياسية، ويحول الصراع إلى حرب بالوكالة تخدم مصالح الصهيونية، الحفاظ على التوازن بين الضغوط الإقليمية والمصلحة الوطنية اليمنية يمثل تحديًا رئيسيًا لضمان مستقبل مستقر وسلمي للبلاد.
الأبعاد الإقليمية والدولية للصراع اليمني
الصراع في اليمن لم يعد مجرد نزاع داخلي، بل أصبح نقطة محورية تتقاطع فيها المصالح الإقليمية والدولية، حيث يسعى كل طرف لتحقيق مكاسب استراتيجية على حساب الأمن والاستقرار اليمني، التدخل السعودي والإماراتي في شرق وجنوب البلاد يعكس رغبة الرياض وأبوظبي في التحكم بالنفوذ العسكري والسياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي، مع محاولة فرض سلطة الحكومة اليمنية المدعومة من التحالف، لكن هذا التدخل لم يخلُ من التوترات الداخلية والمقاومة القبلية التي ترى في أي سيطرة خارجية تهديدًا لمصالحها.
في المقابل، يظهر ارتباط المجلس الانتقالي بالكيان الصهيوني كأداة لتحقيق مشروع انفصال جنوب اليمن، ما يضاعف أبعاد النزاع ويحوّله إلى جزء من صراع إقليمي أكبر يضم المصالح الأمريكية والصهيونية، هذه الدينامية تزيد من تعقيد أي محاولات لحل الأزمة، حيث تصبح النزاعات المحلية أداة لتنفيذ أجندات خارجية، وتتعرض سيادة الدولة اليمنية للخطر، علاوة على ذلك، فإن استمرار الصراع يفاقم الأزمة الإنسانية، ويهدد الاستقرار الإقليمي في البحر الأحمر والخليج الفارسي، ما يجعل الحل السياسي الشامل ضرورة ملحة لإعادة الأمن والسلام، مع مراعاة مصالح اليمن الداخلية وضمان وحدة أراضيه بعيدًا عن أي تدخلات أجنبية أو مشاريع انفصالية.
في النهاية، تؤكد التطورات الأخيرة في اليمن أن الأزمة لم تعد صراعًا داخليًا فحسب، بل أصبحت ساحة لتقاطع مصالح إقليمية ودولية معقدة، التحركات السعودية والإماراتية في عدن وحضرموت والمهره تهدف إلى ضبط النفوذ المحلي للمجلس الانتقالي الجنوبي، لكن هذه التحركات أثارت احتجاجات محلية وعكست الانقسامات الداخلية العميقة.
في الوقت ذاته، تكشف التقارير الدولية عن ارتباط المجلس الانتقالي بالكيان الصهيوني، ما يحوّل مشروع الانفصال إلى أداة ضمن أجندات إقليمية أكبر، ويزيد من تعقيد الحلول السياسية في اليمن، استمرار التدخلات الخارجية يعمّق المخاطر الإنسانية ويهدد وحدة الدولة اليمنية، في وقت يحتاج فيه اليمن إلى تعزيز سيادته واستقلاله السياسي، إن أي جهود لإعادة الاستقرار يجب أن تراعي المعادلات الإقليمية والدولية، مع التركيز على دعم الحوار الوطني وحماية المدنيين وإعادة المؤسسات الحكومية إلى العمل الطبيعي، اليمن اليوم يقف عند مفترق طرق بين الاستقرار والوحدة، أو الانقسام والتأثيرات الخارجية، ويحتاج المجتمع الدولي والإقليمي إلى لعب دور بناء ومتوازن لضمان مستقبل آمن للشعب اليمني وحماية مصالحه الوطنية بعيدًا عن صراعات النفوذ الإقليمي والصهيونية.
