الوقت- أخيراً أعلن البنتاغون تشكيل تحالف بحري دولي لتأمين مياه البحر الأحمر ومضيق باب المندب، هذا التحالف الذي، خلافاً للتوقعات الأولية المتفائلة بوجود أكثر من 40 دولة، تم تشكيله مع واشنطن إلى جانب 9 دول أخرى فقط، وهي نتيجة بدت مخيبة للآمال.
وفي البيان الرسمي الذي أعلنه وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، تم طرح العملية التي تهدف إلى "ضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر" تحت عنوان "عملية حارس الرفاهية"؛ وستكون دول بريطانيا العظمى والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وإسبانيا وسيشيل حاضرة في هذا التحالف بسفنها الحربية.
غياب ملحوظ لدول المنطقة
ومن بين جميع دول المنطقة التي تعتبر حليفة للولايات المتحدة، وحدها البحرين وافقت على المشاركة في التحالف البحري، بقوة بحرية صغيرة جداً وبعيدة بالطبع عن سواحل اليمن أما دول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، والتي كانت السبب الرئيسي للحرب في اليمن، وبالطبع ذاقت الطعم المرير لهجمات أنصار الله الصاروخية والطائرات دون طيار، رفضت المشاركة في هذا التحالف وتجنبت صراعاً محتملاً مع الحوثيين، وبالنظر إلى السواحل الطويلة للمملكة العربية السعودية في البحر الأحمر والوجود المكثف لدولة الإمارات العربية المتحدة في جنوب اليمن والساحل الشرقي لأفريقيا، فإن وجود هذين البلدين يمكن أن يساعد الولايات المتحدة بشكل كبير في استكمال مهامها البحرية.
في المقابل، رفضت مصر، التي تكبدت أكبر خسارة اقتصادية بسبب توقف مرور السفن من قناة السويس إلى مضيق باب المندب، المشاركة في التحالف البحري الذي تقوده الولايات المتحدة، وعلى عكس المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتين تتمتعان بقوة نسبية لمواجهة هجمات أنصار الله بطائرات دون طيار وهجمات صاروخية، يفتقر الجيش المصري إلى القوة الدفاعية الكافية، ويمكن للتأثير المحتمل للقذائف أن يدمر صناعة السياحة في مصر ويوجه ضربة اقتصادية قاتلة ثانية لحكومة السيسي، وفي الوقت الحاضر وقبل وصول سفن بعض الدول الأعضاء الجديدة في التحالف، يشمل الوجود العسكري الفعال الرئيسي في البحر الأحمر أساطيل 3 دول، الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا.
وتتواجد البحرية الأمريكية حالياً في مياه البحر الأحمر وخليج عدن بالإمكانيات التالية: 5 مدمرات من فئة Arleigh Burke و USS Gravely، USS Stethem، USS Laboon، USS Carney، USS Mason وحاملة الطائرات يو إس إس باتان برفقة السفينة الهجومية البرمائية يو إس إس كارتر هول وحاملة الطائرات USS Dwight D. Eisenhower برفقة حاملة الطائرات USS Philippine Sea التابعة للطراد من فئة Ticandroga كما تتواجد بالقرب من سواحل اليمن البحرية البريطانية مع HMS Diamond وHMS Lanacter، وفرنسا مع المدمرة Languedoc، وكوريا الجنوبية مع المدمرة من فئة "Young Manchun"، وإسبانيا مع الفرقاطة "Victoria"، واليابان مع المدمرة من فئة "Akiyono". وتتكون البحرية الصهيونية المتمركزة في شمال البحر الأحمر أيضًا من 3 فرقاطات من فئة ساعر 5، وفرقاطة واحدة من فئة ساعر 4.5 وفرقاطة واحدة من فئة ساعر 6، والتي من المحتمل أن تعمل قريبًا جنبًا إلى جنب مع التحالف البحري المذكور أعلاه لمرافقة السفن التجارية.
هل ينقذ التحالف البحري الأمريكي في البحر الأحمر "إسرائيل"؟
يرى بعض الخبراء أنه حسب الاسم الذي تم اختياره للعملية (حارس الرفاه) ونموذج تصريحات الجانب الأمريكي، فإن هذا التحالف البحري ربما سيكون فقط لمرافقة السفن وربما لاعتراض المقذوفات التي تطلق من اليمن، لكن البعض الآخر يرى أيضًا أنه من غير الممكن توفير الأمن والمرافقة الكاملة واعتراض جميع المقذوفات المهاجمة بنسبة 100% في منطقة واسعة تبعد نحو 300 كيلومتر عن السواحل الخاضعة لسيطرة أنصار الله، وخاصة على المدى الطويل، وفي نهاية المطاف، سيستهدف اليمنيون، في الوقت المناسب، السفن التجارية التابعة لـ"إسرائيل" بطريقة ما ولن يسمحوا لها بالمرور الآمن، لذلك، يعتقد الخبراء الغربيون أنه فقط إذا كانت الولايات المتحدة والدول الحليفة على استعداد لقبول مخاطر الهجمات الجوية والصاروخية على مصدر الصواريخ اليمنية المضادة للسفن والطائرات دون طيار، أو إذا زادت من مستوى الهجمات على المنشآت الحيوية الأخرى.
في اليمن قد تكون هذه العملية ناجحة وهي مسألة ترتبط بتخوف واشنطن من احتمال وقوع هجمات انتقامية مدمرة من قبل أنصار الله على المنشآت النفطية في المنطقة أو حتى السفن الحربية التابعة للتحالف البحري المذكور، وعليهم أن يتوقعوا هجمات عنيفة من قبل أعضاء المحور الآخرين قبل أي عمل مباشر ضد الأراضي اليمنية، لديهم مقاومة ضد المنشآت والمصالح الأمريكية في دول أخرى في المنطقة.
يظهر الوجود العسكري الغربي في البحر الأحمر أن الولايات المتحدة وحلفاءها يغذون تصعيد التوترات في هذه المنطقة، لكنهم يحاولون الضغط على حكومة صنعاء من خلال خلق مساحة وإجبارها على الانسحاب من العمليات العسكرية، ومع ذلك، فإن أنصار الله لا يعيرون اهتماما لمثل هذه التحركات، وحذروا من أنه طالما استمرت الحرب في غزة، فإن جميع السفن الإسرائيلية ستكون ضمن أهدافهم المشروعة، والآن، حقق أنصار الله قدرات كثيرة في مجال الصواريخ والطائرات المسيرة والبحر، ويستطيعون توجيه ضربات قاتلة للسفن الأمريكية والسفن الصهيونية.
لقد أظهرت التجربة أن مساعي واشنطن لبناء تحالفات في الخليج الفارسي كان لها نتائج كارثية على دول المنطقة وأعطتها انعدام الأمن بدلا من الأمن، ومثال على ذلك الحروب في سوريا واليمن التي قامت بها الدول الإسلامية، حيث هاجم التحالف السعودي المعتدي اليمن في مارس/آذار 2015 بضوء أخضر من الولايات المتحدة وادعى أنه يستطيع احتلال صنعاء خلال أسبوعين وإبعاد أنصار الله عن السلطة، لكن بعد 9 سنوات لم يحققوا شيئا فحسب، بل تمكنت الطائرات بعيدة المدى والطائرات دون طيار لأنصار الله من قلب الميزان لمصلحتها، ويسعى السعوديون الآن جاهدين للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار والخروج من المستنقع الذي صنعوه بأنفسهم.
ولذلك فإن أمريكا التي لا تزال غارقة في أزمتها السابقة في اليمن، ستدفع ثمناً باهظاً بعودتها إلى الصراع مع أنصار الله، لأن أنصار الله ما زالوا يسترضون أعداء اليمن حتى الآن، ولكن عندما تشتعل نار الحرب سينتقمون لـ 9 سنوات من تحريض واشنطن على الحرب، ويمكن لأنصار الله، بسبب أرستقراطيتهم الكاملة على باب المندب، أن يعطلوا التجارة البحرية عن طريق إغلاق هذا المضيق الاستراتيجي وإلحاق خسائر لا تعوض بالغرب والصهاينة.
ولذلك فإن الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة وحلفاؤها لمواجهة عملية أنصار الله، مثل تجارب بناء التحالف السابقة في المنطقة، لن تذهب إلى أي مكان، ولن تؤدي إلا إلى توسيع نطاق الأزمة بين فصائل المقاومة والكيان الصهيوني