الوقت- صرّح كبار المسؤولين الإسرائيليين بأن العلاقات الإسرائيلية الأردنية تواجه مفترق طرق خطير للغاية، وذلك نتيجة استمرار الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة وتسببها في سقوط آلاف الضحايا بين الأطفال والنساء، وأشار المسؤول الإسرائيلي إلى أن اتفاقية السلام بين عمان وتل أبيب تواجه تحديات كبيرة، حيث تقف خطوة صغيرة الآن بين استمرار تدهور العلاقات بين "إسرائيل" والأردن وانقطاعها تمامًا، ووفقًا لتقرير صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، فقد قطع أعضاء منتدى رفيع المستوى، يضم كبار المسؤولين السابقين والحاليين من الجانبين، الاتصالات هذا الأسبوع في حالة من اليأس نتيجة للاستمرار في الحرب على غزة، وبدأت الأمور بمقابلة الملكة رانيا على قناة CNN الأمريكية، حيث وصفت بؤس الأطفال في غزة وواقع أمهاتهم، وأكدت أن هناك ازدواجية صارخة في المعايير، حيث يدين العالم الغربي هجوم حماس في 7 أكتوبر، بينما لا يدين القصف الإسرائيلي على غزة أو يدعو إلى وقف إطلاق النار.
اتفاقية في أدراج الرياح
منذ الحرب على قطاع غزة وارتكاب الإسرائيليين مجازر جماعيّة بحق الأبرياء وصلت لحدود 12 ألف ضحية، أفاد دبلوماسيون مطلعون على السياسة الأردنية بأن الأردن قد قام بتراجع في علاقاته الاقتصادية والأمنية والسياسية مع "إسرائيل"، وأشاروا إلى دراسة المزيد من الخطوات لتنفيذ معاهدة السلام إذا استمر التصعيد وتفاقمت الأوضاع في غزة، الأحداث الجارية في ساحة الصراع بين "إسرائيل" وحماس تثير مخاوف قديمة في الأردن، الذي يستضيف عددًا كبيرًا من اللاجئين الفلسطينيين، حيث يشعر الأردن بالقلق من احتمال أن تستغل "إسرائيل" الفرصة لقتل أو لطرد الفلسطينيين جماعيًا من الضفة الغربية، وخاصة مع زيادة الهجمات من قبل المستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين منذ الهجوم الذي نفذته حماس في السابع من أكتوبر،
وأشار الإعلام العبري إلى أن المقابلة تعرضت لانتقادات حادة من الجانب الإسرائيلي، مع الإشارة أيضًا إلى مقال نشره الملك عبدالله نهاية هذا الأسبوع في صحيفة "واشنطن بوست"، حيث انتقد "إسرائيل" بشدة، وأفادت الصحيفة أيضًا بإعلان وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، خلال مؤتمر في البحرين، عن إلغاء اتفاقيات الطاقة الشمسية الأردنية مقابل المياه المحلاة من "إسرائيل"، وأشارت إلى أنه ليس واضحًا حتى الآن كيف سيتعامل الأردن مع الوضع دون المياه، وأدلى وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، بتصريحاته نهاية الأسبوع، حيث وصف اتفاق السلام بأنه "ليس أكثر من وثيقة يمكن وضعها في الدرج".
وفي السياق نفسه، أعلنت الحكومة الأردنية عن نيتها بناء ثلاثة مستشفيات ميدانية لعلاج الفلسطينيين من غزة في الضفة الغربية، وقد بدأت عمليات البناء في نابلس بالفعل، ومن المقرر إنشاء مبانٍ أخرى في جنين وأريحا، ووفقًا للصحيفة، في الوقت الحالي، ليس واضحًا ما إذا كانت الاتصالات ستستمر، وبأي طريقة، وبأي مزاج، حيث يظهر أن كلا الجانبين غاضب من الآخر، وبيان وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، حول قرار "سيادي" يعد استجابة فورية للضغوط المتزايدة في البلاد، حيث تم إلغاء توقيع الأردن على الاتفاقية الإماراتية المتعلقة بتبادل خدمات توريد الكهرباء والمياه مع "إسرائيل"، تأتي هذه الخطوة في إطار تفاعل الحكومة مع نقاشات برلمانية ومظاهر احتجاج واسعة في البلاد.
ويعكس هذا القرار استعدادًا غير مسبوقٍ للأردن للتخلي عن جوانب "التطبيع الاقتصادي" مع "إسرائيل" أو رمي التطبيع بالكامل، ويُرسل رسالة قوية عن تلبية تطلعات ومطالب الشارع الأردني، يُعتبر هذا الإعلان خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز تضامن الأردن مع الفلسطينيين، مع التطلع إلى أن يكون له تأثير كبير كوسيلة للضغط على الإدارة الأمريكية للتدخل من أجل وقف العدوان على قطاع غزة.
تغيرات كبيرة في الموقف الأردنيّ
بيان وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، الأخير يُعلن قرارًا "سياديًا" للأردن بعدم توقيع اتفاقية لتبادل الطاقة مقابل المياه مع "إسرائيل"، يشير المراقبون إلى أن هذا القرار تم إصداره بصمت، دون إعلان رسمي، وتضمن توجيه الصادرات الموجهة إلى السوق الأمريكية عبر ميناء حيفا الإسرائيلي نحو ميناء العقبة والموانئ المصرية، كما تم خفض واردات الغاز من إسرائيل بنسبة 50% لأسباب أمنية، وفي هذا السياق، يأتي هذا الإجراء استجابة فعّالة لتطورات الأوضاع.
وفي سياق نقاشات وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، أشار إلى تصاعد التوترات ووحشية تصرفات "إسرائيل"، معتبرًا أن اتفاقية وادي عربه للسلام مع "إسرائيل" ستظل وثيقة متروكة على رف في مستودع، وقد وصف الوضع الحالي بالمأساة، وخاصةً مع الأحداث في قطاع غزة، حيث اتهمت "إسرائيل" بتجاوزها للقرارات الدولية وارتكاب جرائم حرب، وفي إشارة إلى اتخاذ إجراءات جادة، قد يشير تناول الصفدي لاتفاقية وادي عربه بلهجة ساخرة إلى تحضير الأردن لخطوات فعلية نحو تعليق جوانب من "التطبيع الاقتصادي" مع "إسرائيل".
كذلك، أكد وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، على أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتأثيراته البالغة، تعد محورًا مركزيًا في تصريحاته، حيث أشار إلى أن الحصار الإسرائيلي على القطاع، في ظل زيادة الكثافة السكانية، لا يمكن تبريره بوصفه دفاعًا عن النفس كما تزعم "إسرائيل"، وأكد أن القصف الإسرائيلي يستهدف بلا تمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية، مشيرًا إلى تسلله إلى المناطق الآمنة واستهداف سيارات الإسعاف.
من ناحية أخرى، عبرت وزارة الخارجية الإسرائيلية عن أسفها للتصريحات التحريضية من قادة الأردن، مؤكدة أهمية العلاقات الاستراتيجية مع عمان، ومع تصاعد المخاوف، زاد التوتر بين حكومة "إسرائيل"، التي تتبنى التوجه القومي الديني وتُعَدُّ الحكومة الأكثر يمينًا على الإطلاق، وعمان، وقد بدأ بعض المتشددين بتبني مبدأٍ يُفتِي بأن "الأردن هو فلسطين"، عبّر الملك عبد الله عن هذه المخاوف وحذر من احتمال وقوع أعمال عنف واسعة النطاق في الضفة الغربية والقدس الشرقية إذا لم يتم كبح هجمات المستوطنين اليهود ضد المدنيين الفلسطينيين، وأضاف الأردن إن أي محاولة لنقل الفلسطينيين إلى الأردن، الذي له حدود مشتركة مع الضفة الغربية، تُعتَبَر خطًا أحمر وتمثل تصعيدًا يمكن أن يصل إلى حدّ الإعلان عن الحرب.
الخلاصة، من الطبيعي أن تصل العلاقات الأردنية مع الكيان لطريق ممسدود بعد المجازر الشنيعة التي ارتكبها، حيث يعيش الأردن حالة من التوتر والقلق إزاء تطورات الأزمة في غزة والتأثير المحتمل على أمانه واستقراره، والأمور تبدو غير واضحة بشكل كامل، ما يثير الترقب من قبل الأردن وعدم اليقين حول مستقبل الأزمة، وتشير التقديرات إلى أن الوضع قد يزداد سوءًا بشكل تدريجي، ما يشجع الأردن على توجيه اهتمامه ومساهماته في الجهود الإقليمية والدولية لإيجاد حل للأزمة وإيقاف شلال الدم بحق الفلسطينيين ومراجعة علاقاته مع تل أبيب بشكل كامل.