الوقت- في تطورٍ جديدٍ يزيد من تعقيد المشهد الإسرائيلي، أثبتت أحداث "طوفان الأقصى" أنها لم تؤثر فقط على الجبهة الخارجية للكيان الصهيوني، بل أحدثت زلزالًا داخليًا هز أركان النظام الحاكم، فالمظاهرات والاحتجاجات التي اجتاحت المدن الإسرائيلية في أعقاب الأحداث الأخيرة، شكلت صفعة قاسية لبنيامين نتنياهو وحكومته، وكشفت عن عمق الانقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي.
إن تعنّت نتنياهو في ملف تبادل الأسرى، والذي يعتبر قضيّة حساسة لدى العديد من العائلات الإسرائيلية، زاد الطين بلة، وأشعل فتيل الغضب الشعبي، فقد رأى الإسرائيليون في هذا التعنّت تجاهلاً لمصالحهم، واستغلالًا سياسيًا للأزمة، وبدأت الأصوات تتعالى مطالبة بإقالة نتنياهو، واعتباره المسؤول الأول عن التدهور الذي تشهده البلاد.
الأوساط السياسية والإعلامية في "إسرائيل" تشهد حالة من الفوضى والانقسام، فالمعارضة تشن هجوماً عنيفاً على نتنياهو، متهمة إياه بتوريط الكيان الصهيوني لمصالحه الشخصية، وتجاهل معاناة المستواطنين، أما المؤيدون لنتنياهو فيحاولون الدفاع عن سياساته، ولكنهم يجدون صعوبة في إقناع الرأي العام بجدوى تلك السياسات.
نتنياهو يُفضّل الحرب على حياة الأسرى.. لابيد يتهم رئيس الوزراء بتعطيل صفقة التبادل
اتهم زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعرقلة جهود إنهاء الحرب على غزة وتبادل الأسرى، مشيرًا إلى أن نتنياهو يضع مصالحه السياسية الضيقة فوق حياة الإسرائيليين المحتجزين في غزة.
في تصريحات نارية، هاجم لابيد نتنياهو، متهماً إياه بـ"تغليب الاعتبارات السياسية على إعادة المختطفين وأمن إسرائيل"، وأكد لابيد أن نتنياهو يفضل استمرار الحرب على غزة بدلاً من التوصل إلى صفقة تبادل للأسرى، وذلك خوفًا من فقدان السلطة.
وأشار لابيد إلى أن نتنياهو قد فشل في عدة محاولات سابقة لإبرام صفقة تبادل، وذلك بسبب شروطه التعجيزية التي تهدف إلى إطالة أمد الصراع.
وأضاف لابيد: "لا أفهم الحديث برمته، عن صفقة جزئية، لماذا لا نذهب إلى صفقة شاملة، لماذا لا نعيد جميع المختطفين ونوقف الحرب".
من جانبه، أكد أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب "إسرائيل بيتنا"، على ضرورة إتمام صفقة التبادل فوراً، مشيراً إلى أن بقاء نتنياهو في السلطة هو العائق الرئيسي أمام تحقيق ذلك.
صفقة الأسرى... ورقة ضغط أم ورقة تفاوض ضائعة؟
قضية تبادل الأسرى كانت دائماً واحدة من أبرز القضايا في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، وقد كانت تمثل فرصة للتوصل إلى حلول سلمية وإعادة الهدوء إلى المنطقة، ومع ذلك، بدلاً من أن تكون ورقة ضغط تخفف من الضغوط على نتنياهو، أصبحت هذه القضية مصدرًا للتوتر والغضب الشعبي، ما أدى إلى مواجهة مع عائلات الأسرى الإسرائيليين.
إن تعنت نتنياهو في ملف تبادل الأسرى أدى إلى تفاقم الأزمة وزيادة الضغوط عليه، حيث إن عائلات الأسرى الإسرائيليين، الذين يعانون من القلق والتوتر بسبب مصير أحبائهم، أصبحوا في مواجهة مباشرة مع الحكومة، هذه العائلات تشعر بالخيانة والتجاهل، حيث يرون أن نتنياهو يضع مصالحه السياسية الضيقة فوق حياة أبنائهم، كما أن المظاهرات والاحتجاجات التي اندلعت في المدن الإسرائيلية عكست حالة الغضب واليأس التي تعيشها هذه العائلات.
يواجه نتنياهو موقفًا صعبًا للغاية، حيث يتعرض لضغوط شديدة من قبل الشعب الإسرائيلي المعارض لسياساته، الرأي العام الإسرائيلي بدأ يفقد الثقة في قدرة نتنياهو على حل الأزمة، فقدان الثقة هذا يتجلى في المظاهرات والاحتجاجات الواسعة، التي تطالب بإقالة نتنياهو واتخاذ خطوات جادة نحو حل سياسي.
من ناحية أخرى، تشن المعارضة السياسية هجمات عنيفة على نتنياهو، متهمة إياه بفشل سياساته وتغليب المصالح الشخصية على مصلحة الشعب الإسرائيلي، زعيم المعارضة يائير لابيد، على سبيل المثال، هاجم نتنياهو بشدة، وفي هذا الصدد تثير قضية تبادل الأسرى تساؤلات حول ما إذا كانت ستكون ورقة ضغط تستخدمها المعارضة للإطاحة بنتنياهو، أم إنها ستضيع بسبب تعنته.
من الواضح أن نتنياهو يجد نفسه في مأزق حقيقي، حيث أصبحت قضية الأسرى نقطة ضعف خطيرة في سياسته، فالمعارضة ترى في هذه القضية فرصة للضغط على نتنياهو وإظهار فشله في تحقيق أهدافه السياسية والأخلاقية، وهنا لا بد من القول، إن قضية تبادل الأسرى تُعد اختبارًا حقيقيًا لقدرة نتنياهو على التعامل مع الأزمات وتحقيق التسوية، إذا واصل نتنياهو تعنته، فإن هذه القضية قد تصبح ورقة ضغط تستخدمها المعارضة للإطاحة به.
نهاية محتومة ومأزق بلا مخرج
في الوقت الذي يحاول فيه نتنياهو تبرير سياساته العدوانية، يظهر الواقع أن تعنته في عدم إنهاء العدوان لن يمنعه من مواجهة المحاكمات وانتهاء مستقبله السياسي، عدوانه على غزة لم يحقق أهدافه المعلنة، بل أدى إلى تفاقم الأزمة وتعميق الضغوط عليه من جميع الجبهات، هذا الفشل العسكري أدى إلى حالة من الارتباك والغضب داخل "إسرائيل"، حيث بدأ الرأي العام يفقد الثقة في قدرة نتنياهو على تحقيق السلام والأمن.
تعنت نتنياهو في ملف تبادل الأسرى أدى إلى فشل جميع الصفقات السابقة، نتنياهو فرض شروطًا تعجيزية، ما أدى إلى إطالة أمد الصراع وزيادة المعاناة، هذه السياسة أدت إلى تعميق حالة عدم الثقة بين "إسرائيل" والفصائل الفلسطينية، ما جعل التوصل إلى حلول سلمية أكثر صعوبة، كما أن العديد من الخبراء والمحللين يرون أن نتنياهو يستخدم هذه القضية كغطاء لتجنب المحاكمة وحماية مصالحه السياسية، ما يزيد من حالة الغضب واليأس في المجتمع الإسرائيلي.
مقاضاة نتنياهو، سواء على المستوى المحلي أو الدولي، أصبحت أقرب من أي وقت مضى، حيث توجه له اتهامات بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان تزداد يومًا بعد يوم، كما أن المنظمات الحقوقية الدولية تجمع الأدلة وتعد التقارير لتقديم نتنياهو ومسؤولين إسرائيليين آخرين للمحاكمة.
هذا الضغط القانوني يزيد من الضغط السياسي على نتنياهو، ما يجعل من الصعب عليه الاستمرار في منصبه، كما أن تأثير العدوان على الاستقرار الداخلي في الكيان لا يمكن تجاهله، فالرأي العام الإسرائيلي بدأ يفقد الثقة في قدرة نتنياهو على تحقيق الأمن.
المظاهرات والاحتجاجات الواسعة التي اندلعت في المدن الإسرائيلية عكست حالة الغضب واليأس التي تعيشها عائلات الأسرى الإسرائيليين وعموم الشعب، هذه الاحتجاجات تطالب بإقالة نتنياهو واتخاذ خطوات جادة نحو حل سياسي ووقف العدوان على غزة.
آراء الكتاب والمحللين الإسرائيليين حول سياسات نتنياهو هي حادة وتنتقد بشكل قوي، العديد من الكتاب والمحللين يرون أن نتنياهو يغلب مصالحه الشخصية على مصلحة الشعب الإسرائيلي، ما يؤدي إلى فشل السياسات وزيادة التوتر.
بعض الكتاب أشاروا إلى أن نتنياهو يستخدم الأزمة كغطاء لتجنب المحاكمة، ما يزيد من حالة الغضب واليأس في المجتمع الإسرائيلي، هؤلاء الكتاب والمحللين يؤكدون على أن نتنياهو قد فشل في ملف تبادل الأسرى بسبب شروطه التعجيزية التي تهدف إلى إطالة أمد الصراع.
في الختام، يبدو أن مستقبل نتنياهو السياسي بعد انتهاء عدوانه على غزة مهدد بشكل خطير، وتعنته في عدم إنهاء العدوان لن يمنعه من مواجهة المحاكمات وانتهاء مستقبله السياسي، فالرأي العام الإسرائيلي والضغط الدولي والمعارضة السياسية كلها تشير إلى أن نتنياهو فقد مصداقيته وقدرته على تحقيق الأمن لكيانه اللقيط، وإذا واصل نتنياهو تعنته، فإن هذه القضية قد تصبح ورقة ضغط تستخدمها المعارضة للإطاحة به.