الوقت – يبلغ "نبيه بري" من العمر الآن 86 عاماً، لكنه لا يزال سياسياً نشطاً في مجال التطورات اللبنانية، وكان آخر دور ناجح له خلال إرساء وقف إطلاق النار في لبنان، المهمة التي استطاع أن ينجزها بشكل جيد في الأشهر الماضية وهي أنه كان حامل الرسائل بين فصائل المقاومة اللبنانية وحزب الله مع "عاموس هوكستين" المبعوث الأمريكي، مهمة يبدو فيها نبيه بري أكثر من مجرد وسيط، وربما ليس عبثاً أن يطلق عليه أعضاء مقاومة حزب الله اللبناني لقب الأخ الأكبر، لأن نبيه بري يقف إلى جانب حزب الله كالأخ الأكبر في الأزمات التي تجتاح لبنان أحياناً.
بري.. منذ ولادته في سيراليون إلى مقعد رئيس مجلس النواب
ولد بري في الـ 28 من كانون الثاني/يناير 1938 لأبوين شيعيين في عاصمة دولة سيراليون الإفريقية، لأن والده مصطفى بري كان يمارس الأعمال التجارية هناك، والتحق بري بالمدرسة في جنوب لبنان ثم تخرج في جامعة لبنان عام 1963 كلية الحقوق.
وكانت نقطة التحول في نشاط بري السياسي عام 1980 عندما تم انتخابه لقيادة حركة أمل، وكان له دور مهم في مقاومة عدوان الجيش الإسرائيلي وخاصة في جنوب لبنان والبقاع في معارك 1982، وكان اللاعب الأساسي في تطورات الـ 6 من فبراير 1984 المتوترة من خلال التحالف مع "وليد جنبلاط" زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني ضد حكومة "أمين الجميل" الطائفية والمشاركة في اتفاق الطائف لإنهاء الحرب الأهلية اللبنانية.
وكان وزيراً للدولة لإعادة إعمار جنوب لبنان في عهد رئيس الوزراء رشيد الكرمي ووزير الإسكان والتعاونيات من المسؤوليات الأساسية الأخرى لنبيه بري قبل توليه رئاسة مجلس النواب اللبناني.
فاز بري بالانتخابات النيابية اللبنانية في الـ 6 من أيلول/سبتمبر 1992، على رأس قائمة "التحرير"، ويتولى رئاسة مجلس النواب اللبناني منذ ذلك الحين.
آخر دور ناجح لـ "نبيه بري"
وفي مؤتمر صحفي عقب وقف إطلاق النار الأخير، قال نجيب ميقاتي، رئيس الوزراء اللبناني المؤقت، للصحفيين: إن «السيد نبيه بري لعب دوراً مهماً في تجاوز الأزمة في لبنان بإدارته الذكية»، والحقيقة أن وقف إطلاق النار في لبنان هو من آخر أعمال نبيه بري الناجحة في التطورات في لبنان، وفي هذا الصدد يمكن الإشارة إلى بعض النقاط عن نبيه بري:
وجه معروف عالميًا
شغل بري عدة مناصب دولية ناجحة ممثلا لحكومة لبنان، منها رئيساً للبرلمان العربي عام 2004، ورئيس برلمان منظمة التعاون الإسلامي عام 2006، ورئيس برلمان المغتربين اللبنانيين لفترة واحدة، وبهذا المعنى، فقد أظهر بري وجهاً معروفاً للسياسي اللبناني في التطورات الدولية والإقليمية ومعروفاً لدى العديد من المسؤولين الدوليين.
"بطل" بالإجماع اللبناني
طوال حياته السياسية، حاول بري جمع كل الفئات اللبنانية معاً، ووقف إلى جانب المعلمين والمحامين في احتجاجات عام 2013 وحاول زيادة رواتب الحكومة للمعلمين وموظفي الخدمة المدنية في لبنان.
إن جهود بري لتوحيد الفرقاء اللبنانيين جعلت منه، حسب تقرير المونيتور، أطول ولاية رئيس برلمان في العالم، حيث تولى رئاسة البرلمان في 7 فترات مختلفة.
وشدد خلال إعلان وقف إطلاق النار في لبنان، على أن الحرب أظهرت الوجه الحقيقي للبنان في التضامن والوحدة الوطنية، ونحن بحاجة إلى الوحدة الوطنية بين جميع اللبنانيين اليوم.
بجوار المقاومة
ومن ناحية أخرى، لا بد من الأخذ في الاعتبار أيضاً أنه خلال الوساطات الأخيرة لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، بذل نبيه بري أقصى جهوده لتأمين حقوق الشعب اللبناني وفصائل المقاومة.
وفي الواقع، خلال مفاوضات وقف إطلاق النار، كان المندوب الأمريكي يحاول فرض خطة واشنطن وتل أبيب المقترحة على الشعب وفصائل المقاومة، لكن نبيه بري بذكاء أكد على ضرورة تغيير بنود اتفاق وقف إطلاق النار، بما في ذلك إزالة البند المتعلق بحرية العمل لـ"إسرائيل" في الغارات الجوية على لبنان وأغلق الطريق جزئيا أمام إسراف تل أبيب في القيام بمزيد من العمليات في لبنان، وبعد ذلك ستتاح لفصائل المقاومة الفرصة لاستعادة قدراتها اللوجستية والدعم مرة أخرى.
وفي الوقت نفسه، واصل نبيه بري علاقات وثيقة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ويمكن ملاحظة هذا التقارب في الزيارة الأخيرة التي قام بها علي لاريجاني مستشار المرشد الأعلى إلى بيروت والاجتماع مع بري في بيروت.