الوقت- بالأمس، نفى مسؤول إسرائيلي ما تم تداوله من قبل ضابط كبير في جيش الاحتلال حول مقتل ثمانية أطفال إسرائيليين رضّع في كيبوتس "بئيري" خلال هجوم حركة "حماس" على المستوطنات المجاورة لقطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، وأفادت صحيفة "هآرتس" العبرية بتصريحات من متحدث باسم كيبوتس "بئيري"، لم تكشف عن اسمه، حيث نفى تلك الادعاءات، قائلاً "تم تسجيل مقتل ما يقارب من 100 شخص في كيبوتس بئيري، وشهد المجتمع العديد من الحوادث الكارثية خلال أحداث السبت الأسود في الأشهر الماضية، وخاصة فيما يتعلق بقضايا الرهائن"، وأضاف "ومع ذلك، فإن حدوث حوادث مثل قتل 8 أطفال رضّع أو نجاة طفلة من المحرقة المزعومة لم يكن له أي أساس واقعي"، في وقت تتهم فيه "إسرائيل" بقتل أكثر من 10 آلاف طفل ناهيك عن عشرات الآلاف من الضحايا والجرحى.
ادعاءات إسرائيلية كاذبة
بشكل تام، نفت الصحيفة ما أوردته قائلة إن "المقدم جاي باسون، نائب قائد لواء كفير، ادّعى أن ثمانية أطفال رضّع قُتلوا في الحضانة، وإن إحدى الناجيات من المحرقة (الهولوكوست) تُدعى جينيا قُتلت أيضاً"، وأكدت الصحيفة أن الحوادث الموصوفة في المقابلة مع القناة 14 الإسرائيلية التي بثت مساء السبت، لم تحدث على الإطلاق، وفي سياق المقابلة على "القناة 14" التابعة للكيان، قال باسون: "وصلنا إلى كيبوتس بئيري، واجهت سيناريوهين رئيسيين، أحدهما كان من حضانة الأطفال، حيث تم ذبحهم وقتلهم بكل بساطة"، وعندما سئل عما إذا رأى الأطفال بنفسه، أجاب: "ثمانية أطفال، ثمانية أطفال ميتين"، وأضاف لاحقاً: "الصورة الأخرى التي ظلّت عالقة في ذهني هي جينيا، ذات الذاكرة المباركة، وهي امرأة مسنة من كيبوتس بئيري، أرى الرقم محفوراً على ذراعها، وتقول لنفسك، لقد مرت بالمحرقة في أوشفيتز (الهولوكوست) وانتهى الأمر بالموت في كيبوتس بئيري".
لكن، ومنذ اليوم الأول للهدنة بين حركة المقاومة الإسلامية حماس و"إسرائيل" في قطاع غزة، ظهرت جرائم الاحتلال أمام العالم، وكانت من أبشع هذه الجرائم مشاهد صادمة لجثث أطفال متحللة تركت في مستشفى النصر للأطفال في شمال القطاع، بعد إجبار القوات الإسرائيلية طاقم المستشفى والمرضى على إخلائه، وفي اليوم الرابع للهدنة في غزة، قامت وسائل الإعلام بزيارة إلى مستشفى النصر للأطفال، حيث واجه مشاهد صادمة لجثث أطفال متحللة في قسم العناية، وتم المنع من إخراجها ودفنها من قبل جيش الاحتلال.
وانتشرت المقاطع المماثلة بسرعة على منصات التواصل الاجتماعي، مثيرة حالة من الصدمة والغضب، حيث وصف بعض المغردين المشاهد بأنها "صادمة" و"جريمة ضد الإنسانية"، وطرح آخرون تساؤلات حول دور منظمات حقوق الإنسان وحقوق الطفل في ملاحقة جيش الاحتلال الإسرائيلي ومحاسبته على جرائمه ضد أهالي غزة، وخاصة الأطفال، ومن جانبه، أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أنه وثق العثور على أطفال رضع موتى وفي حالة تحلل في حضانة مستشفى النصر، بعد تركهم لمصيرهم منذ 3 أسابيع، ما "قد يصل إلى جريمة إعدام مروعة وجريمة ضد الإنسانية"، ودعا المرصد إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة للتحقيق في هذه الحادثة بالتحديد.
نداءات لإنقاذ أطفال غزة
أطلق الكثير من الأطباء في غزة نداءً للمنظمات الدولية، بما في ذلك الصليب الأحمر، لإنقاذ حياة الأطفال الذين يواجهون حالة صحية صعبة، ولكن لم يتلق أي رد، وإنّ ضابط الجيش الإسرائيلي الذي أنذرهم بالإخلاء النهائي بحالة الأطفال الخمسة الذين يعتمدون على أجهزة التنفس، أكد أن الضابط أعلم بالوضع وأكد أن الجيش سيتصرف، وكانت طبيبة في مستشفى النصر للأطفال قد نشرت في العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي مقطع فيديو من قسم العناية الخاصة، حيث علقت بالقول "عناية مستشفى النصر للأطفال دون كادر طبي بعد تهديد الدبابات، إسرائيل تستخدمنا كدروع بشرية، كلنا الآلاف من البشر بالممرات، شهيدة قصفوها أمام الباب بعد محاولتها الخروج حتى بعد رفع راية بيضاء!"، وفي مستشفى الشفاء بقطاع غزة، انطلقت صرخات فدوى ممدوح، الأم العشرينية، بعد انقطاع الأكسجين عن رضيعها ورحيله إلى السماء، صرخات الأم المكلومة تدوي كرد فعل على صمت الظلام، وتتجاوز صوت قذائف قوات الاحتلال الإسرائيلي الذي لم يتوقف عن مجمع الخدمات الطبية لحظة واحدة، وفي هذا السياق، لا تتوقف جهود الأطباء عن محاولة إنقاذ حياة الرضع من حديثي الولادة.
وفي منطقة باتت أنقاضاً، تتسابق فرق الأطباء والتمريض مع الزمن، حيث ينتقلون بين الأسرة باستمرار وعلى ضوء الهواتف المحمولة لتفقد نبضات قلوب الرضع الحديثين ونسبة الأكسجين في أجسادهم، يعملون جاهدين على توفير المقومات الأساسية للحياة والحفاظ على درجة حرارتهم، بوضع قوارير المياه الساخنة واستخدام البطاطين لتدفئتهم، ومع ذلك، أصبحت مهمتهم شبه مستحيلة بسبب انقطاع التيار الكهربائي ونفاد الأكسجين، ما أدى إلى خروج المستشفيات عن الخدمة، وقد تحدث أبناء سكان غزة، قائلين: "ولادنا بيموتوا قدام عينينا وإحنا مش قادرين نتحرك"، وأضاف: "ملحقناش نسمى عيالنا ولا نطلع شهادات ميلاد لهم، كان نفسى احضنه، الدار راحت والعيال ماتت قدام العالم والكل واقف يتفرج".
وفي تعبير عن حالة الألم واليأس، يقولون"بأي ذنب قتلتوا؟، رضع في الحضانات إيه الخطر اللي بيهددوه لإسرائيل، لمين نضل عايشين ولادنا بيدفعوا تمن سكوت العالم على جرائم الاحتلال وهيفضل العار ملاحق الجميع ثمن سكوتهم"،وحذر أطباء أطفال في قطاع غزة من استمرار حصار الجيش الإسرائيلي والغارات الجوية على المجمعات الطبية، ووصفوا الوضع بـ "الكارثي"، مشيرين إلى أن تعامل قوات الاحتلال مع المستشفيات في غزة وصل إلى مرحلة الجنون، ولا شك أنّ استمرار انقطاع الكهرباء ونفاد الوقود يهدد حياة الرضع حديثي الولادة، حيث تعتبر الحضانة الرحم الخارجي والمكان البديل والأقرب لرحم الأم، حيث يمكن توفير التدفئة والتغذية المناسبة والأكسجين الضروري، وإن عدم توفير الحضانات يعني موت الرضع على الفور.
خلاصة القول، الدليل على الكذب والإرهاب الإسرائيلي الأعمى والهجمات المقصودة على الأطفال وعائلاتهم هو ما أعلنته وزارة الصحة في قطاع غزة، في بيان أصدرته، حول أن 25295 فلسطينيا قتلوا وأصيب 63000 آخرون في الحرب الإسرائيلية على القطاع منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول( وأضافت الوزارة إن الأعداد تشمل 190 قتيلا و340 مصابا خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، في ظل تواصل القصف العنيف على خان يونس، كما أفاد التلفزيون الفلسطيني بأن الجيش الإسرائيلي يحاصر "مجمع ناصر الطبي" بخان يونس في جنوب قطاع غزة من مختلف الاتجاهات، وجاء هذا بعد وقت قصير من إعلان التلفزيون أن آليات عسكرية إسرائيلية تحاول التقدم نحو المنطقة الغربية من مدينة خان يونس في جنوب قطاع غزة، حيث تدور اشتباكات بين مسلحين من الفصائل الفلسطينية و"إسرائيل" منذ أيام، وذكرت الإذاعة الفلسطينية أن نحو 40 قتيلا وصلوا إلى مجمع ناصر الطبي إثر قصف إسرائيلي غرب خان يونس جنوب قطاع غزة.