الوقت- مؤخرا، عبّر وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، عن قلقه لنظيره الإسرائيلي يوآف غالنت في محادثة هاتفية بخصوص تورط "إسرائيل" في تصاعد التوترات على طول "الحدود" مع لبنان، وفقًا لموقع "أكسيوس"، وقد أشار الموقع إلى أن رسالة أوستن تعكس القلق المتزايد في البيت الأبيض بشأن العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان وتأثيرها المحتمل على تصاعد التوترات على الحدود، وهو ما قد يشعل نيران صراع إقليمي.
ووفقًا للتقرير، يشعر العديد من المسؤولين في إدارة الرئيس جو بايدن بالقلق إزاء محاولات "إسرائيل" استفزاز حزب الله وخلق ذريعة لصدام أوسع في لبنان، الذي قد يعني تورط الولايات المتحدة ودول أخرى في صراع متصاعد، وكانت هناك تصاعدات يومية على طول "الحدود" منذ بداية الحرب في غزة، حيث قام حزب الله بإطلاق صواريخ مضادة للدبابات على مواقع استيطانية، فيما نفذت "إسرائيل" غارات جوية على مواقع حزب الله.
أمريكا تخسر العرب والمسلمين
بوضوح، أفاد مصدر أمريكي بأن البيت الأبيض طلب من وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن التعبير عن قلقه لنظيره الإسرائيلي يوآف غالنت بشأن تصاعد النشاط العسكري الإسرائيلي في لبنان، وفي القراءة العلنية للمكالمة، أكدت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن "شدد على ضرورة احتواء الصراع في غزة وتجنب التصعيد الإقليمي"، ورغم عدم ذكر لبنان بشكل محدد، إلا أن المصادر المطلعة على المكالمة أفادت بأنها كانت محادثة صريحة ومباشرة للغاية، حيث أبدى أوستن بشكل خاص قلقه بشأن النشاط العسكري في لبنان.
وفي هذا الإطار، زعمت المصادر إلى أن إدارة بايدن ترى أن حزب الله غير مهتم في شن حرب شاملة مع "إسرائيل"، وفي ظل ارتفاع أعداد القتلى الفلسطينيين في الحرب الدامية التي دخلت شهرها الثاني، وفي ظل رفض إسرائيلي قاطع لفكرة وقف إطلاق النار، يزداد منسوب القلق في كواليس الإدارة الأمريكية، وخاصة ضمن السلك الدبلوماسي، وقد وجه عشرات الدبلوماسيين الأمريكيين تحذيرات إلى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، معبرين عن قلقهم إزاء تصاعد الغضب في العالم العربي نتيجة للموقف الداعم للحرب الذي تتخذه واشنطن، وتلقت الإدارة الأمريكية تحذيرات واضحة من دبلوماسيين أمريكيين في العالم العربي بسبب دعمها للحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، وفقًا لما نقلته شبكة "سي أن أن".
وقد وجه هؤلاء الدبلوماسيون برقية تحذير إلى بايدن بسبب دعم الولايات المتحدة للحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، ووصفوها بالمدمرة والمميتة، اعتبروا أن هذا الموقف الأمريكي "يجعل البلاد تخسر الجماهير العربية لجيل كامل"، وفي هذا السياق، أشاروا إلى تزايد الغضب ضد الولايات المتحدة بعد إطلاق "إسرائيل" عملياتها ضد حركة حماس في أعقاب هجمات السابع من أكتوبر الماضي، وتلقت الإدارة الأمريكية تحذيرات واضحة من دبلوماسيين أمريكيين في العالم العربي، وخاصةً من سفارة الولايات المتحدة في سلطنة عمان، وأشارت البرقية إلى أن أمريكا "تخسر بشدة في معركة الرسائل"، وحذرت البرقية أيضًا من أن الدعم الأمريكي لأفعال "إسرائيل" يُنظَر إليه "كمسؤولية مادية ومعنوية عمّا يعتبر جرائم حرب".
والبرقية التي وجهها ثاني أكبر مسؤول أمريكي في مسقط، عاصمة سلطنة عمان، أُرسلت إلى مجلس الأمن القومي الأمريكي ووكالة الاستخبارات الوطنية ومكتب التحقيقات الفيدرالي، يُذكر أن بعض كبار المسؤولين في إدارة بايدن أكدوا سراً أن هناك جوانب من العمليات العسكرية الإسرائيلية لا يمكنهم ببساطة الدفاع عنها، وتكشف مصادر متعددة أن عدة مسؤولين يشعرون بالذهول من الصور المتواصلة للمدنيين الفلسطينيين الذين يُقتلون يومياً في الغارات الجوية الإسرائيلية، وتأتي هذه التحذيرات في وقت ترتفع فيه أعداد القتلى بشكل يومي في قطاع غزة، حيث بلغت أحدث حصيلة حوالي 11 ألف شخص، أكثر من نصفهم من الأطفال والنساء.
وحاليًا، تواجه "إسرائيل" تحديات كبيرة في مناطق متعددة، بدءًا من مواجهتها لحزب الله على الحدود الشمالية للأراضي الفلسطينية المحتلة وصولاً إلى التوترات المستمرة مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في قطاع غزة، حيث يشن الإسرائيليون حملة عسكرية على الفلسطينيين، يجب أيضًا الإشارة إلى تقارير إعلامية تشير إلى أن هذا الوضع دفع قادة المناطق الشمالية للأراضي الفلسطينية إلى تطوير استراتيجيات جديدة لمواجهة هذه التحديات، نظرًا للوجود المستمر لمقاتلي حزب الله بالقرب من الحدود، وإضافة إلى ذلك، مع التقدم الكبير في قدرات حزب الله على الصعيدين العسكري والصاروخي، حيث ازدادت ترسانته منذ حرب عام 2006، حيث كانت تقديرات تشير إلى وجود حوالي 33 ألف صاروخ وقذيفة، إلى تقديرات حالية تفيد بوجود حوالي 150 ألف صاروخ وقذيفة وفقًا لبعض التقديرات، ويتفق الإعلام الإسرائيلي وبعض المسؤولين على هذه الأرقام.
وبجانب هذا التطور في الترسانة، لوحظ ارتفاع عدد مقاتلي حزب الله بشكل كبير، فمنذ حرب عام 2006، ارتفع عددهم من عدد قليل إلى أكثر من عشرين ألف مقاتل، وفقًا للتقديرات نفسها، وإضافة إلى ذلك، يعترف بعض كبار قادة المؤسسة الأمنية في الكيان بأن الجبهة الداخلية للكيان الصهيوني ليست جاهزة وليست مستعدة لمواجهة عسكرية، ولاحظ أن "إسرائيل" أقرت في أكثر من مناسبة بأن ترسانة حزب الله أصبحت أقوى من ترسانة العديد من دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) من حيث العدد والنوعية، ومع ذلك، يواجه المجتمع الإسرائيلي تحديات متعددة، بما في ذلك عقدة عدم الانضباط وعدم القدرة على التصرف وفقًا لتوجيهات الجبهة الداخلية.
وتدرك واشنطن تمامًا أن أي عملية عسكرية ضد حزب الله ستواجه ردًا قويًا من الحزب، حيث سيكون لديهم عملية تستهدف جبهة "إسرائيل" الداخلية، وخاصة بعدما حققت المقاومة اللبنانية "حزب الله" انتصارات كبيرة على الصهاينة وفرضت تغييرات على المحاور القتالية معتمدة على القوة العسكرية بأبعادها العقائدية والمادية، وتلك التغييرات أحدثت تأثيرًا كبيرًا على المستوى المحلي وتأثيرًا إقليميًا واسعًا.
تزعزع في الموقف الأمريكيّ
على مدى أسابيع، دعمت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بشدة الهجمات العسكرية على غزة، ومع ارتفاع عدد القتلى في القطاع والاحتجاجات الكبيرة المؤيدة للفلسطينيين في جميع أنحاء العالم، إضافةً إلى الضغط المتزايد داخل البيت الأبيض، أدى كل هذا إلى تحول في الموقف الأمريكي، وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن خلال زيارته لنيودلهي: "لقد عانى كثيرون للغاية في الأسابيع الماضية، نريد أن نفعل كل ما هو ممكن لمنع إلحاق الضرر بهم وزيادة المساعدات التي تصل إليهم إلى أقصى حد".
وأضاف بلينكن: "لتحقيق هذه الغاية، سنواصل مناقشة الخطوات الملموسة التي يجب اتخاذها مع إسرائيل لتحقيق هذه الأهداف"، وأشار مسؤولو الإدارة الأمريكية إلى تحقيق نجاح في بعض المجالات أثناء جهودهم لتخفيف الأزمة الإنسانية في غزة، وأعلن البيت الأبيض الخميس أن "إسرائيل" وافقت على تقديم تنازلات من خلال وقف العمليات العسكرية يوميًا لمدة 4 ساعات في مناطق شمال غزة، ووفقًا لتقرير "سي إن إن"، فإن الضغوط المستمرة التي تمارسها إدارة بايدن على "إسرائيل" لتحسين خططها العسكرية وتحديد أهدافها في غزة لم تسفر عن نتائج واضحة من الطرف الإسرائيلي، وأشار الموقع إلى أن العديد من المسؤولين الأمريكيين يتوقعون ردًا إسرائيليًا واضحًا على مطالب واشنطن بتحسين العملية العسكرية، وهو ما لم يتحقق حتى الآن، حيث بلغ عدد الفلسطينيين الذين قتلوا في الهجوم الإسرائيلي على غزة منذ 7 أكتوبر الماضي أكثر من 11 ألفًا، وفقًا للأرقام الأخيرة من وزارة الصحة الفلسطينية.
وعلى الرغم من استمرار شراسة العملية العسكرية الإسرائيلية، لا تظهر أي علامة على التراجع، ومع ذلك، استمرت الرسائل العامة، سواء من وزير الخارجية بلينكن أو مسؤولين آخرين في الإدارة الأمريكية، في التأكيد على مزاعم حق "إسرائيل" في الدفاع عن نفسها ورفض أي دعوات لوقف إطلاق النار، وفي مؤتمر صحفي يوم الأربعاء، سعى بلينكن هذه المرة إلى "توضيح" هذا الموقف، في محاولة لصد الضغوط الخارجية والداخلية المتصاعدة بشأن الدعم الأمريكي لـ"إسرائيل".