الوقت - يُعد التطوير الشامل للعلاقات مع القارة الأفريقية أحد محاور السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في العصر الحالي، وفي هذا الصدد، من الخطوات المهمة التي اتُخذت مبادرة عقد اجتماعات دولية إيرانية أفريقية بانتظام، حيث عُقدت جولتان منها حتى الآن، ومنذ أمس، عُقدت الجولة الثالثة من هذا الاجتماع في طهران بمشاركة مسؤولين بارزين من مختلف دول القارة السمراء.
سجّل أكثر من 700 رجل أعمال من 38 دولة أفريقية لحضور هذا الحدث، وحضر أكثر من 50 مسؤولًا من القارة السمراء على المستوى الوزاري ورؤساء غرف التجارة من 29 دولة أفريقية إلى إيران لحضور هذا الاجتماع. سيُعقد جزء من هذه القمة في طهران من الـ 27 إلى الـ 29 من مايو، والجزء الآخر في أصفهان يومي 30 و40 مايو، وخلال هذا الحدث، ستُعقد أربع حلقات نقاش متخصصة على المستوى الوزاري في أربع مجالات: البتروكيماويات، والصناعات المعدنية والفلزية، والزراعة والصناعات الغذائية، والصحة والدواء.
انعقد الاجتماع السابق لمنتدى التعاون الاقتصادي بين إيران وأفريقيا في أوائل مايو 1403، خلال الأيام الأخيرة من حكومة الشهيد آية الله رئيسي، وخلال فترة رئاسته التي استمرت ثلاث سنوات، وبفضل الاهتمام الخاص الذي أولاه الشهيد رئيسي لتعزيز التعاون بين إيران وأفريقيا في جميع الجوانب، اتُخذت الخطوات اللازمة للنهوض بالعلاقات بين إيران والقارة الأفريقية، فعلى سبيل المثال، في يوليو 2023، قام الشهيد رئيسي بزيارة تاريخية إلى ثلاث دول: كينيا وأوغندا وزيمبابوي، وكانت أول زيارة لرئيس إيراني إلى القارة الأفريقية منذ 11 عامًا، وقد حققت هذه الرحلة إنجازات إيجابية ومهمة.
تتمثل الأهداف الرئيسية للاجتماعات الاقتصادية الإيرانية الأفريقية فيما يلي:
توسيع التجارة والاستثمار: من أهم أهداف إيران في هذه الاجتماعات تسريع العلاقات التجارية الثنائية والاستثمارات.
تنويع أسواق التصدير: في ظل العقوبات الدولية المفروضة على إيران، كان من أهداف هذه الاجتماعات إيجاد أسواق جديدة للسلع والخدمات الإيرانية، وخاصة في أفريقيا.
تطوير البنية التحتية: في العديد من الاجتماعات، عرضت إيران، بصفتها إحدى الدول القادرة على تقديم الخدمات في مجالات مختلفة مثل البنية التحتية والطاقة والزراعة والصناعة، التعاون مع الدول الأفريقية في هذه المجالات.
تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية: في العديد من الاجتماعات، تم الجمع بين الأهداف السياسية والاقتصادية، بحيث كان تعزيز العلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف في مختلف المجالات الاقتصادية، بما في ذلك التجارة والتكنولوجيا والطاقة والصحة والتعليم، من بين الأولويات.
نحو تجارة بقيمة 10 مليارات دولار: كان لهذه الاجتماعات تأثيرٌ كبير على العلاقات الاقتصادية بين إيران وأفريقيا، حيث أعلن محمد أتابك، وزير الصناعة والمناجم والتجارة، يوم الأحد، خلال افتتاح القمة الثالثة للتعاون الإيراني الأفريقي، عن خطط لزيادة حجم التبادل التجاري عشرة أضعاف ليصل إلى 10 مليارات دولار، مشيرًا إلى الإمكانات الهائلة للتعاون الإيراني الأفريقي.
زيادة حجم العلاقات الاقتصادية في السنوات الأخيرة: من النتائج الإيجابية لهذه الاجتماعات زيادة حجم تجارة إيران مع الدول الأفريقية على الرغم من وجود العقوبات، في السنوات الأخيرة، تمكنت إيران من توسيع تجارتها مع الدول الأفريقية من خلال الوصول إلى أسواق جديدة وزيادة حجم صادراتها في بعض القطاعات، ولا سيما في المجالات الصناعية والنفطية والزراعية، كما أطلقت إيران العديد من مشاريع البناء والبنية التحتية في أفريقيا، ما ساهم في تعزيز العلاقات التجارية بين الجانبين.
تعزيز حضور إيران في السوق الأفريقية: ساعدت هذه الاجتماعات إيران على تعزيز مكانتها في الأسواق الأفريقية، نظرًا لمزاياها التجارية والاقتصادية، في مجالات مثل إمدادات الطاقة ومشاريع البناء ونقل التكنولوجيا، دخلت إيران أسواقًا جديدة.
التعرف على الإمكانات المحلية: أتاحت هذه اللقاءات لإيران التعرف بشكل أفضل على احتياجات وإمكانات الدول الأفريقية ودخول أسواقها بطريقة أكثر كفاءة.
الإمكانيات الاقتصادية لأفريقيا
تضم قارة أفريقيا 54 دولة، وتبلغ مساحتها حوالي 31 مليون كيلومتر مربع، أي ما يعادل 24% من سطح الأرض، ومساحة تعادل ثلاثة أضعاف مساحة أوروبا، كما أن هذه القارة، التي يبلغ عدد سكانها حوالي مليار و400 مليون نسمة، تستضيف أكثر من 18% من إجمالي سكان العالم، وهي، وفقًا للإحصاءات، أصغر قارات العالم عمرًا، من ناحية أخرى، فإن اتجاه النمو السكاني في هذه القارة أعلى منه في بقية العالم، ولديها أسرع وأكبر معدل في العالم من حيث التحضر.
بصفتها واحدة من أكبر وأسرع الأسواق نموًا في العالم، تتمتع أفريقيا بإمكانيات اقتصادية كبيرة يمكن أن تخلق فرصًا لا حصر لها لإيران، وخاصة في مجالات الأغذية والأدوية والإلكترونيات والمنتجات الصناعية.
من حيث الموارد الطبيعية، تمتلك أفريقيا أيضًا 30% من احتياطيات العالم الطبيعية، و40% من الذهب، و90% من الكروم والبلاتين، كما توجد أكبر احتياطيات من الكوبالت والماس والبلاتين واليورانيوم على وجه الأرض في أفريقيا، بالإضافة إلى ذلك، تمتلك أفريقيا 10% من موارد المياه العذبة المتجددة في العالم، و8% من موارد الغاز الطبيعي، و12% من احتياطيات النفط.
أهم مجالات وجود إيران في السوق الأفريقية
الطاقة: يمكن لإيران أن تلعب دورًا مهمًا كمورد للطاقة في أفريقيا، تحتاج العديد من الدول الأفريقية إلى التكنولوجيا والاستثمار في مجالات النفط والغاز، والطاقة المتجددة، ونقل التكنولوجيا في هذه المجالات.
مشاريع البنية التحتية والبناء: يمكن لإيران، بصفتها إحدى الدول ذات الخبرة الواسعة في بناء البنية التحتية، أن تشارك في مشاريع البنية التحتية الكبيرة في أفريقيا.
التنمية الزراعية: تسعى الدول الأفريقية إلى تطوير قطاعها الزراعي وصناعاتها التحويلية، بفضل خبرتها في تطوير الزراعة والصناعات الغذائية، يمكن لإيران التعاون في إنتاج وتصنيع المنتجات الزراعية في أفريقيا.
التكنولوجيا والتعليم: بفضل قدراتها العلمية والتقنية، يمكن لإيران أن تقوم بأنشطة واسعة في مجالات التعليم ونقل التكنولوجيا إلى الدول الأفريقية.
أهم سلع التصدير الإيرانية إلى أفريقيا:
تلتها مشتقات البترول، بما في ذلك سماد اليوريا، والبيتومين، والغاز المسال، والزيوت الصناعية المختلفة، ومنتجات الصلب والحديد، والتي شكلت أهم صادرات إيران إلى أفريقيا، بالإضافة إلى ذلك، تُصدّر إيران إلى القارة الأفريقية المواد الغذائية، ومواد البناء، والسجاد والأرضيات بأنواعها، والمنظفات والأدوات الصحية، والأجهزة المنزلية، والأدوية والمعدات الطبية، واللوازم الصناعية، وقطع غيار السيارات، والإطارات، والمعادن، والأجهزة الكهربائية، والثريات، والأثاث، ولعب الأطفال.
أهم السلع المستوردة من أفريقيا إلى إيران:
المنتجات المعدنية: تشمل الذهب، والماس، والنحاس، وخام المنغنيز، وخام الزنك، والتربة، ومركزات الكروم، ومعادن أخرى.
المنتجات الزراعية: تشمل المنتجات الغذائية والزراعية، مثل الشاي، والذرة، والقهوة، والتبغ، والبقوليات، والأغنام، ومنتجات الأسماك، و21% منها مواد معدنية، و13% منها منتجات أخرى بشكل رئيسي.
المنتجات الصناعية: الزيوت والشحوم الصناعية، وأنواع مختلفة من الأحزمة، والآلات، والمواد الكيميائية، والمواد الصناعية، وقطع الغيار.
أهم الشركاء الاقتصاديين لإيران في أفريقيا:
عادةً ما تُجرى معظم تجارة إيران مع أفريقيا مع دول محددة تتمتع بعلاقات اقتصادية قوية مع إيران نظرًا لإمكاناتها الاقتصادية وموقعها الجغرافي واحتياجاتها التجارية، من بين أهم سبع وجهات للصادرات الأفريقية في عام 2023، كانت غانا بقيمة 173.5 مليون دولار، وجنوب أفريقيا بقيمة 145 مليون دولار، وتنزانيا بقيمة 92.8 مليون دولار، وكينيا بقيمة 48.7 مليون دولار، ونيجيريا بقيمة 48 مليون دولار، وموزمبيق بقيمة 47.1 مليون دولار، والصومال بقيمة 33.3 مليون دولار مباشرة.
وشملت الواردات الرئيسية من الدول الأفريقية خلال هذه الفترة أيضًا جنوب أفريقيا بقيمة 19 مليون دولار، وزامبيا بقيمة 12.5 مليون دولار، وغانا بقيمة 12 مليون دولار، وسيشل بقيمة 11.7 مليون دولار، وكينيا بقيمة 9.5 ملايين دولار، وتنزانيا بقيمة 6.1 ملايين دولار، وأوغندا بقيمة 4.1 ملايين دولار.
أكبر اقتصادات أفريقيا
ترتيب أكبر اقتصادات أفريقيا بناءً على الناتج المحلي الإجمالي، ووفرة الموارد الطبيعية، والتنمية الصناعية والتجارية في عام 2024 هو:
في المركز الأول، قُدِّرت قيمة جنوب أفريقيا بأكثر من 403 مليارات دولار، وهي الأعلى في أفريقيا.
احتلت مصر المرتبة الثانية في القارة بناتج محلي إجمالي بلغ حوالي 380 مليار دولار، والجزائر في المرتبة الثالثة بحوالي 260 مليار دولار.
وتليها نيجيريا بناتج محلي إجمالي بلغ 199 مليار دولار، والمغرب 157 مليار دولار، وإثيوبيا 145 مليار دولار، وكينيا 116 مليار دولار، وأنغولا 113 مليار دولار، وساحل العاج 86 مليار دولار، وتنزانيا 79 مليار دولار.
أهم الشركاء الاقتصاديين لأفريقيا
بعد حركة الاستقلال الأفريقية في ستينيات القرن الماضي، تغير المشهد الاقتصادي للقارة بشكل كبير، لم تحافظ الدول الناشئة حديثًا على علاقاتها التاريخية مع الدول الأوروبية فحسب، بل دخلت أيضًا في اتفاقيات تجارية مع الدول الأمريكية والآسيوية، ونتيجة لذلك، زاد الناتج المحلي الإجمالي للقارة بشكل ملحوظ.
ووفقًا للتقارير، فإن أوروبا والصين والولايات المتحدة هي الشركاء التجاريين الرئيسيين لأفريقيا.
ولا تزال الصين أكبر شريك تجاري لأفريقيا، حيث يتجاوز حجم التجارة 300 مليار دولار سنويًا، تشارك الشركات الصينية بكثافة في مشاريع البنية التحتية، مثل الطرق والسكك الحديدية ومشاريع الطاقة، كما تُزوّد الأسواق الأفريقية بسلع منخفضة التكلفة، مثل الإلكترونيات والآلات والملابس.
ومن بين دول منطقة غرب آسيا، تضاعف حجم التجارة التركية مع أفريقيا عشرة أضعاف في السنوات الأخيرة، من 3.6 مليارات دولار إلى 36 مليار دولار، ووفقًا لمسؤولين أتراك، تجاوز الاستثمار التركي في القارة 92 مليار دولار.
وتُعد الإمارات العربية المتحدة دولة أخرى في المنطقة عززت شراكتها الاقتصادية مع الدول الأفريقية بشكل كبير، مسجلةً زيادة في التجارة بنسبة 87% خلال السنوات الخمس الماضية، لتصل إلى 235 مليار درهم (حوالي 64 مليار دولار)، وفقًا لموقع thefinanceworld.
