الوقت - مع مرور اثنين وأربعين يوماً على عملية "طوفان الأقصى"، وبدء الجولة الجديدة من الاعتداءات الهمجية التي يشنها الکيان الصهيوني على قطاع غزة، والتي خلفت 12 ألف شهيد وعشرات الآلاف من الجرحى، لا يوجد أفق واضح لنهاية الصراعات.
والجيش الصهيوني المدجج بالسلاح، على الرغم من الاستدعاء المكثف لقوات الاحتياط، لم يتمكن من تحقيق نجاح على الأرض، ومع خسائر فادحة، ليس لديه الآن استراتيجية للخروج من هذا المستنقع.
على الجانب الآخر، لم يتم حتى الآن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار المؤقت بوساطة مصر وقطر، بسبب تضارب طلبات الجانبين، ووفقاً للخبراء، بالنظر إلی تزايد حجم الموت والدمار الذي ألحقه الکيان الإسرائيلي بغزة، فإن استعادة الأفق السياسي لكلا طرفي الصراع ستكون أمراً صعباً للغاية ويصعب قبوله، نظراً لمستويات العنف الشديدة التي شهدوها.
للحصول على تفاصيل اتفاقات وقف إطلاق النار والتطورات الميدانية في قطاع غزة، أجرى "الوقت" مقابلةً مع السيد حسن هاني زاده، الخبير في قضايا غرب آسيا.
الوقت: نشرت في الأيام الأخيرة تقارير حول اتفاقات وقف إطلاق النار بين حماس والكيان الصهيوني، لكن لم يتم اتخاذ أي خطوات عملية لخفض التوترات، وقال نتنياهو إنه قد يتم التوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار مع إطلاق سراح جميع الأسرى، لكن إسماعيل هنية حذر من أن تل أبيب لن تحصل على الأسرى أبداً ما لم تدفع الثمن.، إلی أي مرحلة وصلت عملية اتفاقات وقف إطلاق النار؟ وما تأثيرها على التطورات الميدانية؟
السيد حسن هاني زاده: رغم أن الاتفاقات الأولية بين حماس والكيان الصهيوني تم التوصل إليها خلف الكواليس بوساطة مصرية وقطرية، إلا أن حماس و"إسرائيل" وضعتا شروطاً مسبقةً حالت دون تبادل الأسرى وإقامة وقف لإطلاق النار، ومؤخراً أصدرت الأمم المتحدة قراراً أعطى الأولوية للإفراج عن السجناء المدنيين الذين تحتجزهم حماس، وفي المقابل وقف مؤقت لإطلاق النار لإرسال المساعدات الإنسانية.
وبطبيعة الحال، لم تقبل حماس هذا القرار، لأن هذه الحركة تعتزم إطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين الذين يحتجزهم الاحتلال مقابل إطلاق سراح السجناء الصهاينة، وقد عارض الکيان الإسرائيلي هذا الطلب.
ولهذا السبب، فإن الوضع في غزة غير مستقر تماماً، والمفاوضات لم تكتمل بعد، والجيش الصهيوني يسعى إلى تثبيت وقف مؤقت لإطلاق النار، لكن بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، يبحث عن نصر نهائي في غزة لضمان مستقبله السياسي، ولذلك، هناك خلاف بين قوات الجيش ونتنياهو، وشروط حماس مرفوضة من قبل الصهاينة.
ومع ذلك، فمن الممكن أن تتمكن قطر ومصر في المستقبل القريب من إيجاد حل وسط، لكن الأوضاع في غزة هذه الأيام كارثية، وما زال عدد الشهداء والجرحى في تزايد، ومن ناحية أخرى، تكبد الجيش الصهيوني خسائر فادحة، وأعلنت بعض المصادر أن عدد قتلی هذا الکيان بلغ ألفي شخص في غزة، وتم تدمير 167 دبابة ومدرعة تابعة لهذا الکيان، وهذا مؤلم لجيش الاحتلال الذي لم يتكبد هذا العدد من الضحايا في أي من الحروب السابقة.
الوقت: ما هي حالة المعادلات الميدانية الآن؟ إلى أي مدى تمكن الجيش الصهيوني من تحقيق أهدافه المعلنة؟ وما هي الإجراءات التي اتخذتها فصائل المقاومة لردع الکيان الإسرائيلي؟ وكيف تقيمون نتيجة الصراعات على الأراضي في الظروف الحالية والمستقبلية؟
السيد حسن هاني زاده: المبادرة في الميدان الآن بيد حماس والجهاد الإسلامي، الجيش الإسرائيلي جيش كلاسيكي وله اليد العليا في مثل هذه المعارك، لكنه ضعيف جداً في حرب الشوارع والمدن ولا يستطيع إدارة الحرب، ولهذا السبب فإن خسائر هذا الکيان مرتفعة جداً.
لقد أظهرت حماس والجهاد الإسلامي أنهما قويتان للغاية في معارك الشوارع، وحتى حماس رفضت طلب المساعدة من حزب الله اللبناني وغيره من جماعات المقاومة، وكان حزب الله ينوي الدخول في الحرب في غزة بشكل مباشر، لكن حماس أعلنت أنه لا حاجة لمساعدة قوى المقاومة، وأن لها زمام المبادرة على الأرض.
حالياً حماس في وضع أفضل، وجيش الکيان مرهق، وجنود الصهاينة يعانون من التآكل النفسي، لذلك، إذا تطلب الوضع فإن محور المقاومة سيتحرك أيضاً، لكن هذا الأمر يعتمد على الظروف الميدانية وأي من طرفي الصراع سيبدي مقاومةً أكبر، ويبدو أن حماس مستعدة لإطالة أمد المعركة.
الوقت: في الوقت الذي تستمر فيه الصراعات في غزة، يخطط الأمريكيون للمستقبل السياسي لغزة، ويريدون توفير الظروف اللازمة لجعل غزة تحت الإدارة المشتركة للأمم المتحدة والکيان الإسرائيلي في المستقبل، ما مدى إمكانية تنفيذ هذه الخطة؟ وهل يستطيعون تدمير حماس والسيطرة على قطاع غزة أساساً؟
السيد حسن هاني زاده: لا يمكن تدمير حماس بأي شكل من الأشكال، لكن قصف غزة وقتل المدنيين سيستمران، وهذه هي الإستراتيجية التي حددتها الولايات المتحدة وحلفاء تل أبيب لإزالة هذه المنطقة من خريطة فلسطين، وإذا بقي لشعب غزة أي شيء، يريدون وضعه تحت إدارة الکيان الصهيوني والأمم المتحدة في المستقبل.
هدف الکيان الإسرائيلي هو تطهير غزة من قوى المقاومة، والسماح لسكانها الآخرين بمواصلة حياتهم من خلال التحالف الدولي بالتعاون مع تل أبيب، وهذه الخطة تحظى بموافقة الغربيين وربما يتم تنفيذها. ولكن على أي حال، فإن المقاومة الفلسطينية ضد "إسرائيل" سوف تستمر، وقد يستخدمون تكتيكات جديدة.
ولذلك، فإن مستقبل غزة يعتمد على مدى قدرة حماس على مقاومة الجيش الصهيوني، وعلى الرغم من عمليات القتل المتواصلة، فإن الکيان الإسرائيلي لن يتمكن من الفوز بسهولة في الميدان.
الوقت: كيف سيؤثر هجوم الجيش الصهيوني على مستشفيات غزة بحجة مواجهة حماس، على مواقف المجتمع الدولي والرأي العام ضد هذا الکيان؟
السيد حسن هاني زاده: يواصل الرأي العام العالمي مسيراته واحتجاجاته ضد الکيان الصهيوني، لكن القضية المهمة هي دور الجهات الأجنبية، حالياً، لدى بعض الدول العربية علاقة سرية مع الکيان الصهيوني، بل تقدم مساعدات عسكرية لهذا الکيان.
لقد وقف الغربيون إلى جانب "إسرائيل"، وللأسف لا يمكن للرأي العام والاحتجاجات واسعة النطاق أن توقف قتل المدنيين في غزة على يد الکيان الصهيوني، لكن على أي حال، فإن أمريكا تنوي إخراج غزة من المشهد الجغرافي وخلق أمن مستقر للمحتلين.
الوقت: بعد بضعة أسابيع، وافق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أخيراً على قرار بوقف الصراعات مؤقتاً، وإرسال مساعدات إنسانية واقتراح إطلاق سراح أسرى حرب غزة، ما هو تأثير هذا القرار على الصراعات في غزة؟ ولماذا اضطرت أمريكا أخيراً إلى الموافقة على القرار الأخير بعد استخدام حق النقض (الفيتو) على القرارات عدة مرات؟
السيد حسن هاني زاده: في القرارات التي سبق أن قدمتها روسيا والصين، لم يتم ذكر مسألة إطلاق سراح الأسرى الصهاينة، واكتفت فقط بالتأكيد على وقف الصراعات وقصف غزة من قبل "إسرائيل"، ولهذا السبب عارضته الولايات المتحدة والأوروبيون.
وبناءً على إصرار الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وافق مجلس الأمن أخيراً على قرار ضعيف، يعطي الأولوية لإطلاق سراح السجناء المدنيين ووقف القصف وإرسال المساعدات الإنسانية، لكن الکيان الصهيوني أظهر أنه لن يلتزم بأحكام هذه القرارات.