الوقت- مؤخرا، أعلن الجيش الصهيوني أنه سحب فرقته 36، التي تضم وحدات النخبة مثل جولاني، من غزة، وبينت وسائل الإعلام العبرية أن الفرقة 36 من جيش الاحتلال الإسرائيلي، التي كانت تتمركز شمال قطاع غزة ولواء جولاني ولواءين مدرعين يعملان هناك، قد انسحبت من هذه المنطقة، وباستثناء لواء جولاني، انسحبت الألوية السادسة والسابعة و188 ووحدة الهندسة من المنطقة، وذكرت إذاعة الجيش الصهيوني أنه مع انسحاب الفرقة 36 لم يبق في قطاع غزة سوى 3 فرق هي 98 و99 و162، كما أن الجيش الإسرائيلي أمر بنقل وحدة حراسة دوفدوفان من قطاع غزة إلى الضفة الغربية خوفًا من تفاقم الوضع الأمني في الضفة الغربية، وقد بدأ هذا العمل منذ الأسبوع الماضي، في وقت يتصاعد فيه الضغط على الكيان الإرهابي في غزة والضفة الغربية.
أوضاع على وشك الانفجار
لا شك أن الوضع في الضفة الغربية على وشك الانفجار، وإذا لم يتخذ المسؤولون السياسيون قرارات جدية فيما يتعلق بالمستقبل الاقتصادي لهذه المنطقة، فإن خطر زيادة التوتر والصراع في هذه المنطقة مرتفع للغاية باعتراف الإسرائيليين، كما أن انسحاب وحدات النخبة في الجيش الإسرائيلي من الحرب في قطاع غزة سيقلل بشدة من قدرة الجيش في منطقة الحرب هذه، ونقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اليومين الأخيرين جنود وحدة "دوفدفان" القتالية من قطاع غزة إلى الضفة الغربية المحتلة، وفقًا لما كشفت عنه صحيفة "هآرتس" العبرية، نتيجة لتصاعد التوتر في الضفة الغربية، إضافة إلى أن الجيش الإسرائيلي يعتبر هذه الخطوة تنازلًا، حيث قام بسحب هذه الوحدة القتالية من غزة على الرغم من مشاركتها في معارك شديدة في منطقة خانيونس، التي لا تزال تشهد اشتباكات عنيفة بين الجيش الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية.
وإن وحدة "دوفدفان" تعتبر وحدة المستعربين في الجيش الإسرائيلي، وتشكل جزءًا من القوات الخاصة التابعة لجيش الاحتلال، مكلفة بمكافحة ما يسمى "الإرهاب"، يقوم أفرادها بتنفيذ مهام عسكرية وأمنية خاصة، ومن بين هذه المهام المداهمات والاعتقالات والاغتيالات، ويبلغ عددهم حوالي المئات، وأسس رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود باراك، هذه الوحدة في عام 1987، أثناء توليه منصب قائد اللواء الأوسط في جيش الاحتلال، قبل شهور من اندلاع الانتفاضة الأولى، وتتخذ عناصر وحدة "دوفدفان" أحيانًا هوية ملثمين يرتدون الكوفية الفلسطينية، ويتحدثون العربية، تشمل مهامهم التسلل وسط المواجهات بين قوات الاحتلال والمتظاهرين، ويتنكرون في بعض الأحيان بزي التجار الفلسطينيين، مستخدمين نوعًا من السيارات التي يستخدمونها في التنقل.
وبقيت وحدة "دوفدفان" سرية حتى عام 1988، حيث كشف صحفيون عن وجودها ووصفوها بأنها وحدة الاغتيالات التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، ومن بين العمليات التي نفذتها هذه الوحدة تبرز محاولة اغتيال قائد كتائب الشهيد عز الدين القسام، محمود أبو هنود، التابعة لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، في شمال الضفة الغربية في أغسطس/آب من عام 2000، ورغم محاولتها، فإن العملية فشلت وأدت إلى مقتل ثلاثة من جنود "دوفدفان"، في حين نجا أبو هنود، وتُعد وحدة "دوفدفان" الركيزة الرئيسية في المهام القتالية، ورغم ذلك، تكبدت خسائر فادحة في إطار الحرب الدائرة بين "إسرائيل" وقطاع غزة، حيث فقدت عشرة من مقاتليها، بمن في ذلك أربعة ضباط من رتب مرموقة.
وبالتالي، إن الجيش الإسرائيلي يعتبر سحب وحدة "دوفدفان" خسارة كبيرة في الجهود الحربية الجارية في قطاع غزة منذ بداية العدوان على القطاع، وتأتي عملية نقل هذه الوحدة إلى الضفة في سياق متسارع، وسط تزايد المخاوف والتحذيرات من احتمالية انفجار الأوضاع في الضفة الغربية، نتيجة لأزمة البطالة ومنع العمال الفلسطينيين من العودة إلى أماكن عملهم داخل الخط الأخضر، يضاف إلى ذلك أزمة أموال المقاصة، حيث يرفض وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش تحويل هذه الأموال كاملة إلى السلطة الفلسطينية منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وبينما يتشدد وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، في تأكيد استمرار القتال في خان يونس، مؤكدًا على أنه لن يتوقف إلا بعد إطلاق سراح الأسرى المحتجزين لدى المقاومة والقضاء على قادة بارزين في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وأعلن الجيش الإسرائيلي نقل وحدة "دوفدوفان" من قطاع غزة إلى الضفة الغربية، تحسبًا لاندلاع "انتفاضة ثالثة"، وفي سياق متصل، تم سحب الفرقة 36 من غزة، فيما تم الاحتفاظ بثلاث فرق عسكرية كاملة في القطاع، وتأتي هذه الخطوات في إطار استعدادات الجيش الإسرائيلي لمواجهة محتملة، في حين يستمر السجال في الساحة السياسية بشأن المرحلة الثالثة للتوغل البري في قطاع غزة، ويظهر ذلك بوضوح في التحول المتوقع من العمليات العسكرية الواسعة والقصف المكثف إلى عمليات نوعية، وتخفيف حدة القتال والحرب.
تآكل للإنجازات الإسرائيلية
بشكل مباشر، حذر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي، خلال مشاورات مع المستوى السياسي، من "تآكل الإنجازات العسكرية خلال التوغل البري في غزة، نتيجة غياب إستراتيجية سياسية مناسبة للحكومة الإسرائيلية في مرحلة ما بعد الحرب"، وأعرب هليفي، خلال تحذيراته التي أوردتها القناة 13 الإسرائيلية، عن قلق المؤسسة العسكرية من إمكانية إعادة تنظيم صفوف حركة حماس في المناطق الشمالية لقطاع غزة، التي أعلن عن سيطرة الجيش الإسرائيلي عليها، ويتسبب هذا التطور المحتمل في إمكانية إعادة تنفيذ حماس لعمليات عسكرية في تلك المناطق، وتأتي تحذيرات وتقديرات هرتسي هليفي في سياق يشهد ارتفاعًا في الأصوات داخل المؤسستين الأمنية والعسكرية الإسرائيليتين، حيث تنبهت هذه المؤسسات إلى خطورة احتمالية اندلاع انتفاضة مسلحة في الضفة الغربية، في ظل تصاعد التوتر الأمني في المنطقة، ويتجه الجيش الإسرائيلي نحو التأهب لسيناريو مواجهة شاملة على الحدود الشمالية مع حزب الله.
أما عن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية للمستوى السياسي في الفترة الأخيرة، فإن التعامل مع السلطة الفلسطينية، وتقييد دخول العمال إلى الأراضي السليبة، إلى جانب قرار وزير المالية برفض تحويل أموال الضرائب إلى السلطة، يشجعان على تصاعد التوتر في الضفة الغربية، محذرة من تفاقم الصراع واندلاع مواجهات واسعة، وفيما يتعلق بذلك، قام الجيش الإسرائيلي بسحب جنود وحدة "دوفدفان" من قطاع غزة ونقلهم إلى الضفة الغربية، نتيجة للتوترات الأمنية المتزايدة في المنطقة وتحذيرات المؤسسة الأمنية من احتمال اندلاع انتفاضة مسلحة، وعلى الرغم من ذلك، يُلاحظ في الوقت ذاته أن انسحاب وحدة "دوفدفان" من القطاع يُعتبر تخليًا عن قوة ذات أهمية كبيرة في سياق القتال في غزة.
ويُشير سحب وحدة "دوفدفان" من القطاع ونقلها إلى الضفة إلى جدية التحذيرات من اندلاع انتفاضة ثالثة، ويُبرز كوبويتش أنه في الأيام العادية، تكون الوحدة نشطة داخل الضفة، ولكن منذ بداية الحرب، تم الاحتفاظ بقوة محدودة فقط، وهي تشمل جنود الوحدة الاحتياطيين، بينما تم توجيه الوحدات النظامية وقوات الاحتياط الأخرى للمشاركة في القتال في قطاع غزة، ووفقًا لتصريحات يانيف كوبويتش يوضح أنه منذ بداية المناورة البرية جنوب قطاع غزة، كانت الوحدة التابعة للواء الكوماندوز تعمل بشكل رئيسي في منطقة خان يونس، وتُعتبر هذه الوحدة واحدة من أبرز وحدات القتال البري في القطاع.
ومع ذلك، وفي سياق تصاعد التوتر الأمني في الضفة الغربية، أجرى الجيش الإسرائيلي تقييمًا للوضع قبل أيام، واتخذ قرارًا بإعادة جنود الوحدة إلى الضفة، خوفًا من احتمال اندلاع أعمال عنف في تلك المنطقة، بما في ذلك هجمات متعددة ضد المستوطنين الإسرائيليين في المستوطنات، كما قام الجيش الإسرائيلي بسحب جميع عناصر الفرقة 36، التي تتضمن لواء "غولاني"، واللواء 188 واللواء السابع من سلاح المدرعات والمدفعية والهندسة، وتم هذا السحب بهدف الحفاظ على كفاءة القوات، وخصوصًا في ظل التهديدات القائمة على الجبهة الشمالية مع لبنان، وهذا الإجراء يأتي بعد تقييم الجيش الإسرائيلي للوضع القتالي على مختلف الجبهات، موضحًا أن هذا السحب يهدف إلى منح القوات فترة من الراحة والانتعاش، والبدء في تدريبات للحفاظ على كفاءتها قبل تحديد الوجهة التي ستتم إعادة نشر قوات الفرقة فيها.
ويتوقع أن يحتفظ الجيش الإسرائيلي بجاهزية قوات الفرقة 36، ولا يستبعد إمكانية نشرها على الجبهة الشمالية مع لبنان، نظرًا لتصاعد التوتر والاشتباكات المستمرة مع حزب الله، وتحسباً من اندلاع مواجهة شاملة، وفي سياق تفسير سحب المزيد من القوات من غزة، وإن "إسرائيل" تواجه تحدّيًا حيويًا، حيث يتوجب عليها اتخاذ قرار بين خيارين متنافرين، إما تقويض حكم حماس أو التركيز على جهود إعادة المحتجزين الإسرائيليين في القطاع.
في النهاية، بعد مضي أكثر من ثلاثة أشهر على بداية الحرب، توجد إرادة قوية لدى الجمهور الإسرائيلي لمواصلة القتال، ولكن، في الوقت نفسه، يشعر الناس بقلق متزايد نتيجة لعدم تحقيق الأهداف الرئيسية للحرب، حيث لم يتم القضاء على حماس ولم تتم إعادة الأسرى الإسرائيليين إلى بيوتهم، كما أن النتيجة المتوقعة هي تطور تدريجي نحو واقع غامض، يرافقه تصور غير مفهوم على الصعيدين السياسي والعسكري لدى غالبية الجمهور، ويمكن أن يكون هذا التطور كارثيًا، حيث يتسنى أن يتحول إلى حرب استنزاف مستمرة، وتظل حماس هي المنتصرة، وهذا السيناريو قد يؤدي إلى تزايد اليأس بين الإسرائيليين وتعميق الارتباك والإحباط، مع توسع الفجوة بين أهداف الحرب والواقع الحالي، ناهيك عن هشاشة حكومة نتنياهو، ووجود خلافات بين أعضاء الحكومة.