الوقت- بعد أشهر من الصمود أمام آلة القتل والتهجير الصهيونية لم يستطع كيان الاحتلال الصهيوني النيل من عزيمة المقاومة وثبات موقفها الواضح في عدم الرضوخ لأي اتفاق لا يتضمن إيقافاً تاماً للحرب، في الوقت الذي أصبح يبدو واضحاً أن الولايات المتحدة وكيان الاحتلال الإسرائيلي يستمتعان بمجازر الأطفال والنساء وعدم رغبتهما الفعلية في إنهاء الحرب، والسعي عبر المفاوضات إلى كسب الوقت، على أمل أن يحقق نتنياهو أهدافه عبر القتال.
موقف ثابت
في ظل ثبات الموقف الفلسطيني تجاه أي اتفاق لا يضمن وقف الحرب بشكل كامل قال القيادي في حركة حماس أسامة حمدان: إن الحركة أبلغت الوسطاء بأنها لن تعقد أي اتفاق مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي بشأن تبادل الأسرى ما لم يكن هناك موقف واضح من تل أبيب بالاستعداد لوقف دائم للحرب والانسحاب من قطاع غزة.
جاء ذلك في ظل تقديم كيان الاحتلال الإسرائيلي تحت المظلة الأمريكية مقترحاً يفتح باب المفاوضات في كل شيء وبلا نهاية وفي الحقيقة الاحتلال لا يريد إلا مرحلة واحدة (من الاتفاق) يستعيد من خلالها أسراه، ثم يستأنف عدوانه وحربه على شعب فلسطين، فالاحتلال لا يريد وقف إطلاق النار، ولا يريد التوصل إلى نتائج، الأمر الذي لا يتفق مع وقف نار دائم وانسحاب شامل من غزة كما أعلن بايدن في خطابه الأخير، والذي أعلنت حماس أنها ستتعامل بإيجابية معه وبشكل خاص أن بايدن عبر في خطابه عن وقف إطلاق نار دائم والانسحاب الكامل من غزة، وإعادة الإعمار، وعودة النازحين، وإنجاز صفقة تبادل جادّة للأسرى، وتكثيف الإغاثة.
وأكدت حركة حماس على لسان حمدان أنها أبلغت الوسطاء موقفها بشأن ما قدمته "إسرائيل" عبر بايدن، مشددة على أنها لا يمكن أن توافق على اتفاق لا يؤمن ولا يضمن ولا يؤكد على وقف إطلاق النار الدائم والانسحاب الشامل من غزة، وإنجاز صفقة تبادل أسرى جادة وحقيقية، ويأتي ذلك في ظل انتظار الحركة لموقف إسرائيلي واضح من مسألة وقف إطلاق نار دائم وانسحاب شامل من غزة والتي تحظى بإجماع دولي كامل.
وعقب حديث بايدن عن مقترح إسرائيلي من 3 مراحل يشمل وقفا لإطلاق النار في غزة وإطلاق سراح المحتجزين وإعادة إعمار القطاع، دعت قطر ومصر والولايات المتحدة، في اليوم التالي، كلا من حماس و"إسرائيل" إلى إبرام اتفاق يجسد المبادئ التي أعلنها بايدن.
فيما لم تعلن حكومة الاحتلال موقفا نهائيا مما أعلنه بايدن، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصف ما عرضه الرئيس الأمريكي بأنه "غير دقيق"، وقال في تصريحات صحفية: إنه لم يوافق على إنهاء الحرب في المرحلة الثانية من المقترح، وإنما فقط "مناقشة" تلك الخطوة وفق شروط تل أبيب، الأمر الذي يجسد اتهام الفصائل الفلسطينية الولايات المتحدة وكيان الاحتلال بعدم رغبتهما الفعلية في إنهاء الحرب، والسعي عبر المفاوضات إلى كسب الوقت، على أمل أن يحقق نتنياهو أهدافه من خلال الضغط على حماس عن طريق المجازر الدامية بحق الأطفال والنساء.
جزار الأطفال محشور في الزاوية
ربما كان عدم رفض حماس خطة بايدن تأكيد على أن الفصائل الفلسطينية تسير في الاتجاه الصحيح وخصوصاً أنها أكّدت على مطلبها الأساسي وهو ضمان تنفيذ فعلي ومضمون لما جاء فيها من دعوة لوقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيلي وعودة النازحين وإعادة الإعمار.
اليقظة مطلوبة وملحة لعدم منح نتنياهو ثغرة للادعاء بأن حماس هي التي تمنع التوصل إلى اتفاق، فعلى الرغم من رد حماس الإيجابي، ما زالت وسائل الإعلام الإسرائيلية تردد بأن حماس لم ترد، ولقد لاحت فرصة مهمة جدا لمحاصرة وعزل الموقف الإسرائيلي، والغالبية الساحقة من الحكومات (وليس فقط الشعوب) تريد للحرب أن تنتهي، وهنا يأتي الدور العربي لحشد الضغوط الدولية على "إسرائيل"، وإذا كان هناك ضغط قوي وفعلي فسوف يخضع له نتنياهو، الذي يدل تاريخه السياسي على أنه يرضخ دائما إذا جرى كبسه وحشره في الزاوية.
ما يجري خلف الستار يبين وضوح واكتمال أبعاد المقاومة الفلسطينية التي تمثلت بصمودها ودقت تخطيطها ما جعل الكيان المحتل وأمريكا وحلفاءهم في حالة تخبط زادت مع ازدياد ردود الأفعال الدولية تجاه الكيان المحتل والذي أرادها ان تكون حرب إبادة جماعية للفلسطينيين في غزة، وهذا عزز فقدان ثقة العالم بهذا الكيان ”كدولة” ديمقراطية كانت تؤيدها كل أطياف المجتمع الأمريكي والغربي إلى “دولة ” تسفك الدماء، وتهجر الأبرياء وتفرض حصاراً يتضرع منه جوعا الشيخ والطفل والمرأة، فبات مطلباً ملحاً أن يتم تصنيف حكومة الاحتلال على القائمة السوداء للأمم المتحدة.
ختام القول، لقد تعرى الكيان المحتل فبعد أن كان يوصف بالديمقراطي أصبح الكيان “منبوذاً ” بين بلاد الدنيا وانكشفت نواياه للقاصي والداني ولا أعلم لماذا المطبعون من العرب لا يرون هذه الحقيقة، وهل حقا لم يدركوا تلك الحقيقة؟.