الوقت- لم تكتفِ آلة الحرب الصهيونية بتحويل قطاع غزة إلى ساحة حرب مفتوحة، بل تجاوزت كل الخطوط الحمراء والقوانين الدولية باستهدافها المباشر للمدنيين الأبرياء ومؤسساتهم الحيوية، فمنذ انطلقت شرارة العدوان، لم يميز العدو بين مقاتل ومدني، بين طفل وشيخ، بين مدرسة ومستشفى، فاستهدف المدارس والجامعات، وحول البيوت إلى ركام، وشتت العائلات، وقطع أوصال الحياة، لكن الأشد إجراماً كان استهدافه المتعمد للمستشفيات، تلك المعاقل التي يلجأ إليها الجرحى والمرضى طلباً للشفاء، ليضاعف بذلك من معاناة أهالي القطاع المحاصر، فلم يعد الأهالي يشعرون بالأمان حتى داخل جدران المستشفيات، بل أصبحوا يخشون القصف في كل لحظة.
كارثة إنسانية....الاحتلال يقتل الأمل ويحول المستشفيات إلى مقابر
في تصعيد جديد لجرائمها بحق المدنيين العزل في قطاع غزة، أصدرت قوات الاحتلال الإسرائيلي أمراً بإغلاق وإخلاء مستشفى كمال عدوان، أحد آخر المستشفيات التي لا تزال تعمل جزئياً في شمال القطاع.
هذا القرار الجائر يضع مئات المرضى، من بينهم أطفال حديثو الولادة، في وضع مأساوي، حيث يعتمدون على الأجهزة الطبية والأوكسجين للحفاظ على حياتهم.
وأكد حسام أبو صفية، مدير المستشفى، أن الامتثال لأمر الإغلاق "شبه مستحيل" نظراً لنقص سيارات الإسعاف اللازمة لنقل هذا العدد الكبير من المرضى، وتواجه الطواقم الطبية تحديات هائلة في تأمين سلامة المرضى وإجلائهم في ظل الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ أشهر.
ويخشى الجميع من وقوع كارثة إنسانية، وخاصة مع تدهور الأوضاع الصحية في غزة وتزايد الحاجة إلى الرعاية الطبية، هذا العمل الإجرامي من قبل الاحتلال يعتبر انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، ويؤكد استمرار سياسة التطهير العرقي التي تمارسها "إسرائيل" بحق الشعب الفلسطيني.
استهداف ممنهج
لا يمكن فهم حجم الجريمة التي ترتكبها "إسرائيل" في قطاع غزة إلا بوصفها حملة إبادة ممنهجة تستهدف كل مقومات الحياة، وفي مقدمتها الحق في الصحة والعلاج، فمنذ سنوات طويلة، تشن "إسرائيل" حربًا شرسة على القطاع الصحي في غزة، حربًا تهدف إلى تدمير البنية التحتية الطبية وتعطيل الخدمات الصحية الأساسية، ما يؤدي إلى تفاقم معاناة المرضى وتدهور الأوضاع الصحية بشكل عام.
إن استهداف المستشفيات والعيادات الطبية ليس أمراً عشوائياً، بل هو جزء من استراتيجية عسكرية إسرائيلية تهدف إلى إضعاف قدرة الفلسطينيين على الصمود والمقاومة، فمن خلال تدمير البنية التحتية الصحية، تحاول "إسرائيل" خلق أزمة إنسانية حادة تضطر الفلسطينيين إلى الاستسلام.
ومن أبرز مظاهر هذه الحملة الإجرامية القصف المباشر للمستشفيات، ما يؤدي إلى تدمير أقسام كاملة وإصابة طواقم طبية ومدنيين، كما أن الحصار الخانق المفروض على قطاع غزة من قبل كان مخطط له حيث يمنع دخول الأدوية والمعدات الطبية اللازمة، ما يؤدي إلى نقص حاد في هذه المواد الحيوية، بالإضافة إلى ذلك، يتعرض الأطباء والمسعفون لاستهداف مباشر أثناء تأدية عملهم، ما يزيد من صعوبة تقديم الخدمات الطبية للمرضى، ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل تستهدف "إسرائيل" بشكل متعمد البنية التحتية الصحية، مثل محطات توليد الكهرباء ومخازن المياه، ما يؤثر سلبًا على عمل المستشفيات.
إن هذه الجرائم التي ترتكبها "إسرائيل" بحق الشعب الفلسطيني تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، كما أنها جريمة ضد الإنسانية تستوجب مساءلة مرتكبيها وتقديمهم للعدالة، إن استهداف القطاع الصحي في غزة هو بمثابة جريمة حرب، حيث يحرم الفلسطينيين من حقهم الأساسي في الحصول على الرعاية الصحية. يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته وأن يتخذ إجراءات عاجلة لوقف هذه الجرائم وتقديم المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني.
إن استمرار هذه الحملة الإجرامية يؤكد أن "إسرائيل" لا تريد سوى إبادة الشعب الفلسطيني وتدمير كل مقومات حياته، ويجب على العالم أجمع أن يقف صفا واحدا ضد هذه الجرائم وأن يضغط على "إسرائيل" لوقف عدوانها ورفع الحصار عن قطاع غزة.
صرخة استغاثة... العالم يتفرج على إبادة شعب بأكمله
في الوقت الذي يعاني فيه الشعب الفلسطيني في غزة من أزمة إنسانية حادة، يقف العالم متفرجًا على هذه الجرائم البشعة، حيث إن صمت المجتمع الدولي يشجع "إسرائيل" على الاستمرار في عدوانها، ويبعث رسالة واضحة مفادها بأن القتل والتشريد والتدمير مسموح به في فلسطين.
إن الحصار المفروض على غزة هو جريمة ضد الإنسانية، وهو انتهاك صارخ للقانون الدولي، ويجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته وأن يتخذ إجراءات عاجلة لإنهاء هذا الحصار، وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني، ومحاسبة مرتكبي هذه الجرائم، فالصمت الدولي ليس فقط مرفوضًا أخلاقيًا، بل هو جريمة بحد ذاتها، تشارك فيها جميع الدول التي تقف مكتوفة الأيدي بينما تُرتكب هذه الفظائع.
العالم يشاهد يوميًا صور الأطفال الفلسطينيين الذين يفقدون حياتهم، والمنازل التي تدمر، والبنى التحتية التي تُهدم، دون أن يحرك ساكنًا، هذا الصمت المطبق يعكس نفاقًا دوليًا مقيتًا، حيث تُرفع الأصوات عالية في قضايا أخرى، بينما يتم تجاهل معاناة الشعب الفلسطيني.
هذا الصمت ليس فقط مخزيًا، بل هو محفز مباشر لاستمرار العدوان الإسرائيلي، وإن استمرار الصمت الدولي يشجع "إسرائيل" على ارتكاب المزيد من الجرائم، ويعمق من معاناة الشعب الفلسطيني، ويجب على العالم أن يدرك أن ما يحدث في غزة هو كارثة إنسانية لا يمكن السكوت عنها، فالقتل الجماعي والتشريد القسري والتدمير الممنهج للبنية التحتية في غزة هي جرائم حرب يجب أن تُحاسب عليها "إسرائيل"، لا يمكن أن تظل هذه الجرائم دون عقاب، فهذا سيشجع على المزيد من العنف والتوتر في المنطقة.
يجب على الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي أن يتحملوا مسؤولياتهم وأن يتخذوا إجراءات حاسمة لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، كما يجب فرض عقوبات على "إسرائيل"، وإرسال قوات حفظ سلام دولية لحماية المدنيين الفلسطينيين، كما يجب فتح ممرات إنسانية لإيصال المساعدات الطارئة للسكان المحتاجين، وإعادة بناء ما دمره العدوان.
الصمت الدولي ليس فقط يشجع على استمرار العدوان، بل يساهم في تعميق الأزمة الإنسانية. يجب على الدول الغربية، خاصة الولايات المتحدة، التي تقدم الدعم العسكري والمالي ل"إسرائيل"، أن تعيد النظر في سياساتها وتضغط على "إسرائيل" لوقف العدوان فورًا، لا يمكن أن يُقبل أن تكون الأرواح الفلسطينية رخيصة في حسابات السياسة الدولية.
إن مستقبل الشعب الفلسطيني في غزة مهدد بشكل خطير، إذا استمر العالم في صمته، فإننا سنرى تكرارًا للجرائم، وسيكون هناك المزيد من الضحايا الأبرياء، يجب أن يدرك العالم أن الصمت ليس خيارًا.
في الختام، يجب على المجتمع الدولي أن يحرك كل الوسائل المتاحة لديه لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، يجب أن تكون هناك مسؤولية دولية حقيقية لحماية المدنيين الفلسطينيين وضمان المساءلة عن الجرائم المرتكبة، لا يمكن أن نسمح بأن يظل العالم متفرجًا على إبادة شعب بأكمله، يجب أن تُسمع أصوات الضحايا وأن يُتخذ الإجراءت المناسبة قبل فوات الأوان.