الوقت- بعد تقديم تشيلي طلب الانضمام إلى قضية "الإبادة الجماعية" ضد كيان الاحتلال الاسرائيلي التي رفعتها جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية ترتفع الآمال تجاه العدالة الدولية و إنصاف القضية الفلسطينية و تجريم الكيان الصهيوني عالمياً و العمل على عزله دولياً.
وبذلك أصبحت تشيلي الدولة الثامنة التي تعلن انضمامها في قضية الإبادة الجماعية في غزة، بعد نيكاراغوا وكولومبيا وليبيا والمكسيك وفلسطين وإسبانيا وتركيا على أمل أن تطول القائمة، وما يعزز الموقف الفلسطيني هو أن التهمة لم توجه بشكل عرضي من قبل فصيل إسلامي "متطرف" أو سياسي غربي معاد للسامية، بل من قبل أعلى محكمة في المجتمع الدولي، والتي تم تقديمها بصورة مدروسة مستشهدة بالأدلة ذات الصلة التي لا يمكن رفضها بسهولة.
طلب تشيلي الانضمام
إن سبب طلب تشيلي الانضمام للدعوى ضد الكيان الصهيوني في محكمة العدل الدولية هو "رغبتها في عرض آرائها بشأن تفسير أحكام الاتفاقية ذات الصلة بهذه القضية"، كما جاء في الطلب.
و أكدت تشيلي في طلبها على أن المحكمة يجب أن تأخذ في الاعتبار بشكل خاص استخدام كبار المسؤولين الإسرائيليين تصريحات ترتبط بالإبادة الجماعية، ودعت المحكمة جنوب إفريقيا كيان الاحتلال الاسرائيلي إلى تقديم آراء مكتوبة بشأن إعلان طلب انضمام تشيلي.
صفعة لتل أبيب و إسناد لغزة
من خلال قراءة الوضع السياسي القائم اليوم على الساحة العالمية تشير التقديرات إلى أن مجرد قبول محكمة العدل الدولية الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا بخصوص الحرب على غزة، ورفض طلب كيان الاحتلال الاسرائيلي برد الدعوى بمثابة بطاقة حمراء دولية في وجه تل أبيب، وسيكون له تداعيات سلبية على كيان الاحتلال الاسرائيلي في مختلف المحافل الدولية وبشكل خاص بعد انضمام عدة دول إلى الدعوى و دعم الموقف الفلسطيني في وجه الكيان الصهيوني الغاصب في حربه الوحشية ضد الشعب الفلسطيني.
وتتفق قراءات المحللين والمختصين الإسرائيليين في هذا الشأن على أن الإجراءات والتعليمات الصادرة عن محكمة العدل الدولية تشكل ضغطا على كيان الاحتلال الاسرائيلي يقوده للعزلة دولياً، كما تضع الجيش الإسرائيلي وعملياته العسكرية تحت عين الرقيب والقانون الدولي.
موقف الدول القوية
الجدل المحيط بمحاولة “المحكمة الجنائية الدولية” إصدار مذكرات توقيف ضد قادة الاحتلال يعكس التحديات الأوسع في السعي لتحقيق العدالة في بيئة دولية مسيسة للغاية وخاصة أن نظر المحكمة في إصدار هذه المذكرات ضد مجرم الحرب نتنياهو ووزيره غالانت تعقدت للأسف بتدخل المملكة المتحدة، حين أثارت الحكومة البريطانية اعتراضات على اختصاص المحكمة في هذه المسألة، متسائلة عما إذا كانت المحكمة تتمتع بالسلطة القانونية لإصدار مثل هذه المذكرات.
في حين سخر السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، العضو باللجنة القضائية بمجلس الشيوخ، من قرار المحكمة، وقال "بقدر ما أشعر بالقلق، يمكن لمحكمة العدل الدولية أن تذهب إلى الجحيم، لقد حان الوقت منذ زمن طويل للوقوف في وجه ما تسمى منظمات العدالة الدولية المرتبطة بالأمم المتحدة"، وأكد بايدن دعمه لنتنياهو و الاستهزاء بفعالية قرارات المحكمة الدولية فعندما تتحدث إدارة بايدن عن نظام دولي قائم على القواعد، فإنها تتحدث عن نظام تتحكم فيه الولايات المتحدة، ولا تقصد به نظاما قائما على القواعد.
لم يُعطل الاعتراض البريطاني بشكل خاص الصادر من قوة كبرى العملية فحسب، بل أشار أيضًا إلى عقبة دبلوماسية كبيرة، حيث يعكس موقف المملكة المتحدة شكوكًا أوسع بين القوى الغربية حول دور المحكمة في معالجة القضايا المتعلقة بالكيان، وهي التي غالبا ما يحميها حلفاؤها من الرقابة القانونية الدولية.
ويمكن قراءة الاعتراض البريطاني كجزء من نمط تاريخي حيث تحاول الدول القوية، وخاصة تلك المتحالفة مع الكيان، تقييد نطاق الآليات القانونية الدولية التي قد تتيح محاسبة قادة الصهاينة على جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني، بما يثير شكوكًا حول حيادية العدالة الدولية عندما يتعلق الأمر بالكيان المعتاد على الإفلات من العقاب وانتهاك القانون الدولي، لكن الوضع اتخذ منعطفًا مفاجئًا مع تغيير الحكومة البريطانية، حيث قررت الحكومة الجديدة برئاسة كير ستارمر إسقاط الاعتراض وبالتالي إزالة عقبة كبيرة أمام إجراءات المحكمة، حيث كانت هذه الخطوة حاسمة لأنها سمحت للمحكمة بالمضي قدمًا في النظر في مذكرات التوقيف دون أن تعوقها اعتراضات لاعب دولي رئيسي.
غير أن هذا الجدل يسلط الضوء على الصراع المستمر من أجل العدالة والمساءلة في سياق الاحتلال الإسرائيلي، إذ يُنظر إلى الاعتراض الأولي للحكومة البريطانية كدليل آخر على المعايير المزدوجة الغربية عندما يتعلق الأمر بالكيان.
ختام القول
انضمام تشيلي للدعوى والترقب لانضمام دول أخرى وتوسيع الجبهة الدولية المناهضة للفكر الصهيوني النازي يشكل تغييرا جوهريا في عالم تكثر فيه الحروب والأزمات بهدف السيطرة على التجارة العالمية وخطوط الانتاج الاستراتيجي للدول المسيطرة على القرار الدولي وهي ذاتها الممانِعة لإحداث أي تغيير يتناسب وواقع عالمنا اليوم الذي بات معروفا بعالم أحادي القطبية بزعامة أمريكية التي تعمل على الحفاظ على عدم الاستقرار في الدول ذات المواقع الاستراتيجية الفاعلة والمؤثرة في حركة التجارة العالمية، من هنا يأتي دور امريكا في تحريك ذراعها الاسرائيلي وقوى الارهاب فمنذ احتلال الكيان الغاصب لفلسطين وهي تقوم بتمرير مصالح امريكا في المنطقة ولطالما كانت فلسطين و مقاومتها وحيدة على الساحة الدولية وإن كانت معركة طوفان الاقصى بكل ما حملته خلال الشهور الماضية من آمال وآلام تحت عنوان الحرية والكرامة لفلسطين الا انها ببعدها الاستراتيجي تحمل عنوانا أكثر واقعية متمثل بإنهاء المشروع الامريكي أحادي القطب والمتمثل بسيطرة الليبرالية الامريكية على ثروات الشعوب الشرق الاوسطية من البوابة الفلسطينية .