الوقت - يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى المعادن الأرضية النادرة، وإلى مواد خام حيوية لدفع جدول أعماله الاقتصادي الإستراتيجي قُدُماً، غير أن التكتل الذي يضم 27 دولة يعتمد بشكل كبير على الواردات في هذا الشأن، من دول مثل الصين، وهو ما يجعل لديه نقاط ضعف جيوسياسية.
فقد حدد الاتحاد الأوروبي 34 من المواد الخام الحيوية لاقتصاده «سي.آر.إم» نصفها موصوف «كمواد خام إستراتيجية»، وتشمل الكوبالت والنحاس والتِنغِستُن والليثيوم والنيكل، بالإضافة إلى «المعادن الأرضية النادرة»، وعددها 17 ومنها السيريوم واليوروبيوم والإيربيوم والإيتريوم.
هذه المواد الخام الحيوية والمعادن الأرضية النادرة ضرورية لخطط الاتحاد الأوروبي في سعيه للتخلي عن الوقود الأحفوري عبر التوسع في استخدام البطاريات الكهربائية التي تشحن بطاقات متجددة أو الألواح الشمسية. ويتوقع أن يرتفع الطلب عليها بشكل حاد على مدار السنوات المقبلة.
فالمفوضية الأوروبية تتوقع زيادة الطلب في الاتحاد الأوروبي على بطاريات الليثيوم، التي تستخدم لتشغيل المَركبات الكهربائية ومنشآت تخزين الطاقة، بواقع 12 ضعفاً بحلول عام 2030 و21 ضعفاً بحلول 2050، مقارنة بالأرقام الحالية.
ومن المتوقع أن يرتفع طلب الاتحاد الأوروبي على المعادن الأرضية النادرة، التي تستخدم كذلك في توربينات توليد الطاقة من الرياح وفي المركبات الكهربائية، بما يتراوح بين خمسة وستة أمثال بحلول عام 2030، وما بين ستة وسبعة أمثال بحلول عام 2050.
وفي مايو/أيار 2024، دخل «قانون المواد الخام الحيوية» الأوروبي حيز التنفيذ، بهدف تعزيز الاستقلال الإستراتيجي للتكتل من خلال تعزيز الإمدادات وتنويعها. ويضع القانون معايير على طول سلسلة توريد إدارة الموارد الطبيعية للتكتل، لتحقيقها بحلول عام 2030، بواقع 10% من احتياجات الاتحاد الأوروبي السنوية للاستخراج، و40% للمعالجة، و25% لإعادة التدوير.
ولتحقيق ذلك نشرت المفوضية- الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي- يوم الثلاثاء الماضي قائمة تضم 47 «مشروعا استراتجياً»، تشمل فتح مناجم الليثيوم والتِنغِستِن، في محاولة للحد من الاعتماد المُفرِط على الصين.
ولا يستطيع الاتحاد الأوروبي الاعتماد على الدول الأعضاء إلا في جزء بسيط من احتياجاته من بعض المعادن الأرضية النادرة. ورغم وجود بعض الرواسب المعروفة في دواه، لا توجد في الوقت الحالي أي عناصر أرضية نادرة تستخرج فعلياً في أوروبا، رغم أن البرتغال تمتلك احتياطياً كبيراً من الليثيوم.
ويستورد الاتحاد الأوروبي حالياً معظم المواد الخام الحيوية والمعادن الأرضية النادرة من الخارج. وعلى سبيل المثال، قدمت تركيا 98% من البورون للتكتل، في حين وفرت الصين 100% من إمدادات الاتحاد من العناصر الأرضية النادرة الثقيلة مثل اليوروبيوم والتيربيوم والإيتريوم. وتقدم جنوب أفريقيا حوالي 71% من احتياجاته إلى البلاتين.
*هل ستكون غرينلاند وأوكرانيا هما الحل؟
كانت موارد البلدين وما زالت هدفاً لرغبة أمريكا في الاستيلاء عليها. فباطن الأرض في غرينلاند غني بالليثيوم والغرافيت والعناصر الأرضية النادرة، ولكنها غير مستغلة. كما أن استغلالها سيكون مُكلِفاً للغاية بسبب طبيعة الأرض الجليدية وافتقار الجزيرة للبُنى التحتية اللازمة للتعدين.
أما بالنسبة إلى أوكرانيا التي وصفتها المفوضية الأوروبية بأنها «مصدر محتمل لأكثر من عشرين عنصراً خاماً مهماً»، فهي تنتج معادن مهمة بشكل خاص، هي المَنغَنيز والتيتانيوم والغرافيت، الضرورية للبطاريات الكهربائية. والنسبة للغرافيت تستحوذ أوكرانيا على «20% من الموارد العالمية المقدرة»، كما يشير المكتب الفرنسي للأبحاث الجيولوجية والتعدين.
ومع ذلك، فإن الكثير من المعادن الأرضية النادرة ورواسب المواد الإستراتيجية في أوكرانيا تقع في المنطقة الشرقية من البلاد التي تسيطر عليها روسيا.
كما أن الاتحاد الأوروبي يواجه طموحات إدارة دونالد ترامب للسيطرة عليها كجزء من التعويضات عن المساعدات التي قدمتها بلاده لأوكرانيا.