الوقت - إن القصف المستمر والحرب اللاإنسانية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، دفع الكثيرين إلى المطالبة بتقديم الدعم الشامل لهذا القطاع.
وبالتزامن مع استمرار حرب غزة، كشف معهد "أنديشه سازان نور" للدراسات في طهران بعض الحقائق المتعلقة بهذه الحرب، من خلال عقد لقاء حول "سير حرب غزة".
وفي هذا اللقاء أشار الدكتور سعد الله زارعي، أحد الخبراء في القضايا الدولية، إلى الوثائق التي تم الحصول عليها حديثاً من تل أبيب، والتي تم فيها التخطيط للهجوم على غزة مسبقاً، وفيما يلي نقدم لکم ما جری في اللقاء.
طوفان الأقصى منفصل عن الحرب على غزة
قال الدكتور زارعي في مقدمة النقاش: هناك فرق كبير بين طوفان الأقصى وبين مقولة الحرب على غزة، في الهجوم علی غزة شهدنا مقتل أكثر من 11 ألفاً من سكان غزة العزل، وأكثر من 70 بالمئة من الشهداء نساء وأطفال.
في الحرب الأخيرة، وعلى الرغم من وجود القوانين الدولية المتعلقة بالحرب، إلا أننا نشهد تدمير المنازل، حيث تعرضت العديد من المنازل السكنية في الجزء الشمالي من قطاع غزة، وخاصةً مدينة غزة، لأضرار، إما مدمرة بنسبة 100% أو تضررت بنسبة 30 إلى 70%.
ولذلك فإن عملية طوفان الأقصى واجتياح غزة مقولتان منفصلتان، رغم أن البعض يعتبر إحداهما نتيجةً للأخرى، ويعتبر حرب غزة نتيجةً لطوفان الأقصى، ولكن وفقاً للوثائق التي تم الحصول عليها من رئيس الوزراء ووكالة المخابرات الإسرائيلية، فقد ثبت أن الأمر ليس كذلك، وأن الهجوم الضخم على غزة كان خطةً معدةً مسبقاً.
اكتشاف وثائق تحدد سبب حرب غزة
وقال خبير القضايا الإقليمية عن الوثائق التي تم الحصول عليها من تل أبيب: حسب هذه الوثائق، فإن الصهاينة الذين تورطوا في الأزمة السياسية الداخلية لأشهر قبل طوفان الأقصى، وهذه الخلافات أوصلت "إسرائيل" إلى حافة الهاوية، وقسمت المجتمع الصهيوني إلى قسمين واجه كل منهما الآخر، قد توصلوا إلى أنه لا يوجد أفق لحل الخلافات بين الصهاينة.
ولأكثر من 10 أشهر، استمرت الاحتجاجات والتوترات السياسية في شوارع تل أبيب بحشود كبيرة، ومن ناحية أخرى، كان لدى "إسرائيل" مشروع كبير اسمه التطبيع العربي، توقف لمدة عامين، واعتبروا عدم حل القضية الفلسطينية هو السبب الرئيسي لهذه الفجوة، ورأوا أنه يجب تصفية قضية فلسطين في المنطقة لتسريع التطبيع.
ويعتقد الصهاينة أن مفتاح حل القضية الفلسطينية هو إزالة المقاومة، المقاومة هي التي خلقت شرارة الأمل في فلسطين، وترى تل أبيب أنه حتى يتم إخراج هذه المقولة من فلسطين، لا إمكانية للتطبيع وتعميقه، ولذلك، تم طرح عملية مكثفة ضد حركات المقاومة في غزة، وخاصةً ضد حماس، على جدول الأعمال.
ثلاثة سيناريوهات لتل أبيب في وثائق سرية
في إشارة إلى الوثائق التي تم الحصول عليها من الكيان الصهيوني، أضاف الدکتور سعد الله زارعي: "حسب الوثيقة المكونة من سبع صفحات التي اطلعنا عليها، فإن لدى الصهاينة في أذهانهم ثلاثة سيناريوهات فيما يتعلق بغزة في هذه الوثائق"
السيناريو الأول: الاحتلال الكامل لغزة، وقصف وإخلاء سكان غزة ونقلهم مؤقتًا إلى صحراء سيناء، ومن ثم فرز سكان غزة مرةً أخرى إلى هذا القطاع، وذلك بأخذ الضمانات وتحديد أن هؤلاء السكان العائدين لا علاقة لهم بالمقاومة في فلسطين، ومن ثم تكرار وضع إدارة الضفة الغربية في غزة.
وهذا يعني أنه كما هو الحال في الضفة الغربية، حيث تتم الإدارة بمزيج من الجيش الإسرائيلي وحكومة السلطة الفلسطينية، ويكون الأمن تحت سيطرة "إسرائيل"، وتنقسم الضفة الغربية إلى عشرين جزءًا منفصلاً، يجب أن يتم تنفيذ نفس الصيغة في غزة، وتقسيم هذه الأرض إلى أجزاء وإنشاء ترتيب أمني مشترك بين "إسرائيل" ومنظمة السلطة الفلسطينية لكل جزء، حتى يمكن إنقاذ الصهاينة من مقولة المقاومة المسلحة.
السيناريو الثاني: السيناريو الثاني هو أنه إذا لم تتمكن "إسرائيل" من احتلال غزة بشكل دائم، ولم تتمكن من إقامة صيغة الضفة الغربية في غزة، فإنها ستهاجم هذا القطاع وتستولي على غزة، لإضعاف المقاومة وتسليم إدارة المنطقة إلى منظمة السلطة الفلسطينية، حتى يتم قمع الفلسطينيين من قبل الفلسطينيين.
السيناريو الثالث: يقوم السيناريو الثالث على احتلال قطاع غزة مؤقتاً من قبل الجيش الإسرائيلي، وإقامة ترتيبات سياسية مشتركة بين مصر والأردن و"إسرائيل" بمشاركة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، بحيث تكون هذه الإدارة فيدراليةً ومشتركةً بين تل أبيب والدولتين العربيتين والأمم المتحدة، وتجفف جذور المقاومة في قطاع غزة.
وحسب الدكتور زارعي، فقد تم التحقيق في كل من هذه السيناريوهات الثلاثة في المخابرات الإسرائيلية وتفاصيلها موجودة في الوثيقة المذكورة، كما تم ذكر سبل الخروج في هذا السيناريو، وفي الواقع، حتى لو لم يتم تنفيذ عملية طوفان الأقصى، فقد خطط الإسرائيليون لعملية عسكرية مكثفة ضد غزة في الأشهر الأولى من عام 2024، وبالطبع، فإن عملية طوفان الأقصى تسببت في استعجال هذه العملية العسكرية، حيث تم تقديم موعد هذه العملية وجری تنفيذها في أكتوبر الماضي.
مسار الحرب
وعن العملية الحربية قال الدكتور زارعي: بدأت العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد غزة في الثامن من أكتوبر تقريبًا، وبعد ذلك استعد الجيش الإسرائيلي لدخول غزة عن طريق البر، واستغرق الأمر ما يقرب من أسبوعين حتى يستعد الجيش الإسرائيلي لدخول غزة.
وبناءً على ذلك، أرسل الکيان الإسرائيلي ثلاث فرق من قواته العسكرية إلى غزة لتنفيذ السيناريوهات المذكورة، وإضافة إلى هؤلاء أضافوا أربعة ألوية عمليات خاصة تحت قيادة الجيش ووضعوها تحت قيادة قادة الألوية الثلاثة، وحاصروا قطاع غزة بهذه القوات، ومنذ حوالي سبعة عشر يوماً، تابعوا الدخول البري إلى غزة عبر أربعة مسارات، اثنان من هذه الطرق كانا في شمال غزة، أحدهما معبر زكيم، الذي تم تنفيذه من شمال إيريز على جانبي شمال قطاع غزة.
كما تم تنفيذ عمليات من الشمال الشرقي في بيت حانون، وتم تنفيذ عمليات من الجنوب ووسط منطقة البريج، وهنا نفذ الکيان الصهيوني عمليةً خاطفةً في منطقة البريج لإطلاق مناورة دعائية، ولرفع الروح المعنوية للعسكريين وتوجيه ضربة نفسية لأهالي غزة وأنصار المقاومة.
منطقة البريج كانت منطقةً زراعيةً وغير سكنية، والمسافة من شرقها إلى غربها ستة كيلومترات، وبناءً على ذلك، ادعى الکيان الصهيوني أنه يقسم غزة إلى شمال وجنوب، هنا تقدمت الدبابات دون عائق وتمكن الصهاينة من عبور هذا العرض البالغ ستة كيلومترات، ولذلك، فإن التسلل من البريج لم يكن له أي قيمة عملياتية، لأن منطقة الصراع الرئيسية كانت في الشمال وفي مدينة غزة.
وفي الشمال والشرق، أي زكيم وإيرز وبيت حانون، تمكن الإسرائيليون من التوغل مسافةً تتراوح بين 1 و2.5 كيلومتر بعد أيام من المجهود، وإنشاء سياج تقريبًا في الأجزاء الشمالية والشمالية الشرقية من منطقة الساحل، وبطبيعة الحال، في الشمال والشمال الشرقي، المناطق المحتلة هي محتلة من قبل الصهاينة منذ عقود، وفي الواقع تمت السيطرة على هذه المنطقة.
وفي هذه العمليات خلال الأسبوعين الماضيين، توغلوا إلى عمق يتراوح بين كيلومتر إلى كيلومترين ونصف من هذه المناطق، وعادةً ما تكون هذه المناطق الهامشية مناطق زراعية وغير مأهولة، حيث تمكن الجيش من التقدم بكمية كبيرة من النيران البرية والبحرية والجوية.
تحديات الصهاينة في حرب غزة
وأضاف الدكتور زارعي: مشكلة "إسرائيل" تبدأ عندما يكون هناك سكان ومبانٍ وتصبح إمكانية الحركة العملياتية صعبةً، ولهذا السبب، وبعد 17 يومًا، لم يتمكن الإسرائيليون من الاستيلاء على المنطقة الشمالية الصغيرة.
لذلك، استخدم الإسرائيليون تكتيك الاعتداء الجوي وتسللوا إلى مناطق شرق غزة للادعاء بالتوغل في المدينة، بينما ظلت القوات المدرعة بالقرب من الحدود، واستولت "إسرائيل" على مناطق صغيرة من المناطق الشمالية، بما في ذلك منطقة مستشفى الشفاء، وتظاهرت بالوصول إلى وسط وقلب المدينة، في حين أن الأمر لم يكن كذلك، فالاشتباكات تدور بشكل شرس.
بدأ الإسرائيليون القصف هنا لتحريك قواتهم، وفي نفس المكان الذي أجروا فيه الاعتداء الجوي، سبق أن قصفت المقاتلات الإسرائيلية مستشفى الرنتيسي، أي إنهم في البداية قصفوا وخلقوا أرضًا محروقةً، ثم قاموا بالاعتداء الجوي، وهو ما لم ينجح أيضًا.
كيفية مواصلة الحرب؛ معركة دبابة ضد مقاتل
وتابع خبير القضايا الإقليمية: الآن أصبحت العملية بحيث يقوم الإسرائيليون بمهاجمة مناطق بشكل أعمى دون أي تحقيق أو بنك أهداف، بل القصف للانتقام فقط ما أدى إلى استشهاد الأطفال والنساء، وفي المرحلة الثانية، ضغط الإسرائيليون على هذه المناطق بالقوات البرية والقصف الجوي.
المهم أن الاشتباكات على خط التماس بين المقاومة الإسرائيلية والقوات المدرعة شديدة جداً، وفي هذه المشاهد، المعركة عبارة عن دبابة ضد مقاتل، وهنا يوجد الجانب الإسرائيلي الذي يمتلك دبابات متطورة، ويجب على القوات الفلسطينية أن تضرب قلب الجيش الإسرائيلي بأسلحة حرب العصابات وقاذفات الصواريخ.
خسائر الغزاة في المعركة البرية ثلاثة أضعاف
وعن عدد ضحايا الغزاة، قال الدكتور زارعي: في ساحة المعركة، بما أن هناك ثلاثة جنود في كل مركبة مدرعة، وباعتبار أن 22 دبابة ومعدات يتم ضربها في المتوسط يومياً، من خلال قياس النسبة بين القتلى الإسرائيليين والشهداء الفلسطينيين، يمكن القول إن عدد ضحايا "إسرائيل" يزيد ثلاثة أضعاف عدد الضحايا الفلسطينيين في خط الصراع.
وهکذا، مقابل كل شهيد فلسطيني يُقتل ثلاثة جنود إسرائيليين، وتصل خسائر الصهاينة اليومية على خط التماس الحربي إلى 40 شخصًا، وهو أكبر عدد من الضحايا بين الصهاينة، وفي الضفة الغربية يُقتل 5 إسرائيليين يومياً، وعلى خط التماس مع حزب الله تصل خسائر الصهاينة إلى 7 أشخاص يومياً على الجبهة الشمالية.
وعن أهداف الغزاة، أضاف الدكتور زارعي أيضاً: "الأمر الواضح هو أن الصهاينة لم يتمكنوا من تحقيق أهدافهم في الحرب، لأنهم أعلنوا أن هدفهم هو تدمير حماس وتغيير إدارة غزة، ومع ذلك، وبعد سبعة عشر يومًا من الحرب البرية، لا تزال حماس والجماعات الجهادية الأخرى تطلق الصواريخ باتجاه المناطق المحتلة، وإدارة غزة لم تتغير بعد، وليس هناك ما يشير إلى إمكانية تغيير إدارة غزة، و"إسرائيل" لم تصل إلى نتائج استراتيجية.
وهذه نقطة ينبغي أن ننتبه إليها، لكن هذا الموضوع لا يزال لا يحدد الأفق النهائي لتطورات الحرب، وكل شيء مرهون بوضع المقاومة في غزة، الآن تتقاتل قوتان غير متكافئتين في غزة، وعلى الرغم من أن الحرب غير متكافئة وأي قوة تظهر قدرًا أكبر من التحمل ستفوز بالميدان، ولکن تظهر التجارب السابقة أن غزة التي شهدت العشرات من هذه الحوادث خلال الـ 75 عاماً الماضية، هي المنتصرة، وهي التي ستحدد تطور الحرب.
وفي هذا المجال، فإن التفوق الجوي لا يحدد نتيجة الحرب، وزمن الضربات الجوية قد ولی، والضربات الجوية مرتبطة بالماضي وحروب "إسرائيل" مع الجيش العربي، بل الآن تغيرت التطورات، حيث إنه في لحظة واحدة تخرج قوات من الأرض وتستهدف الدبابات، ثم تعود إلى الأنفاق وتختفي.
والحقيقة أن هذه الحرب تختلف عن الحرب الكلاسيكية، ومقاومة الجانب الفلسطيني هي التي تحدد مرحلة الحرب، ونعتقد أن الجيش الإسرائيلي دخل في دوامة الفشل، فكما فشل في تحقيق أهدافه خلال الأسبوعين الماضيين، فإنه لن يتمكن من تحقيق أهدافه بعد الآن أيضًا.
رد فعل جبهة المقاومة ضد الحرب في غزة
وعن جبهة المقاومة، قال الدكتور زارعي: في جبهة المقاومة التي تضم إيران والعراق ولبنان وسوريا، تعتمد العمليات على الردع، ولم يسبق أن تم تطبيق أسلوب الهجوم الأول من قبل الجمهورية الإسلامية أو من هم في جبهة المقاومة.
معظم حروب العقدين الأخيرين كانت حروباً تم فيها الهجوم علی أحد أعضاء جبهة المقاومة، على سبيل المثال، في حرب عام 2006، لم يكن حزب الله اللبناني هو من بدأ الحرب بنفسه، بغض النظر عن قضية الأسر، بل إن الإسرائيليين أنفسهم هم من بدؤوا الحرب، وفي الحرب الأخيرة، كان الإسرائيليون هم المبادرون، کما بدأ السعوديون الحرب في اليمن أيضًا.
لذلك، من حيث المبدأ، فإن سياسة الجمهورية الإسلامية وفصائل المقاومة الأخرى لا تقوم على إثارة الصراع، وسياستنا لا تقوم على تصعيد التوتر، وهذا التصعيد ليس في مصلحة أحد، وبالتالي، منذ اليوم الأول، ووفقاً لحالة الصراع الميداني التي يتبعها الکيان الإسرائيلي، يتم تعديل الإجراءات ضد الکيان، وتكون ردود الفعل على أساس تكثيف الکيان لعملياته.
والمسألة الثانية هي أن هناك خطاً أحمر في مشهد الصراع، والخط الأحمر في هذا المشهد هو الحفاظ على مقاومة الشعب الفلسطيني حتى يتم الحفاظ على قدرته على المقاومة، وأيضاً الحفاظ على تنظيم المقاومة والجماعات الجهادية في ساحة المعركة حتى لا تتضرر قدرتها على المقاومة، وقد أكدنا على هذه المسألة منذ البداية، وإذا ما شعرنا في مرحلة ما أن المقاومة الفلسطينية ستعاني من أضرار جسيمة، فإن جبهة المقاومة ستكثف تحركاتها أيضاً.
منذ اليوم الأول قامت جبهة المقاومة بالرد، وعمليات القوات اليمنية باتجاه الجبهات الجنوبية وتحركات حزب الله جاءت على شكل الاستعداد للمعرکة، ومنذ بداية قصف غزة بدأت العمليات الصاروخية، كما واصلت المقاومة العراقية عملها من خلال الضغط على السبب الرئيسي للغزو، أي الأمريكيين في سوريا والعراق.
ولذلك، دخلت جميع عناصر وتيارات المقاومة إلى الساحة دون تأخير، وكان قدوم تيارات المقاومة هذه متناسباً مع التطورات، رغم أن الفلسطينيين في هذا المشهد هم مركز الاهتمام، وواجب الآخرين هو مساعدة مجموعات المقاومة الأخرى بشكل فعال لمنع انتصار الغزاة، وهذا هو المسار الذي يتبعه أعضاء جبهة المقاومة، ويتغير تبعاً لتطورات حرب غزة.
الدعم العالمي لفلسطين
وفي الجزء الأخير من كلمته، تطرق رئيس مركز "أنديشه سازان نور" للدراسات إلی التطورات السياسية، وقال عن الدعم الدولي للفلسطينيين: يشمل المشهد السياسي في تطورات غزة مجالين، أحدهما هو الساحة العامة التي يصعد فيها الرأي الشعبي دعماً لفلسطين وضد "إسرائيل"، بما في ذلك المظاهرات الأخيرة في لندن، والتي شارك فيها أكثر من 500 ألف شخص.
هذه التظاهرة في لندن تعتبر ظاهرةً فريدةً من نوعها، ونحن نشهد نفس الظاهرة في المدن الأمريكية، وحتى الجامعات الأمريكية التي تقوم بتدريب مديري المستقبل في أمريكا.
والآن كل أمريكا اللاتينية، وكل إفريقيا، والعالم الإسلامي كله والعالم العربي، وأكثر من 90% من القارة الآسيوية وجزء كبير من سكان أوروبا يدعمون فلسطين، وقد وقع الصهاينة في عزلة غير مسبوقة أمام الرأي العام والنخب والمجتمع المستنير.
والحقيقة أن تأييد الرأي العام لفلسطين وصل إلى مستوى النخبة في المجتمع الغربي، على الرغم من أنه خلال الـ 75 سنة الماضية، بُذل الكثير من الجهد لنسيان فلسطين.
والشق الثاني هو العملية السياسية على مستوى الحكومات وما نراه على الساحة، وفي هذا القسم، وتحت غطاء طلب وقف إطلاق النار، نرى انحراف بعض الحكومات التي تؤكد على قضية حل الدولتين، أو العودة إلى اتفاق أوسلو، أو توسيع سيطرة السلطة الفلسطينية على غزة.
هذه الطلبات لا علاقة لها بالحرب بين غزة والفلسطينيين، ولا يريدها الفلسطينيون أيضاً، كما أكد الرئيس السوري بشار الأسد في قمة الجامعة العربية أن مثل هذه المناقشات لا علاقة لها بالقضية الفلسطينية.
إن مبدأ حل الدولتين لا يقبله الفلسطينيون، كما أن الإسرائيليين لا يؤمنون بتشكيل دولة فلسطينية، وقد اعترف محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية مؤخراً بأن "إسرائيل" لا تؤمن بتشكيل حكومة لفلسطين.
إن التطورات الحالية جعلت من قضية فلسطين القضية الأساسية للعالم، والعالم يطالب بمساعدة عملية لفلسطين، وربما في المستقبل سيتم فتح معبر رفح بشكل كامل لمساعدة فلسطين.