الوقت - عاد الجدل حول سد النهضة الى الواجهة مجددا بعد ما أعلنت إثيوبيا تشغيل توربينين جديدين على سد النهضة في خطوة لمضاعفة إنتاجها من الكهرباء، وإن البناء الخرساني اكتمل الآن، وانتقل السد من مرحلة البناء إلى مرحلة التشغيل.
وأشارت إلى أن التوربينين اللذين يولدان 400 ميغاوات لكل منهما بدأ تشغيلهما الآن، فيما يولد توربينان آخران 375 ميغاوات لكل منهما، ليرتفع إجمالي الإنتاج إلى 1,550 ميغاوات، وأن السد يصرف 2,800 متر مكعب في الثانية من المياه الإضافية باتجاه دول المصب.
في حين شكك خبير مصري في تصريحات رئيس الوزراء الأثيوبي وبالأدلة، حيث أكد أنها خادعة ومضللة ولا تمت للحقيقة بصلة، موضحا أن السد لم يكتمل فعليا ولن تستطيع أديس أبابا تركيب توربينات الكهرباء كاملة بنهاية العام الحالي.
كما حذّر المتخصص في القانون الدولي، والأمين العام للجنة الدولية للدفاع عن الموارد المائية بالقاهرة الدكتور محمد محمود مهران من خطورة تلك التصريحات، موضحاً أن تلك التصريحات تمثل استمراراً صارخاً لانتهاك إثيوبيا للقانون الدولي وقانون المياه الدولي، وخصوصاً الاتفاقية الإطارية بشأن الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية.
وقال مهران إن إعلان إثيوبيا اكتمال السد دون وجود اتفاق قانوني ملزم مع دولتي المصب مصر والسودان، يعد خرقاً واضحاً لمبادئ التعاون والتشاور المسبق، وعدم الإضرار المنصوص عليها في القانون الدولي، مبيناً أن الإشكالية لا تنتهي عند بناء السد واكتماله، بل بحجز المياه عن دولتي المصب، ويتم ملؤه وقت ما تريد إثيوبيا دون وجود اتفاق قانوني ملزم لكل الأطراف بشأن مواعيد ملء وتشغيل السد، معتبراً أن هذا الوضع يشكل تهديداً مستمراً للأمن المائي لمصر والسودان.
وحول الكميات الضخمة من المياه التي أعلن عنها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، قال «مهران» إن هذا الإعلان يمثل قنبلة موقوتة تهدد سلامة السد نفسه، لكون تخزين كميات كبيرة من المياه بهذه السرعة يهدد السد بالانهيار، وهو ما يضيف مخاطر ليس فقط على دولتي المصب، بل على سلامة السكان في إثيوبيا نفسها.
وتعليقاً على تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي، قال وزير الموارد المائية والري المصري السابق، محمد نصر علام، في تصريح له إن "الهدف الرئيسي من الإعلان هو الإشادة بالإنجاز الإثيوبي وتشييد سد النهضة وعدد من التوربينات لتوليد الكهرباء"، مضيفاً إن هناك "هدفاً ثانوياً وهو محاولة إرسال رسالة طمأنينة لمصر والسودان، وتوفير إمدادات مياه ثابتة لهما"، وشدّد على أن "الخطورة تتمثل في عدم اعتراف إثيوبيا بحصتي مصر والسودان، في مياه النيل، وبالتالي ما قد يتم توفيره من المياه لهما من خلال سد النهضة قد يكون أقل من احتياجاتهما".
بدوره، رأى أستاذ هندسة السدود المصري محمد حافظ، أن إعلان الحكومة الإثيوبية "المفاجئ" لشعبي مصر والسودان، مساء السبت الماضي، يفتح ثلاث بوابات من البوابات الست بالمفيض الغربي الجانبي حقق ثلاثة أهداف في آن واحد، وهي: "أولاً، الانصياع لطلب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإيقاف الملء الخامس عند منسوب منخفض عن 640 متراً، وثانياً إظهار حرص أديس أبابا إعلامياً على إرضاء الدولة المصرية، وثالثاً إجراء الاختبار الفني والتأكد من سلامة البوابات المعدنية فوق المفيض الجانبي".
وأوضح أن "رغبة إثيوبيا في تصريف المياه عبر بوابات المفيض الجانبي، وفي الوقت نفسه استكمال التخزين حتى 71 مليار متر مكعب، توضح أن الأمر ليس عطفاً ومحبة من رئيس الوزراء الإثيوبي على شعبي مصر والسودان، بل إن الأمر ليس إلا رغبة فنية في اختبار البوابات الميكانيكية للمفيض الغربي الجانبي، التي تم الانتهاء من تركيبها في يوليو/تموز الماضي، ويجب اختبارها قبل إنهاء المقاول أعماله".
بدوره، أكد أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، في حديثٍ لـوسائل الإعلام أن "حصة مصر من مياه النيل وصلت كاملة مع زيادة هذا العام من مخزون السنوات السابقة"، مشدداً في الوقت ذاته على أن "وصول حصة مصر هذا العام بعد النقص في السنوات السابقة، لا يعني الموافقة على أسلوب إثيوبيا في بناء وتخزين وتشغيل سد النهضة وأنه يجب الدفاع عن حقوقنا المائية حتى وإن لم تنقص، وإقرار مبدأ التشاور والاتفاق قبل أي مشروع مائي على نهر النيل".
وأعلنت إثيوبيا الانتهاء من الأعمال الخرسانية في سد النهضة وتقدماً في عملية تشغيل المشروع، وقال كبير المفاوضين الإثيوبيين سيلشي بيكيلي، إنه تم الانتهاء من بناء السد الخرساني (السد الرئيسي)، باستثناء اللمسات النهائية لأعمال التشطيب.
وكشف عن أن التوربينين الجديدين بسعة 400 ميغاوات لكل منهما، إضافة لتوربينين موجودين بسعة 375 ميغاواتاً لكل منهما، مؤكداً تشغيل مزيد من التوربينات للوصول إلى سعة إجمالية تبلغ 5150 ميغاواتاً، "ما يجعلها أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في أفريقيا"، مضيفاً: "ينتقل التقدم الآن من مرحلة البناء إلى مرحلة.
وردا على سؤال هل تفتح إثيوبيا بوابات التصريف العلوية في سد النهضة، قال عباس شراقي إن كمية التخزين الخامس في سد النهضة تختلف عن التخزينات السابقة في قدرة إثيوبيا على التحكم فى كميته أثناء الفيضان بسبب وصول سطح البحيرة إلى ما بعد مستوى بوابات المفيض العلوية الست عند 625 م فوق سطح البحر.
وأوضح أن التخزين وصل حتى الآن إلى أكثر من 13 مليار م3 عند مستوى 634 م بإجمالي 54 مليار م3، مبينا أن كمية المياه في التخزين الخامس تتوقف على قدرة إثيوبيا في تركيب وتشغيل أكبر عدد من الـ 11 توربينا المتبقية".
ويتساءل مراقبون هل ستتحرك مصر من أجل اعلان اكتمال بناء سد النهضة وما هي خياراتها لتتفادى أي صدام سياسي ولتحافظ على نصيبها من المياه.