الوقت- بالأمس، صرح جون كيربي المتحدث باسم الأمن القومي الأمريكي عن أمله في التوصل إلى اتفاق مؤقت لوقف إطلاق النار مع حماس قبل بداية شهر رمضان، كما أن واشنطن لا تزال تأمل في إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار مقابل إطلاق سراح الأسرى قبل بداية شهر رمضان، بعد أن صرح منسق الاتصالات الاستراتيجية لمجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض للصحفيين يوم الاثنين بالتوقيت المحلي أن وقف إطلاق النار المؤقت في غزة ضروري للتوصل إلى اتفاق من شأنه إطلاق سراح السجناء الإسرائيليين في غزة، كما أن حماس لم توافق بعد على بنود الاتفاق المقترح الذي يتضمن وقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع مقابل إطلاق سراح بعض الأسرى الإسرائيليين في غزة، حيث يحاول الاحتلال الضغط على المقاومة الفلسطينية لتقديم التنازلات بعد كل التضحيات.
مفاوضات متأرجحة
تزعم واشنطن أنها تريد وقفا مؤقتا لإطلاق النار في غزة " في أسرع وقت ممكن " من أجل تحرير بقية " الأسرى "، وطلب من حماس قبول الاتفاق المطروح الآن على الطاولة، وترى وقف إطلاق النار المؤقت في غزة ضروري للتوصل إلى اتفاق من شأنه إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في غزة الذين يقتلون بفعل القصف الإسرائيليّ، وتدعو حماس –التي باتت تدرك ألاعيب الكيان ومن يدعمه- إلى الالتزام بالاتفاق المعمول به حاليا، الموجود على الطاولة للقبول، فيما تجري مفاوضات لتأمين وقف إطلاق النار في القاهرة.
مقترحات الكيان الإسرائيلي ومن خلال رمي كرة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق للتوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار لمدة 6 أسابيع في غزة، قال الكيان لحماس: "إن مسؤولية قبولها تقع على عاتق حماس"، لكن الواقع أنّ حماس لا تعلم ما إذا كان بعض الأسرى الصهاينة أحياء أم أموات في قطاع غزة، وقد أوضح قادة حركة حماس، في مؤتمر صحفي: "لا نعرف بالضبط من على قيد الحياة ومن مات، وما إذا كانوا قتلوا بالقصف أو بالمجاعة"، وخاصة أن المسألة المتعلقة بتفاصيل الأسرى لم ترد في أي وثيقة أو مقترح خلال المفاوضات، مع التأكيد على ضرورة "وقف إطلاق النار" للرد على "الطلب المتعلق بأسماء وأعداد ووضع الأسرى"، سواء كانوا أحياء أو أمواتا".
وتحدثت المعلومات أن اللقاء الأول في الجولة الجديدة من المفاوضات غير المباشرة التي تعقد في القاهرة لم يشهد أي تقدم في الأزمة، وإن المقاومة قبلت مبدأ المفاوضات على مراحل، وأدركت أن حسم الأحداث لا يمكن أن يأتي دفعة واحدة، بل مشروط بوقف شامل لإطلاق النار قبل إطلاق سراح آخر أسير للمقاومة، وتشكل قضية الأسرى والمعتقلين ووقف إطلاق النار محور المحادثات التي بدأت في القاهرة الأحد، وهدفها تحقيق السلام في غزة قبل بداية شهر رمضان المبارك بوساطة قطر ومصر والكيان، والولايات المتحدة، لكن تعنت تل أبيب هو سبب كل العراقيل.
وفي إشارة إلى أن تسليم المساعدات بالشاحنات تباطأ بسبب معارضة بعض أعضاء حكومة الاحتلال، تزعم الولايات المتحدة أنها ستواصل نقل الإمدادات جوا إلى غزة وتدرس خيارا بحريا لتوصيل المزيد من المساعدات، وفي هذا الصدد، فإن تل أبيب مسؤولة عن الضحايا وبذل المزيد من الجهود، وحول آخر المعلومات الإعلامية حول اجتماع متابعة وقف إطلاق النار في القاهرة والتكهنات حول سيناريو النظام الصهيوني إن الوسطاء حققوا تقدما جيدا في محادثاتهم مع ممثلي حركة حماس، وأن الأمور تتجه نحو وقف إطلاق النار في غزة.
وبالتالي، إن مصر وقطر، إلى جانب الولايات المتحدة، ضاعفتا ضغوطهما من أجل وقف إطلاق النار لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو 5 أشهر بين الكيان وحماس، وهذا التطور المزعوم تعلنه وسائل الإعلام الصهيونية، في حين لم ترسل تل أبيب أي ممثلين إلى القاهرة لمواصلة المفاوضات، وتدعي أنها لن ترسل وفدا لأن رد حماس الأخير على الجوانب العامة لاتفاق باريس لم يكن مرضيا، فيما قالت حماس إن المحادثات الجارية في القاهرة بشأن وقف محتمل لإطلاق النار في قطاع غزة "إيجابية"، مؤكدة أن الكرة في ملعب الكيان الذي قتل عشرات الآلاف من المدنيين.
وبسبب خطر "الاكتظاظ"، فإنه لا ينوى الضغط من أجل العودة الفورية للفلسطينيين إلى شمال القطاع، وبدلا من ذلك، يقترحون عودة تدريجية لأكثر من 500 عائلة يوميا، بتيسير من الصليب الأحمر ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وقال وزير الخارجية المصري سامح الشكري، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الهولندي في القاهرة، إن المفاوضات بين الكيان وحركة حماس لم تصل إلى مرحلة يمكن الحديث فيها عن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ويجب تسليم غزة إلى السلطة، مؤسسات الأمم المتحدة، مشيراً إلى أن استمرار الوضع الحالي في غزة يمكن أن يؤدي إلى توسيع نطاق الصراع، يرى وزير الخارجية المصري أن القاهرة وقطر تحاولان التوصل إلى وقف جزئي لإطلاق النار يؤدي إلى وقف كامل لإطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى>
وإن الحفاظ على المناطق الإستراتيجية أحد المطالب الأساسية لحماس هو الانسحاب الكامل للمحتلين من قطاع غزة، لكن الكيان يقول فقط إنه سينسحب من المناطق المكتظة بالسكان وسيتوقف إلى عمق عدة كيلومترات (هذا فرق) وعلى الأقل إلى طريق صلاح الدين، وبهذا يستقر العدو في مناطق رئيسية لمنع مرور اللاجئين ويجهز نفسه لليوم التالي، وعدم السماح للاجئين بالعودة إلى الشمال، وهناك مطلب رئيسي آخر لحماس في هذه الجولة من المفاوضات وهو العودة الكاملة للاجئين إلى مدينة غزة، فقط من خلال وساطة الولايات المتحدة، ووافق الكيان فقط على السماح فقط للنساء والأطفال وكبار السن والمرضى بالدخول، ولا يُسمح للرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و61 عامًا.
المشكلة في تل أبيب
بينما يستمر سقوط ضحايا في صفوف الجيش في قطاع غزة، ويشهد الركود الاقتصادي والضغط المتزايد من المحتجين في "إسرائيل"، تزداد حدة الخلافات داخل حكومة الحرب« وخطوة غير متوقعة جدًا من بيني غانتس، تجاهلت البروتوكولات المعتادة ووجهت تحديًا صريحًا لبنيامين نتنياهو، بإعلانها نيتها للاجتماع والتشاور مع مسؤولي البيت الأبيض حول غزة، ما أثار غضبًا في صفوف الحلفاء السياسيين، وفيما تسعى السلطات الصهيونية لتشويه الحقائق، وتدعي بأن مطالب حركة حماس مبالغ فيها، يظهر الواقع أن هذه المطالب ضرورية ومشروعة.
وفي الوقت نفسه، تهدد تل آبیب بتوسيع نطاق الحرب إلى رفح إذا لم يتم إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، وهي تهديدات فارغة تكشف عن فشلها في إعادة أسراه من غزة، ما يعكس عمق الأزمة التي يعيشها هذا النظام وتناقض تصريحاته، وقبل ذلك، أعلن بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء نظام الاحتلال، بشكل علني أنه سيهاجم رفح بكل الأحوال، حتى لو تمت صفقة تبادل الأسرى. يرجع ذلك إلى السياسة الوحشية والقتل والإبادة الجماعية التي اتبعها المحتلون منذ بداية غزو غزة، حيث يستمر استهداف المدنيين بما في ذلك الموجودون في رفح بشكل يومي.
وفيما يتعلق بالمناقشات حول ما بعد حرب غزة وادعاءات الأمريكيين والصهاينة بشأن إدارة غزة، فإن نظام الاحتلال لا يمكنه الحديث عن إدارة غزة بشكل فعّال بسبب فشله الكبير في تحقيق أهدافه، واليوم، يعاني المحتلون من تناقضات واختلافات كبيرة فيما بينهم، حيث يهددون بتدمير حماس من جهة، ويطالبون بالتفاوض مع هذه الحركة من جهة أخرى، وفيما يتعلق بالموقف النهائي لحركة حماس من مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، فإن هذه المفاوضات تُجرى بناءً على مصالح الشعب الفلسطيني ولا تتأثر بالتصريحات والتهديدات، فرغبات حماس وأهدافها واضحة ومتفق عليها وطنيًا، وتشمل الوقف الكامل لعدوان العدو والوصول الفوري للمساعدات اللازمة إلى قطاع غزة ورفع الحصار عنها وإعادة إعمارها كشروط أساسية.
وباختصار، لم يتم اتخاذ أي قرارات إسرائيلية حاسمة خلال الأشهر الماضية، حيث تسير الحرب وفقًا لإنجازات تكتيكية لحركة حماس، دون تحركات كبيرة من جانب الکیان لتحقيق إنجازات استراتيجية، وينبغي على مجلس الحرب اتخاذ قرارات مهمة، بما في ذلك العمل على تنفيذ صفقة لتبادل الأسرى قبل حلول شهر رمضان المقبل، واتخاذ إجراءات لمنع تصعيد الوضع في الضفة الغربية خلال هذه الفترة.
بناءً على المعطيات المذكورة، لحماس الحق في وقف إطلاق النار، وعدم تعرضها لضغوط تضعف مطالبها الشرعية، ويتعين على العالم محاسبة "إسرائيل" على جرائمها، ويمكن الاستنتاج أن حماس تمكنت من المقاومة، لا فقط للإجراءات العسكرية الثقيلة، ولكن أيضًا للحيل السياسية المحاولة لتحقيق مصالحها وإذا كانت قادرة على مواجهة كل هذه التحديات، فبالتأكيد ستكون قادرة على التصدي للحيل الخادعة في المجال السياسي لتحقيق غاياتها بشكل مستقل وفعّال.