الوقت - كتبت مجلة فورين بوليسي في تحليلها: إن أمريكا قد تعاني من الهزيمة في الحرب العالمية الوشيكة، والصراعات الخطيرة الجارية تتطلب اهتمام الولايات المتحدة باثنتين من أهم ثلاث مناطق في العالم، وإذا قررت الصين مهاجمة تايوان، فقد يتصاعد الوضع بسرعة إلى حرب عالمية على ثلاث جبهات، تشمل الولايات المتحدة.
إن تفسير "المأزق" للوضع بين أمريكا والصين قد يقلق الجمهور، لقد ظلت أمريكا أقوى دولة في العالم لفترة طويلة؛ إنها انتصرت في الحرب العالمية، وهزمت الاتحاد السوفييتي، وتمتلك أقوى جيش.
وبينما تستعد روسيا لحرب طويلة في أوكرانيا وفتح جبهة جديدة في حرب غزة، فإن إغراءات الصين لمهاجمة تايوان تتزايد أيضاً، وإن الصين تختبر أمريكا، وهي تعلم جيداً أن أمريكا سوف تجد صعوبةً في التعامل مع الأزمة الثالثة، وإذا اندلعت الحرب، فستجد أمريكا أن عوامل مهمة جداً سوف تعمل ضدها.
وكما تظهر بوضوح وثيقتا سياسة الدفاع الاستراتيجي، فإن الجيش الأمريکي ليس مصممًا للقتال ضد خصمين في الوقت نفسه، وإذا هاجمت الصين تايوان، فسوف تجد واشنطن صعوبةً كبيرةً في إحباط الهجوم إذا أرادت مواصلة دعم أوكرانيا و"إسرائيل".
وخلافاً لأمريكا، التي يجب أن تكون قويةً على الجبهات الثلاث، فإن كلاً من أعدائها، وعلى وجه التحديد الصين وروسيا وإيران، لا ينبغي لهم أن يقاتلوا إلا في منطقتهم.
السيناريو الأسوأ هو تصعيد الحرب في ثلاث مناطق نائية ومتناثرة، حيث يجب على الجيش الأمريکي القتال إلى جانب الحلفاء الضعفاء غير القادرين على الدفاع عن أنفسهم.
لقد أصبحت البحرية الصينية الآن أكبر من الولايات المتحدة من حيث حجم الأسطول، وتضيف كل 4 سنوات حجم البحرية الفرنسية بأكملها (130 سفينة)، وفي المقابل تريد البحرية الأمريكية إضافة 75 سفينة إلى أسطولها خلال العقد المقبل.
والمسألة التالية هي المال ورأس المال، في الماضي، كانت أمريكا قادرةً بسهولة على الحفاظ على تفوقها المالي، وأثناء الحرب العالمية الثانية، تضاعفت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في أمريكا تقريباً، لكن ديونها اليوم تجاوزت 100% من الناتج المحلي الإجمالي.
وفي حال نشوب حرب، فليس من المستبعد أن نتوقع ارتفاع الدين إلى 200% من الناتج المحلي الإجمالي أو أكثر، مع ما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة، کما ستجلب الحرب العالمية أيضًا مخاطر أخرى، روسيا وإيران كمنافسين رئيسيين هما المنتجان الرئيسيان للنفط.
وتشير التقارير الأخيرة إلى أن الحصار طويل المدى لمضيق هرمز، يمكن أن يرفع أسعار النفط إلى ما يزيد على 100 دولار للبرميل، ويزيد من الضغوط التضخمية بشكل كبير، كما أن الصين هي أحد المساهمين الرئيسيين في السندات الأمريكية، وإذا حاولت البيع بأقل من السعر، فسوف تمارس المزيد من الضغوط.
وكل هذا يتضاءل مقارنةً بالتكاليف البشرية التي قد تتكبدها أمريكا في صراع عالمي، ومن المحتمل أن يفقد عدد كبير من أفراد الجيش الأمريكي حياتهم، حيث يمتلك بعض الخصوم قدرات تقليدية ونووية يمكنها الوصول إلى الأراضي الأمريكية.
كما أن لديهم القدرة على تشجيع أو إدارة الهجمات على غرار هجمات حماس على الأراضي الأمريكية، وهو ما قد يكون أسهل بالنظر إلى حالة الحدود الجنوبية للولايات المتحدة.
هذ أمر رهيب؛ الخوف هو بداية العقل والفكر، ولم تعد الحرب العالمية مجرد احتمال نظري وحلماً لدعاة الحرب، بل إن لم تكن وشيكةً فالاحتمال جدي، ويجب على واشنطن التأكد من أن الأمريكيين جاهزون في حال نشوب الحرب.
کما يتعين على أمريكا أن تزيد الإنفاق الدفاعي، وخفضه نهج خاطئ، وإذا لم تفعل واشنطن ذلك اليوم، فسيتعين عليها أن تخبر الناخبين ذات يوم عن سبب نشر أبنائهم أو أحفادهم في أماكن خطرة دون أسلحة كافية عندما تندلع الحرب، وتجدر الإشارة إلی أنه أقل من ثلث حلفاء واشنطن في أوروبا يلتزمون بتعهدهم بإنفاق ما لا يقل عن 2% من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع.
ومن غير المنطقي أن تنخرط الولايات المتحدة في سياسات مناخية متسرعة ومكلفة للغاية تعمل على إبطاء النمو الاقتصادي، في حين تبني الصين محطتين لتوليد الطاقة تعمل بالفحم كل أسبوع.
ويتعين على الأوروبيين أن يعيدوا النظر في نفورهم من الطاقة النووية، وهذه القائمة ليست سهلةً، لكن أمريكا وحلفاءها يدخلون زمن القرارات الصعبة، وما حدث في أوكرانيا و"إسرائيل" لم يكن من الممكن تصوره قبل بضع سنوات، وربما سنرى حالات أخرى في الأيام المقبلة، وعلى أمريكا أن تصلح وضعها من الآن فصاعدا حتى لا تتفاجأ.