الوقت- في تصعيد جديد يعكس إصرار الاحتلال الإسرائيلي على خنق قطاع غزة ومحاصرة التضامن الدولي معه، أقدمت البحرية الإسرائيلية فجر الجمعة، 25 يوليو 2025، على اعتراض سفينة "حنظلة" في عرض البحر المتوسط، بينما كانت في طريقها نحو القطاع ضمن "أسطول الحرية"، بهدف كسر الحصار المفروض على غزة منذ أكثر من 17 عاماً، السفينة التي حملت ناشطين دوليين من جنسيات متعددة، بالإضافة إلى مساعدات إنسانية رمزية، تعرضت للاقتحام والاحتجاز، في مشهد أعاد إلى الأذهان الهجوم الشهير على سفينة "مرمرة" عام 2010.
تفاصيل الهجوم: قرصنة في المياه الدولية
حسب ما أفاد به نشطاء كانوا ضمن الطاقم، فإن الهجوم تم في *المياه الدولية*، على بعد نحو 60 ميلاً بحرياً من شواطئ غزة، حيث اعترضت البحرية الإسرائيلية السفينة باستخدام زوارق حربية، وقامت باقتحامها واحتجاز ركابها بالقوة، قبل أن يتم اقتيادهم إلى ميناء أسدود داخل الأراضي المحتلة.
سفينة "حنظلة"، التي انطلقت من ميناء بودروم التركي قبل أيام، كانت ترفع علم سيراليون، وتحمل على متنها شخصيات سياسية وحقوقية من أوروبا وأمريكا اللاتينية، إلى جانب ناشطين عرب وأتراك، جاؤوا للتأكيد على دعمهم لحق الفلسطينيين في الحياة الحرة ورفضهم للحصار الخانق المفروض على أكثر من مليوني فلسطيني في غزة.
ردود فعل غاضبة: إدانة دولية وتنديد حقوقي
تركيا: تصعيد خطير وخرق للقانون الدولي
الحكومة التركية سارعت إلى إصدار بيان رسمي أدانت فيه ما وصفته بـ"العمل العدواني الإسرائيلي"، مؤكدة أن الهجوم يشكل "قرصنة بحرية" وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، ولاسيما أن السفينة لم تكن تشكل أي تهديد أمني، أنقرة طالبت بالإفراج الفوري عن جميع النشطاء، محذّرة من تداعيات سياسية على العلاقات الثنائية مع "إسرائيل".
فلسطين: الاحتلال يتخبط أمام التضامن الدولي
في الداخل الفلسطيني، نددت السلطة الوطنية الفلسطينية بالحادث، واعتبرته جريمة جديدة تضاف إلى سجل الانتهاكات الإسرائيلية ضد كل أشكال الدعم الدولي للفلسطينيين، أما حركة حماس، فقد قالت إن الهجوم على السفينة لن يوقف إرادة الشعوب الحرة في دعم غزة، بل سيزيد من عزلة الاحتلال سياسياً وأخلاقياً.
منظمات حقوقية: يجب محاسبة "إسرائيل"
العديد من المنظمات الحقوقية الدولية، أبرزها "هيومن رايتس ووتش" و"اللجنة الدولية لرفع الحصار عن غزة"، دعت إلى فتح تحقيق دولي في الحادثة، وأكدت أن اعتراض سفينة مدنية في المياه الدولية يعد انتهاكاً صارخاً للمواثيق البحرية وحقوق الإنسان، ويستوجب محاسبة المسؤولين الإسرائيليين أمام المحاكم الدولية.
الأبعاد السياسية: الاحتلال يخسر الرأي العام العالمي
فشل في كسر إرادة التضامن العالمي
الهجوم على "حنظلة" يُظهر مدى ارتباك إسرائيل أمام تنامي حركة التضامن الشعبي مع فلسطين، فكلما سعت تل أبيب لعزل غزة، وجدت نفسها محاصَرة بموجات جديدة من الوعي العالمي، حادثة "حنظلة" تؤكد أن الرواية الفلسطينية تجد منابرها في الخارج، وأن محاولات إسكاتها بالقوة العسكرية لم تعد تجدي.
تداعيات محتملة على علاقات "إسرائيل" الدولية
هذا الهجوم قد يلقي بظلاله على العلاقات بين "إسرائيل" وعدد من الدول الأوروبية واللاتينية التي يحمل بعض المشاركين جنسياتها، كما أنه يُحرج الدول العربية التي طبّعت علاقاتها مؤخراً مع "إسرائيل"، ويضعها أمام استحقاقات أخلاقية وشعبية يصعب تجاوزها.
البعد القانوني: خرق صريح للقانون البحري الدولي
وفقاً لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS)، فإن أي اعتراض لسفينة مدنية في المياه الدولية يُعد غير شرعي، وخاصة إذا لم تكن تلك السفينة تمارس نشاطاً غير قانوني، في حالة "حنظلة"، كانت السفينة مسالمة، وهدفها المعلن هو إيصال رسالة سياسية وإنسانية.
كما أن اعتقال النشطاء، والاعتداء عليهم، ونقلهم قسراً إلى ميناء إسرائيلي، يُعد جريمة تمس بحقوق الإنسان، وتستوجب تحقيقاً ومحاسبة أمام محكمة الجنايات الدولية، وخاصة إذا ثبت استخدام العنف أو إساءة المعاملة خلال عملية الاقتحام.
تداعيات متوقعة: غزة في قلب الصراع الدولي من جديد
الهجوم على "حنظلة" ليس مجرد حادث عرضي، بل هو فصل جديد من فصول المواجهة بين إرادة الاحتلال في فرض الصمت، وإرادة الشعوب في الدفاع عن المظلومين، ومن المتوقع أن يشهد العالم خلال الأيام المقبلة:
* موجة تضامن جديدة مع غزة عبر الإعلام والمنصات الرقمية.
* تحركات برلمانية في بعض الدول الأوروبية للمطالبة بمحاسبة إسرائيل.
* تحضيرات لإطلاق قوافل بحرية جديدة، رغم المخاطر، تأكيداً على تحدي الحصار.
* تصاعد الضغط الشعبي على الدول العربية التي تلتزم الصمت أو تتواطأ مع الحصار.
بين مرمرة وحنظلة... القصة لم تنتهِ
تُعيد حادثة "حنظلة" إلى الأذهان مأساة سفينة "مرمرة" التي استُهدفت عام 2010، وسقط فيها عشرة شهداء أتراك، المشهد يتكرر، والفاعل ذاته، لكن السياق الدولي تغير: "إسرائيل" اليوم تواجه عزلة سياسية وأخلاقية متزايدة بسبب جرائمها في غزة، وأي عدوان إضافي – حتى لو كان ضد سفينة صغيرة – يتحول إلى فضيحة عالمية.
سفينة "حنظلة" وإن لم تصل إلى غزة، إلا أنها وصلت إلى قلوب الملايين، وأعادت تسليط الضوء على الحصار، وعلى أن غزة ليست وحدها... ولا يمكن محاصرة الضمير الإنساني.