الوقت- وصلت مفاوضات تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة إلى مراحلها النهائية، بعد فشل مؤامرة معارضي المقاومة لتجاوز "التحالف الثنائي الشيعي" المكون من حزب الله وحركة أمل، وحسب عدد من المصادر الإخبارية، فإن مفاوضات تشكيل الحكومة في لبنان وصلت إلى مراحلها النهائية، لدرجة أن بعض الصحفيين اللبنانيين أفادوا على مواقع التواصل الاجتماعي بأن أسماء الوزراء ستنشر رسميا نهاية الأسبوع وستبدأ الحكومة أعمالها.
وحسب هذا التقرير، فإن المفاوضات بشأن ثلاث من الوزارات السيادية الأربع وصلت إلى نهايتها، فيما لا تزال المهمة الوحيدة لوزارة الخارجية اللبنانية محاطة بالغموض، كما من المقرر تعيين أحمد الحجار، العميد المتقاعد في أجهزة الأمن اللبنانية، وهو سني، وزيراً للداخلية.
كما قدّم الرئيس اللبناني جوزيف عون العميد المتقاعد ميشال منسي، وهو مسيحي، إلى رئيس الوزراء نواف سلام لتولي منصب وزير الأمن الوطني، وزارة المالية هي وزارة حكومية أخرى في لبنان، وبناء على اقتراح نبيه بري، تم تقديم ياسين جابر لهذا المنصب من بين الطائفة الشيعية.
يُذكر أن السفارة الأمريكية في بيروت وبعض الأطراف المعادية للمقاومة، بما في ذلك القوات والكتائب، حاولت فرض تسمية نواف سلام وزيراً للمالية من خارج "التحالف الثنائي الشيعي" المكون من حزب الله وحركة أمل، لكن الرئيس اللبناني ورئيس الوزراء لم يستسلما للضغوط المذكورة ورفضا اللعب على ملعب المرتزقة الأمريكيين، وتسعى حركة المقاومة والمعارضة في لبنان، تحت وهم إضعاف حزب الله بعد الحرب، إلى تشكيل حركة شيعية ثالثة لمنافسة وإضعاف الائتلاف الشيعي المزدوج الذي يعتبر الإرث السياسي للسيد الشهيد حسن نصر الله، وفي إطار المؤامرة المذكورة، كانت هذه المجموعة تنوي إجبار رئيس الحكومة على تعيين شيعي لم يرشحه نبيه بري في منصب وزير المالية.
لكن الضغط السياسي المزدوج للشيعة (أمل وحزب الله أو الثنائية الشيعية) حال دون تنفيذ هذه المؤامرة، وتم ترشيح ياسين جابر، الذي كان وزيراً للاقتصاد في عهد رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، لتولي منصب وزير المالية، وكان جابر ناشطاً بيروقراطياً لسنوات طويلة وكان يشغل منصب نائب وزير المالية، وهو قريب سياسياً من حركة أمل.
ولكن لم يتحدد بعد وضع خليفة وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب، ولا تزال المفاوضات بهذا الشأن مستمرة، وحسب التقليد السياسي في لبنان فإن وزيري الأمن الوطني والخارجية يقدمان إلى رئيس الوزراء من قبل رئيس الجمهورية، ولكن في هذه الفترة طلب حزب القوات اللبنانية منصب وزير الخارجية، ومن المرجح أن يوافق رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة على هذا الطلب من فريق سمير جعجع.
إن التيار الذي تقوده القوات والذي لعب دوراً مهماً في فوز جوزيف عون في الانتخابات الرئاسية يسعى الآن إلى الفوز بمنصب وزير الخارجية بالإضافة إلى منصب نائب الرئيس، ونظراً لمواقف سمير جعجع، زعيم هذا الحزب، ضد المقاومة، فليس من المستبعد أن يكون لهذه القضية تأثير أيضاً على العلاقات بين بيروت وطهران.
في الوقت نفسه، أفادت مصادر إعلامية بأن ناجي أبو عاصي، السفير اللبناني السابق في باريس، هو المرشح الأساسي لمقعد وزارة الخارجية، وبالإضافة إلى ذلك، من المرجح ترشيح طارق الماطري، وهو شخصية أخرى قريبة من تيار القوات، لمنصب نائب الرئيس.
وبشكل عام، يبدو أنه رغم أن المظهر العام لهذه الحكومة ليس ملائماً جداً لحركة المقاومة، إلا أن رغبة المرتزقة اللبنانيين للولايات المتحدة في القضاء على حركة المقاومة سياسياً لم تتحقق في هذه الحكومة، ولم ينجح أعداء المقاومة في طرد المحور الشيعي المزدوج من الحكومة اللبنانية.
علاقة مثمرة بين بري وسلام
وأعرب مصدر نيابي بارز عن أمله في أن يؤدي لقاء بري - سلام لتأسيس علاقة مثمرة بين الرئيسين، لإنقاذ لبنان بإعادة الاعتبار لمشروع الدولة الذي شدد عليه عون في خطاب القسم بدعوته الجميع، ليكونوا شركاء فيه لأن لا مكان، في قاموسه السياسي، للإلغاء أو الإقصاء في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها البلد وتستدعي تضافر الجهود للنهوض به.
وقال لـ«الشرق الأوسط»: إنه لمس لديهما رغبة بضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة قبل نهاية الأسبوع المقبل، واستباقاً لانتهاء فترة الهدنة لتثبيت وقف النار في الـ 27 من الحالي، تمهيداً لتطبيق القرار 1701، لأن هناك ضرورة لحضور الدولة بكل أجهزتها ومؤسساتها وإداراتها في الجنوب فور استكمال الانسحاب الإسرائيلي منه.
ودعا المصدر النيابي للإفادة من الموجة الدولية والعربية الداعمة لانتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية، والمؤيدة من دون شروط لعودة الاستقرار للبنان وانسحاب "إسرائيل" من جنوبه، وقال: إنه يجب توظيفها لإعادة إعمار الجنوب، مع استعداد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لاستضافته المؤتمر الدولي لإنشاء صندوق أممي لتمويل تكلفة الإعمار.
وأكد أن لقاء بري - سلام لم يتطرق إلى مواصفات الحكومة وأعضائها، ولا إلى توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف وتسمية الوزراء المرشحين، لأنه من غير الجائز استباق المراحل بالقفز فوق صلاحياتهما قبل أن يتوصل سلام مع عون إلى وضع تصور أولي شامل في هذا الخصوص، على أن يعود للتشاور مع بري، وقال: إن التوجه العام يميل لتشكيل حكومة جامعة من 24 وزيراً، وإنه لا مانع من إسناد حقيبة المالية لوزير شيعي.
تواصل بري - حزب الله
ولفت المصدر نفسه إلى أن بري يتواصل مع قيادة «حزب الله» التي تتصرف بواقعية وتبدي كل استعداد للتعاون مع عون وسلام لتسهيل ولادة الحكومة، لأن لا مصلحة في التباطؤ ولا في وضع العراقيل أمام تأليفها، بينما الضرورة تتطلب إعادة تكوين السلطة لتأمين انتظام المؤسسات الدستورية، ليكون في وسع الحكومة العتيدة الإفادة من الدعم الدولي لإعمار ما هدمته "إسرائيل" لضمان عودة الجنوبيين إلى قراهم، لئلا تتحول إلى بلدات مهجورة.
وشدد على ضرورة تحضير الأجواء لتطبيق القرار 1701 بنشر الجيش في جنوب الليطاني بمؤازرة قوات الطوارئ الدولية (يونيفيل)، مع استعداد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، لتوفير كل الدعم للمؤسسة العسكرية بتأمين احتياجاتها، وقال: إنهما يمارسان كل أشكال الضغط على "إسرائيل" للتقيُّد بما نص عليه اتفاق وقف النار، وصولاً إلى انسحابها من الجنوب في نهاية المهلة التي حددها.