الوقت- قدمت جمهورية نيكاراغوا مؤخرا طلبًا إلى محكمة العدل الدولية، يطالب بأمر يلزم جمهورية ألمانيا بوقف جميع صادرات الأسلحة إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي، وخاصة أن السلطات في برلين قد انتهكت اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 عندما قامت بتزويد تل أبيب بالمعدات العسكرية والمساعدات الأخرى، وذلك على الرغم من حكم محكمة العدل الدولية في يناير بأنها قد انتهكت بعض جوانب الاتفاقية المذكورة، حيث تعتبر ألمانيا ثاني أكبر مورد للأسلحة للكيان بعد الولايات المتحدة، حيث قدمت ألمانيا معدات عسكرية بقيمة 353،7 مليون دولار إلى تل أبيب في عام 2023، كما طالبت نيكاراغوا محكمة العدل الدولية بضرورة حث برلين على استئناف تمويل وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، بالإضافة إلى تقديم المساعدات الإنسانية الأخرى التي تقدمها ألمانيا بالفعل، في ظل الحرب الإسرائيلية المستمرة على الفلسطينيين.
بشكل مباشر وصريح، قالها كارلوس خوسيه أرجويلو جوميز، الممثل النيكاراغوي لدى محكمة العدل الدولية: "لا يمكن أن يكون هناك شك في أن ألمانيا تدرك جيدًا الخطر الكبير المتمثل في ارتكاب إبادة جماعية في غزة"، في ظل حديث دانييل مولر، المحامي النيكاراغوي لدى محكمة العدل الدولية: "إنه ذريعة مثيرة للشفقة للأطفال والنساء والرجال الفلسطينيين في غزة أن تُقدم المساعدات الإنسانية، بما في ذلك عن طريق الإنزال الجوي، في حين يتم تزويدهم بالأسلحة والمعدات العسكرية التي تستخدم ضدهم وتهدف إلى قتلهم وإبادتهم".
وبالفعل، كانت ألمانيا ومازالت جنبًا إلى جنب مع العديد من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة، من بين الدول التي علقت تمويل الأونروا بعد اتهام كيان الاحتلال الإسرائيلي لأحد موظفيها بالتورط في هجوم شنته حماس في الـ 7 من أكتوبر 2023، والذي أدى إلى وفاة 1200 شخص، وتواصل تل أبيب في محاولة إنكار جميع الاتهامات بشأن الإبادة الجماعية، زاعمة حقها في الدفاع عن نفسها، بالإضافة إلى ذلك، نفت ألمانيا أيضًا الادعاءات الموجهة إليها من قبل نيكاراغوا، وفي هذا السياق، ادعت تانيا فراين فون أوسلار جليشن، المستشارة القانونية لوزارة الخارجية الألمانية: "ألمانيا لم تنتهك ولن تنتهك أبدًا اتفاقية الإبادة الجماعية أو القانون الإنساني الدولي، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر".
ومن المتوقع أن تقدم برلين حجتها الضعيفة، على الرغم من عدم قبول محكمة العدل الدولية حتى الآن القضية المقدمة من نيكاراغوا، إلا أنها مُطالبة بالاستجابة بسرعة نظرًا لطلب ماناجوا اتخاذ إجراءات طارئة، من المتوقع أن يستغرق صدور القرار الأولي عدة أسابيع، ومن الممكن أن تمتد القضية لسنوات في حال تم قبولها، وتعد هذه القضية الثالثة التي تتعلق بالحرب بين كيان الاحتلال الإسرائيلي وحماس والتي تنظر فيها محكمة العدل الدولية هذا العام، في يناير، حيث اتهمت جنوب إفريقيا تل أبيب بانتهاك اتفاقية منع الإبادة الجماعية خلال هجومها على غزة، وقضت المحكمة بأن مثل هذه الادعاءات معقولة وأمرت كيان الاحتلال الإسرائيلي باتخاذ إجراءات طارئة فورية لوقف أعمال الإبادة الجماعية.
أيضًا، قدمت جنوب إفريقيا طلبًا إلى محكمة العدل الدولية لمعالجة أزمة الجوع المستمرة في غزة، وأمرت المحكمة كيان الاحتلال الإسرائيلي بالسماح بإيصال إمدادات الغذاء والمياه الأساسية "دون تأخير"، وفي فبراير، قبلت محكمة العدل الدولية القضية التي طال انتظارها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة شرعية الاحتلال الإسرائيلي لغزة والضفة الغربية، لكن تعتبر حالة نيكاراغوا أوسع نطاقًا من حالة جنوب إفريقيا، حيث تستند نيكاراغوا إلى اتفاقيات جنيف واتفاقية منع الإبادة الجماعية، وتتهم تل أبيب بارتكاب سلوكيات "غير قانونية" أخرى في غزة، وتأمرها بحماية المدنيين، كما أنها تثير أسئلة جديدة بشأن مسؤولية الدول الأخرى التي زودت كيان الاحتلال الإسرائيلي بالأسلحة.
والشيء الأهم، أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أصدر قرارًا في يوم الجمعة الموافق 5 إبريل 2024، يدعو الدول إلى التوقف عن بيع أو شحن الأسلحة إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي، وصوتت 6 دول ضد هذا الإجراء، من بينها الولايات المتحدة وألمانيا، وبينما تعترف ألمانيا باختصاص محكمة العدل الدولية، إلا أن الولايات المتحدة لا تقبل هذا الاعتراف.
وبالأمس، أعلنت ألمانيا أمام محكمة العدل الدولية أن أمن كيان الاحتلال الإسرائيلي يعتبر "في صميم" سياستها الخارجية، وذلك خلال جلسات المحكمة الثانية التي بدأت يوم الاثنين بشأن طلب التدابير المؤقتة الذي قدّمته نيكاراغوا ضد ألمانيا، وتتهم نيكاراغوا ألمانيا بـ"تسهيل ارتكاب إبادة" ضد الفلسطينيين في قطاع غزة من خلال دعمها العسكري والسياسي للكيان.
في الختام، ما تقوم به نيكاراغوا يشكل صفعة جديدة وأقوى من سابقاتها للكيان وداعميه، وخاصة أن الدعوى القضائية ضد ألمانيا تشمل مطالبة القضاة بفرض تدابير عاجلة لمنع برلين من توفير أسلحة ومساعدات أخرى للكيان، وقد انتقدت نيكاراغوا سابقا ألمانيا لدعمها تل أبيب وإرسال الأسلحة إليها خلال الحرب على غزة، ما يعني أن ألمانيا تنتهك اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.