الوقت- أقرت وثيقة سرية داخلية في الجيش الإسرائيلي بفشل عملية "عربات جدعون" التي نُفذت في قطاع غزة، مؤكدة أن الأهداف المعلنة المتمثلة في إخضاع حركة حماس وإعادة الرهائن لم تتحقق.
وحسب ما ورد في الوثيقة، فإن العملية اتسمت بـ"التخطيط العشوائي" وارتكاب "كل خطأ ممكن"، أبرزها عدم تحديد إطار زمني واضح للعملية وعدم مواءمة الخطط العسكرية لطبيعة أسلوب القتال الذي تعتمده حماس.
وأشارت الوثيقة إلى أن هذا الخلل الاستراتيجي منح المقاومة القدرة على امتصاص الضربات ومواصلة الاستنزاف ضد القوات الإسرائيلية. عملية "عربات غدعون" شُنت بقرار من القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية كجزء من الحرب المستمرة على غزة، وكان الهدف منها توجيه ضربة عسكرية واسعة النطاق ضد البنية التحتية لحماس وإجبارها على القبول بشروط إسرائيلية لوقف القتال، إلى جانب تحرير الرهائن.
إقرأ أيضاً..صحيفة صهيونية: عملية "عربات جدعون" فشلت ولم تحقق أيا من أهدافها
غير أن العملية واجهت عقبات ميدانية كبيرة، تمثلت في صعوبة السيطرة على الأرض وكثافة العمليات النوعية التي نفذتها المقاومة. الاعتراف الرسمي بالفشل يعدّ ضربة قوية لصورة الجيش الإسرائيلي، الذي لطالما حاول الترويج لنفسه كـ"الجيش الذي لا يُقهر". كما يعكس ذلك ضعف منظومة التخطيط الاستراتيجي في مواجهة تكتيكات المقاومة الفلسطينية التي أثبتت قدرتها على المناورة والتكيّف.
ويرى محللون أن فشل العملية سيعمّق من أزمة الثقة داخل المجتمع الإسرائيلي، خصوصاً في ظل الضغوط الشعبية على الحكومة لاستعادة الرهائن وتحقيق "إنجاز عسكري" ملموس. كما أنه يحرج القيادة السياسية أمام حلفائها الغربيين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، التي ساندت إسرائيل دبلوماسياً وعسكرياً لكنها لم تحصل على نتائج تُسوّقها للرأي العام.
في المقابل، يُعزز هذا الاعتراف الرواية الفلسطينية التي تؤكد أن المقاومة استطاعت فرض معادلات جديدة قلبت موازين القوة، ورسخت صمود غزة رغم الحصار والدمار، لتتحول العملية العسكرية إلى مأزق استراتيجي لإسرائيل بدلاً من أن تكون ورقة ضغط ضد الفلسطينيين. إخفاق عملية "عربات غدعون" كما تصفه الوثائق المسربة لا يقف عند حدود فشل تكتيكي في الميدان، بل يعكس أزمة أعمق في بنية القرار الإسرائيلي، سواء على المستوى السياسي أو العسكري.
فمن جهة، كشف الفشل عن عجز المؤسسة العسكرية عن تحقيق أبرز أهدافها المعلنة، وعلى رأسها إخضاع حركة حماس واستعادة الرهائن، وهو ما يطرح علامات استفهام حول جدوى الخطط العملياتية التي أُعدّت للحرب على غزة.
ومن جهة أخرى، فإن هذا الإخفاق يسلّط الضوء على فجوة واضحة بين القيادة السياسية التي دفعت نحو عملية واسعة دون تحديد سقف زمني أو رؤية للخروج، وبين القيادة العسكرية التي أخفقت في التكيّف مع أسلوب قتال المقاومة القائم على الأنفاق وحرب العصابات. استراتيجياً، يضع فشل "عربات غدعون" إسرائيل أمام مأزق معقّد؛ فبدلاً من تحقيق صورة "النصر الحاسم"، باتت تواجه معركة استنزاف طويلة الأمد، تُرهق جيشها وتُضعف قوة الردع التي طالما تباهت بها.
أما على المستوى المعنوي والإعلامي، فقد منح هذا الفشل زخماً جديداً للرواية الفلسطينية، ورسّخ صورة المقاومة بوصفها قادرة على الصمود والمناورة رغم التفوق العسكري الإسرائيلي، الأمر الذي قد ينعكس على ميزان الشرعية الدولية لصالح الفلسطينيين.