الوقت- حذر الباحث والمحلل الصهيوني الكبير "يوفال نوح هراري" من أن الأداء الإجرامي والكارثي لحكومة نتنياهو في غزة دفع "إسرائيل" إلى حافة الفشل والدمار الكامل، ونشر البروفيسور والمؤرّخ والمفكّر الإسرائيلي الذي يعرفه كبار مثقفي العالم، وعُرف من خلال كتب: "Sapiens" و"Homo Deus" و"Unstoppable Us"، مقالاً مهما في "هآرتس"، ومما جاء فيه: "في الأيام المقبلة، سيتعيّن على إسرائيل أن تتخذ قرارات سياسية تاريخية، قرارات يمكن أن تشكل مصيرها ومصير المنطقة بأكملها لأجيال قادمة، ولسوء الحظ، أثبت نتنياهو وشركاؤه مرارا وتكرارا أنهم غير مؤهّلين لاتخاذ مثل هذه القرارات، وإن السياسات التي اتبعوها لسنوات عديدة دفعت إسرائيل إلى حافة الدمار وحتى الآن، لم يبدوا أي ندم على أخطائهم الماضية، ولم يظهروا أي ميل لتغيير الاتجاه، وإذا استمروا في تشكيل السياسة، فإنهم سوف يقودوننا والشرق الأوسط برمته إلى الهلاك، وبدلاً من الاندفاع إلى حرب جديدة مع إيران، يتعين علينا أولاً أن نتعلم الدروس من إخفاقات إسرائيل على مدى الأشهر الستة الماضية من الحرب"، كما "تجاهلت حكومة نتنياهو كل أهداف الحرب، وركّزت بدل ذلك على الانتقام، وقد فشلت في تأمين إطلاق سراح كل الرهائن، ولم تنزع سلاح حماس، والأسوأ من ذلك أنها تسبّبت عمدا في إلحاق كارثة إنسانية بحياة 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة، وبالتالي تقويض الأساس الأخلاقي والجيوسياسي لوجود إسرائيل".
"إذا لم نغيّر سلوكنا تجاه الفلسطينيين، فإن غطرستنا ورغبتنا في الانتقام ستُلحق بنا كارثة تاريخية"، "لقد أصبحنا الآن مكروهين ومنبوذين حتى من قِبَل العديد من أصدقائنا السابقين، إلى متى تستطيع إسرائيل البقاء كدولة منبوذة؟ ليس لدينا موارد روسيا الوفيرة، ومن دون علاقات تجارية وعلمية وثقافية مع بقية العالم، ومن دون الأسلحة والأموال الأمريكية، فإن السيناريو الأكثر تفاؤلا بالنسبة لإسرائيل هو أن تصبح كوريا الشمالية في الشرق الأوسط".
"الحرب وسيلة عسكرية لتحقيق أهداف سياسية، وهناك معيار رئيسي واحد يمكن من خلاله قياس النجاح في الحرب: هل تم تحقيق الأهداف السياسية؟ في أعقاب المذبحة المروعة التي وقعت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، كانت إسرائيل بحاجة إلى تحرير الرهائن ونزع سلاح حماس، ولكن لا ينبغي أن يكون هذا هو هدفها الوحيد، وفي ضوء التهديد الوجودي الذي تشكله إيران وعملاء الفوضى التابعين لها على إسرائيل، تحتاج إسرائيل أيضاً إلى تعميق تحالفها مع الديمقراطيات الغربية، وتعزيز التعاون مع القوى العربية المعتدلة، والعمل على إقامة نظام إقليمي مستقر، لكن حكومة نتنياهو تجاهلت كل هذه الأهداف، وركزت بدلا من ذلك على الانتقام، لقد فشلت في تأمين إطلاق سراح جميع الرهائن، ولم تنزع سلاح حماس، والأسوأ من ذلك أنها تسببت عمدا في وقوع كارثة إنسانية على 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة، وبالتالي قوضت الأساس الأخلاقي والجيوسياسي لوجود إسرائيل".
"إن الكارثة الإنسانية في غزة والوضع المتدهور في الضفة الغربية يؤججان الفوضى الإقليمية، ويضعفان تحالفاتنا مع الديمقراطيات الغربية، ويجعلان من الصعب على دول مثل مصر والأردن والسعودية التعاون معنا، لقد ركز معظم الإسرائيليين اهتمامهم الآن على طهران، ولكن حتى قبل الهجوم الإيراني فضلنا أن نغض الطرف عما كان يحدث في غزة والضفة الغربية، ومع ذلك، إذا لم نغير سلوكنا تجاه الفلسطينيين، فإن غطرستنا ورغبتنا في الانتقام ستلحق بنا كارثة تاريخية، خان يونس أصبحت مدمرة الأسبوع الماضي. كان من الضروري قتال حماس وهزيمتها، لكن كان من الممكن القيام بذلك حتى دون قتل هذا العدد الكبير من المدنيين الأبرياء".
"لسنوات عديدة، عمل نتنياهو وشركاؤه السياسيون على صياغة أجندة لم تتجاهل أهمية تحالفنا مع الديمقراطيات الغربية فحسب، بل وأيضاً احتياجات إسرائيل الأمنية الأكثر عمقاً، لقد كُتب الكثير عن الأسباب التي أدت إلى كارثة السابع من أكتوبر، وسوف يُكتب الكثير، ولا شك أنه لا يمكن تحميل رئيس الوزراء المسؤولية عن كل التفاصيل الصغيرة، ولكن رئيس الوزراء مسؤول عن الأمر الأكثر أهمية، ألا وهو تشكيل أولويات البلاد، وكانت الأولويات التي اختارها نتنياهو كارثية، لقد فضل هو وشركاؤه ترسيخ الاحتلال بدلاً من تأمين حدودنا، حتى أن نفس الزعيم الذي أثبت لسنوات أنه غير قادر على إخلاء مستوطنة إسرائيلية غير قانونية واحدة في الأراضي المحتلة نجح في يوم واحد في إخلاء بلدات سديروت الإسرائيلية في الجنوب وكريات شمونة في الشمال، وعدد سكانهما يفوق عشرات الآلاف، والأسوأ من ذلك أنه عندما شكل نتنياهو حكومته الأخيرة، كان عليه أن يقرر أي من مشاكل إسرائيل العديدة ينبغي أن يركز عليها، هل ينبغي لإسرائيل أن تعطي الأولوية لمحاربة حماس أو حزب الله أو إيران؟ وبعد تفكير طويل، قرر نتنياهو محاربة المحكمة العليا، لو أن حكومة نتنياهو، بين يناير/كانون الثاني وأكتوبر/تشرين الأول 2023، أعطت حماس ربع الاهتمام الذي أولته لمحاربة المحكمة العليا، لكان من الممكن منع كارثة الـ7 من أكتوبر/تشرين الأول".
"وعندما اضطر نتنياهو، بعد الـ 7 من أكتوبر/تشرين الأول، إلى اتخاذ قرار بشأن أهداف الحرب، فلا عجب أن يتم وضع الأمن مرة أخرى في مرتبة متدنية للغاية على قائمة الأولويات، ومن الواضح أن إسرائيل اضطرت إلى دخول غزة لنزع سلاح حماس، ولكن الهدف بعيد الأمد للحرب كان ينبغي أن يتلخص في خلق نظام إقليمي مستقر قادر على الحفاظ على سلامة الإسرائيليين لسنوات عديدة، ولا يمكن إنشاء مثل هذا النظام إلا من خلال تعزيز التحالف بين إسرائيل والديمقراطيات الغربية، وتعميق التعاون مع القوى العربية المعتدلة، وبدلاً من تنمية هذه التحالفات والشراكات، كان هدف الحرب الذي اختاره نتنياهو هو الانتقام الأعمى".
"فشل حكومة نتنياهو خلال الحرب ليس عرضيا، إنها الثمرة المرة لسنوات عديدة من السياسات الكارثية، إن القرار بإلحاق كارثة إنسانية بغزة نتج عن مزيج من ثلاثة عوامل طويلة الأمد: الافتقار إلى الحساسية تجاه قيمة حياة الفلسطينيين؛ وانعدام الحساسية تجاه مكانة إسرائيل الدولية؛ والأولويات المنحرفة التي تجاهلت احتياجات إسرائيل الأمنية الحقيقية، لسنوات عديدة، قام نتنياهو وشركاؤه السياسيون بغرس رؤية عنصرية للعالم، والتي عودت الكثير من الإسرائيليين على تجاهل قيمة حياة الفلسطينيين، يؤدي خط مباشر من مذبحة حوارة في فبراير 2023 إلى المأساة الإنسانية الحالية في غزة، في الـ26 من فبراير 2023، قُتل مستوطنان إسرائيليان أثناء مرورهما بسيارتهما في حوارة بالضفة الغربية، وانتقاما لذلك، أحرقت حشود من المستوطنين المنازل والمتاجر والسيارات في حوارة، وأصابت العشرات من المدنيين الفلسطينيين الأبرياء، في حين لم تفعل قوات الأمن الإسرائيلية سوى القليل أو لا شيء على الإطلاق لوقف هذا الغضب، وهؤلاء الذين اعتادوا على حرق مدينة بأكملها انتقاماً لمقتل إسرائيليين اثنين، اعتبروا أنه من المقبول تدمير قطاع غزة بالكامل انتقاماً للسابع من أكتوبر/تشرين الأول".