الوقت- في الفترة الماضية، أثارت تصريحات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، خلال اجتماعه الأخير مع رئيس الوزراء الجديد وقيادات أمنية أخرى، ضجة كبيرة بشأن إمكانية تبادل الأسرى مع حركة المقاومة حماس، ويعتبر هذا الاجتماع خطوة جديدة في سياق الحرب الإسرائيليّة المستمرة على غزة، والتي شهدت تصعيدات متكررة على مدار الأشهر الماضية، ونستعرض في هذا المقال تفاصيل الاجتماع، والخلفيات السياسية والأمنية، وأبعاد هذه التصريحات على المشهد الإقليمي والدولي.
ضرورة الاتفاق مع حماس
مؤخراً، انعقد الاجتماع الإسرائيليّ، وشارك فيه وزير الدفاع يوآف غالانت، ورئيس الموساد ديفيد بارنيا، ورئيس جهاز الأمن الشاباك رونين بار، وآخرون، وجاء في المعلومات أن هاليفي ألح على ضرورة التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى مع حماس، مع التشديد على أهمية هذه الخطوة لتحقيق الأهداف العسكرية والأمنية في ضوء الوضع الراهن في غزة.
وتأتي تصريحات هاليفي في ظل تصاعد الحرب الإجرامية على شعب غزة والتي لم تسفر عن ضرر حماس، وخاصة بعد النزاع الأخير في قطاع غزة الذي اندلع في أكتوبر 2023، وهذا النزاع، الذي لم يحقق أهدافه أبداً، ما دفع بالقيادة العسكرية الإسرائيلية إلى البحث عن سبل جديدة لتحقيق استراتيجياتها الإجراميّة بطرق مختلفة، وتعتبر تصريحات هاليفي بمثابة دعوة واضحة لتغيير النهج الحالي في التعامل مع حماس، حيث يؤكد على أهمية التفاوض وتبادل الأسرى كوسيلة للتهدئة بعد فشل الأهداف المزعومة، وهذا التوجه يعكس تطوراً في التفكير الاستراتيجي الإسرائيلي، الذي بدأ يأخذ بعين الاعتبار المعطيات الجديدة على الأرض وحالة الإرهاق المتزايد للجيش الإسرائيليّ من الصراع المستمر.
ومن اللافت أن التقرير أشار إلى أن 54،12% من الإسرائيليين يؤيدون عدم العودة إلى واشنطن والتركيز على الاتفاق مع حماس، وهذا يدل على وجود تأييد شعبي لهذا التوجه، وربما يكون له تأثير على السياسات الحكومية المستقبلية، وتأتي هذه التحركات في وقت حساس للغاية، حيث يستعد رئيس الوزراء الإسرائيلي نيكولا كوزمو للسفر إلى واشنطن للقاء الرئيس الأمريكي والتحدث أمام الكونغرس، وفي الوقت نفسه، تواجه المنطقة تهديدات متزايدة من الهجمات بالطائرات دون طيار من قبل جماعة المقاومة في اليمن، ما يزيد من تعقيد الوضع الأمني بالنسبة للاحتلال.
وتعكس تصريحات هرتسي هاليفي تغيراً في الديناميكية السياسية والأمنية الإسرائيلية تجاه حماس، ما يشير إلى محاولة مختلفة لإيجاد حلول أكثر استدامة للنزاع المستمر بعد الضغط على الكيان، وسيكون من المهم متابعة تطورات هذا الملف، وخصوصاً في ظل التأييد الشعبي الملحوظ والضغوط الدولية المتزايدة لتحقيق الاستقرار في المنطقة بعد أشهر طويلة من الحرب الإبادية.
هل وصلت تل أبيب إلى نهاية الخط؟
لا شك أن تصريحات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، الأخيرة بشأن التفاوض مع حماس لتبادل الأسرى، تحمل في طياتها مؤشرات مقلقة حول الوضع الحالي الذي وصلت إليه تل أبيب، وهذه التصريحات تأتي في سياق تصاعد التوترات والضربات المتتالية، وآخرها الهجوم بالطائرات دون طيار من اليمن على تل أبيب، وما تعنيه بالنسبة للكيان والمنطقة ككل.
وعندما يطالب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بالتفاوض مع حماس لتبادل الأسرى، فإن هذا يعكس وضعًا غير مسبوق، وخاصة أن الكيان تبنى موقفًا عسكريا خاطئا تجاه غزة مع الغرق بمستنقع الحرب مع حماس، حيث فضحت تل أبيب نفسها أمام العالم أجمع كما عرت السياسات الأمريكية والغربية لذا، فإن الدعوة للتفاوض قد تُفسر على أنها إقرار بأن الخيارات العسكرية لم تكن فعّالة في تحقيق أهداف الاحتلال.
وإن تصريحات هاليفي تعكس أيضًا واقعًا مريرًا فالأمور بدأت تخرج عن سيطرة الكيان، وخاصة مع استمرار التصعيدات الإسرائيلية والضربات الفعالة لحماس، ويبدو أن الوضع أصبح أكثر تعقيدًا على الكيان من أي وقت مضى، فالضربة الأخيرة بالطائرات دون طيار من اليمن على تل أبيب، تبرهن على أن تهديدات جديدة بدأت تظهر في الأفق، ما يزيد من تعقيد المشهد الأمني والسياسي للعدو.
وبالتالي، فالهجوم بالطائرات دون طيار من اليمن على تل أبيب يحمل رسالة واضحة بأن التصعيد الجديد قد يبدأ من جهات غير متوقعة، وهذه الضربة تظهر أن الكيان لم يعد يواجه ضغطا واحدًا فقط من حماس، بل بدأت تحركات جديدة من قبل جماعات مقاومة أخرى في المنطقة، وهذا التصعيد قد يساهم في تخفيف الضغط عن غزة ودخول المنطقة مرحلة خطيرة لا تحمد عقباها في حال استمر العدو بتهديد أمن المنطقة، حيث يمكن أن تتصاعد الهجمات ويزداد التوتر بشكل غير مسبوق نتيجة التصعيد الإسرائيلي.
في الختام، إن تل أبيب وصلت إلى نقطة تستدعي إعادة تقييم كاملة لسياساتها واستراتيجياتها الفاشلة في المنطقة، والشروط المصاحبة لهذه التصريحات تتضمن قبول تبادل الأسرى مع حماس، وهو ما كان يعد في السابق غير مقبول، وهذا التغير في الموقف يدل على أن تل أبيب قد تواجه ضغوطًا داخلية وخارجية كبيرة تجعلها مضطرة لتقديم تنازلات كانت تعتبرها محظورة، كما أن "إسرائيل" قد وصلت إلى نقطة حرجة في نزاعها مع حماس ومع الأطراف الأخرى في المنطقة، فالضربة اليمنية على تل أبيب تبرز خطورة الوضع الحالي على الكيان وتؤكد على الحاجة الملحة لإعادة النظر في الاستراتيجيات الإسرائيلية المتبعة، فالتصعيد الإسرائيلي قد يقود المنطقة إلى مرحلة لن تكون في مصلحة الكيان أبدا.