الوقت- بعد الرحلات الدبلوماسية التي قام بها رئيس الدبلوماسية الإيرانية، سافر وزير الخارجية مؤخراً إلى وجهة جديدة إلى دولة الصين العظيمة، وكما أعلنت مصادر رسمية في طهران، فإن وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية سيلتقي ويتشاور مع نظيره الصيني والأمين العام الجديد لمنظمة شنغهاي للتعاون خلال رحلته إلى بكين.
السيد عباس عراقجي، الذي وصل إلى بكين يوم الجمعة الـ 7 من كانون الثاني/يناير بدعوة رسمية من نظيره الصيني وانغ يي، وذلك خلال زيارته لهذه الدولة الواقعة في شرق آسيا والتي تستغرق يومين، بالإضافة إلى اجتماعه مع وزير الخارجية الصيني والوزير الجديد، كما يجتمع عام منظمة شنغهاي للتعاون ويتشاور، وهذه هي الزيارة الأولى التي يقوم بها عراقجي إلى بكين بصفته وزيرا للخارجية في الحكومة الرابعة عشرة.
أهداف السفر إلى الصين بلغة عراقجي
وكتب وزير الخارجية الإيراني مقالا في الجريدة الرسمية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني في نفس الوقت الذي زار فيه الصين، أعرب فيه عن أمله في "فصل جديد في العلاقات الإيرانية الصينية"، وجاء في مقال وزير الخارجية الإيراني في صحيفة "بيبولز ديلي" الصينية: "إننا نواجه تغيرات غير مسبوقة في العالم، لقد واجهت هذه التغيرات الدول بفرص وتحديات معقدة في الوقت نفسه، ووضعت العالم على "مفترق طرق تاريخي" للاختيار بين المواجهة أو التعاون، أو الاحتكار أو الشمول، أو الانغلاق أو الانفتاح، أو الفوضى أو الاستقرار".
ورفضًا لفرض القيم الغربية، كتب وزير الخارجية الإيراني أيضًا: "من أجل مواجهة الأحادية والبلطجة، ستدعم إيران والصين دائمًا التنمية والازدهار والتعاون والصداقة بين دول الجنوب العالمي وعلى الجانب الأيمن من التاريخ".
وحسب وزير الخارجية الإيراني، فإن منطقة الشرق الأوسط تواجه العديد من التحديات، التي تعتبر القضية الفلسطينية جوهرها.. ونشاطر الرأي مع أصدقائنا الصينيين بأن الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة وإرسال المساعدات الإنسانية هما أهم الأولويات في الوضع الراهن في فلسطين.
العلاقات بين إيران والصين من شريك اقتصادي إلى شريك سياسي استراتيجي
وشهدت العلاقات الاقتصادية بين الصين وإيران خلال الأعوام الماضية نمواً متواصلاً، وتوسعت هذه العلاقات بشكل متزامن في المجالات السياسية أيضاً:
التبادل الاقتصادي المتنامي لإيران والصين
إن التنوع الاقتصادي والتجاري الذي تتمتع به الصين، باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، يتمتع بسوق واسعة لمختلف السلع والخدمات، ويمكن لإيران، باعتبارها دولة تمتلك الموارد (النفط والغاز والمعادن) والقوى العاملة الماهرة، أن تقدم سلعها وخدماتها إلى هذا السوق.
وهذا التنوع يوفر مصالح البلدين، وترجع أهمية التجارة بين إيران والصين إلى التعاون الاقتصادي المكثف والموقع الجغرافي الاستراتيجي وبرامج تطوير البنية التحتية المشتركة والقدرة على تجاوز العقوبات، وستساعد هذه العلاقات إيران على استغلال مواردها الطبيعية وستستفيد الصين من موقف إيران لتسهيل التجارة والوصول إلى الأسواق الإقليمية والعالمية.
ومن ناحية أخرى، ولضمان أمن الطاقة، حاولت الصين تجنب الاعتماد المفرط على دولة معينة، وتتلخص وجهة النظر السائدة في دوائر السياسة الخارجية في الصين في أن البلاد لا ينبغي لها أن تستورد أكثر من 20% من احتياجاتها من النفط الخام من دولة معينة، سواء كانت روسيا أو المملكة العربية السعودية، ومع ذلك، فإن هذه الاستراتيجية المتمثلة في تجنب الاعتماد على دولة معينة لا تلغي تماما اعتماد الصين على الشرق الأوسط.
استراتيجية سياسية مشتركة
وتولي الصين أهمية كبيرة لدعم جهود إيران في إعادة بناء قوتها ومكانتها، حيث تريد الصين إنشاء نوع من البنية الأمنية الإقليمية التي تعتمد على توازن القوى وأن تلعب إيران دورًا كأحد الركائز القوية والشريك الرئيسي للصين في مواجهة هيمنة الولايات المتحدة في الشؤون الأمنية للمنطقة، ولذلك فإن إضعاف إيران لا يتوافق مع هذا النهج، ووقعت الصين وثيقة مدتها 25 عاما للتعاون الاقتصادي مع إيران في عام 2021، لكن التقدم في الاستثمار والتعاون الاقتصادي ظل محدودا.
وتعتبر مبادرة الحزام والطريق، التي لها أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة للصين، إيران لاعبا رئيسيا في الخطط الجيواقتصادية والجيوسياسية، وفي الوقت نفسه، تظهر سياسة التحول إلى شرق طهران التركيز الاستراتيجي للبلاد على تعزيز العلاقات مع الصين والدول الآسيوية الأخرى.
ومن ناحية أخرى تجدر الإشارة إلى أنه نظراً للظروف التي يمر بها المجتمع الدولي ومجمل التطورات والتغيرات التي طرأت على منطقة غرب آسيا من حرب غزة إلى الحرب الروسية الأوكرانية وتوجه أوروبا إلى هذه الحرب والتطورات التي طرأت على المنطقة، عودة متزامنة لدونالد ترامب، ومع تولي ترامب السلطة في الولايات المتحدة، أصبح تطور العلاقة بين جمهورية إيران الإسلامية والصين أمرًا لا مفر منه.
تتميز العلاقة بين الصين وإيران بعدة خصائص، أولاً، الصين عضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ومن المؤكد أن العلاقات الجيدة مع هذا البلد ستكون ميزة لإيران، ومن ناحية أخرى، فإن الصين عضو في خطة العمل الشاملة المشتركة في مجال المفاوضات النووية، ودور الصين مهم جداً بالنسبة لإيران في إطار هذه المفاوضات، سواء في الماضي أو اليوم أو بالتأكيد في المستقبل القريب، وإن وجهات نظر إيران والصين متقاربة جدًا بشأن القضايا العالمية وتعزيز التعاون بين بلدان الجنوب، وكل هذه الحقائق والقواسم المشتركة توفر العديد من الأسباب لتطوير وتعميق التعاون بين طهران وبكين.