الوقت - بينما ينتظر أهل قطاع غزة بفارغ الصبر أغذية وحليب أطفال ومستلزمات جراحية وأدوية تساعدهم على مواجهة الحصار المطبق المفروض عليهم منذ شهر، دخلت قافلة مساعدات من معبر رفح محمّلة ببسكويت، لكن الصدمة كانت عندما تبين لهم أن تاريخ انتهاء صلاحيته سيكون في 20 من تشرين الثاني الجاري، أي بعد أسبوعين من الآن.
وأظهر فيديو أحد الأشخاص وهو يحمل علبة بسكويت مكتوب عليها: "بسكويت بالتمر مدعم بالفيتامينات والمعادن وغير مخصص للبيع"، وقال هذا الشخص إن هذا البسكويت وصل من برنامج الأغذية العالمي، لكن صلاحيته ستنتهي بعد أقل من 20 يوما.
ما يعني أنه لو انتظرت الشاحنات المحمّلة بالبسكويت على معبر رفح لفترة أطول، فإن تاريخ صلاحيته كانت سوف تنتهي قبل أن يصل لأهالي غزة الذين يحاصرهم الجوع والقصف الوحشي.
غير أن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة رد على الاتهامات بالقول: "بسكويت برنامج الأغذية العالمي في غزة آمن للاستهلاك خلال الأسابيع المدونة على العبوات حتى أوائل الشهر المقبل للتناول بمجرد توزيعه قبل هذا التاريخ".
وأضاف إن هذا البسكويت هو الأنسب لحالات الطوارئ، حيث تحتاج الأسر إلى تغذية مكثفة ولا تستطيع الطهي.
من جهته قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الأحد، إن “حرب التجويع الإسرائيلية تبلغ ذروتها في قطاع غزة من خلال منع الإمدادات الغذائية، وقصف المخابز، وخزانات المياه".
وأضاف المرصد (منظمة مستقلة/ مقرها جنيف)، في بيان، إن “إسرائيل صعدت في الساعات الأخيرة بشكل حاد من حرب التجويع التي تمارسها بحق المدنيين في غزة، بهدف مفاقمة الوضع المعيشي الذي وصل لمستويات كارثية".
وسلط المرصد الأورومتوسطي، الضوء على “اتخاذ حرب التجويع الإسرائيلية منحنيات في غاية الخطورة، بما في ذلك قطع كل الإمدادات الغذائية، وقصف وتدمير المخابز، والمصانع، والمتاجر الغذائية، ومحطات وخزانات المياه".
ولفت إلى “تعمد إسرائيل في الساعات الأخيرة تركيز هجماتها على استهداف المولدات الكهربائية، ووحدات الطاقة الشمسية التي تعتمد عليها منشآت تجارية، ومطاعم، ومؤسسات مدنية في الحفاظ على الحد الأدنى الممكن من عملها".
وتشير تقديرات برنامج الأغذية العالمي إلى أن المخزونات الحالية من السلع الغذائية الأساسية ستكون كافية لأربعة أيام على الأكثر قبل أن تنفد بشكل نهائي، في وقت أصيبت الحركة التجارية بالشلل بسبب الدمار واسع النطاق، وانعدام الأمن، ونقص الوقود.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أن “الحصول على الخبز في قطاع غزة بات يشكل تحديا وجوديا، إذ لا تزال المطحنة الوحيدة العاملة في غزة غير قادرة على طحن القمح بسبب نقص الكهرباء والوقود".
و”تم قصف وتدمير 11 مخبزًا منذ 7 تشرين الأول، أما تلك التي لا تزال تعمل، فإنها تواجه تحديات شديدة بسبب نقص الضروريات مثل الدقيق والوقود”، حسب البيان نفسه.
وحذر المرصد من أن توزيع المساعدات الغذائية للنازحين شمال غزة توقف بشكل شبه كامل خلال الأيام القليلة الماضية، في أعقاب تكثيف العمليات البرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي، “ما يهدد بمجاعة واسعة النطاق يدفع ثمنها الأطفال على وجه الخصوص".
وشدد البيان على أن “مخزون المياه المعبأة آخذ في النفاد، ولا سيما بعد أن قصفت "إسرائيل" مؤخراً آبار وخزانات المياه وألحقت الضرر بالخدمات التي تقدمها، وكان آخرها تدمير بئر المياه وخزان تل الزعتر شمال غزة، واللذين يغذيان أكثر من 70 ألف نسمة".
وأضاف إن “القانون الإنساني الدولي يحظر بشكل صارم استخدام التجويع كوسيلة من وسائل الحرب، وباعتبارها القوة المحتلة في غزة، فإن إسرائيل ملزمة وفقًا للقانون الإنساني الدولي بتوفير احتياجات سكان غزة وحمايتهم".
كما دعا الأورومتوسطي إلى “التحرك الدولي الحاسم لفرض وقف إطلاق النار في قطاع غزة ومنع تدهور الوضع لحياة المدنيين بشكل أكبر عبر إتاحة الوصول العادل وغير المقيد من المواد الأساسية والإغاثية إلى قطاع غزة بأكمله”.
كما قالت سيندي ماكين، رئيسة برنامج الأغذية العالمي، الأحد، إن المساعدات التي تدخل غزة ليست كافية على الإطلاق لتلبية احتياجات السكان هناك الآخذة في التزايد بشكل كبير، فيما تتناقص المواد الغذائية في القطاع.
وأضافت ماكين، في بيان عقب زيارتها لمعبر رفح الذي تمر عبره شاحنات المساعدات من مصر إلى غزة: "نحتاج إلى مواصلة العمل معا من أجل الوصول الآمن والمستدام إلى غزة، على نطاق يتماشى مع الأوضاع الكارثية التي تواجهها الأسر هناك".
وأكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، الأحد، أن تقديرات برنامج الأغذية العالمي تشير إلى أن الإمدادات الغذائية في متاجر قطاع غزة لن تكفي إلا لبضعة أيام أخرى.
وكتبت "أوتشا"، في منشور على حسابها عبر منصة "إكس": "لقد أصبح الوصول إلى الغذاء الأساسي تحديًا متزايدًا في غزة". وأكدت أنه "لم يبق سوى عدد قليل من المخابز عاملة في القطاع بسبب الدمار المستمر ونقص الدقيق والوقود".
كما استشهد المكتب الأممي بتقديرات برنامج الأغذية العالمي التي تشير إلى أن "الإمدادات الغذائية في متاجر غزة لن تكفي إلا لبضعة أيام أخرى".
ولليوم الواحد والثلاثين، يشن الجيش الإسرائيلي "حربا مدمرة" على غزة، قتل فيها 9770 فلسطينيا، بينهم 4800 طفل و2550 سيدة، وأصاب أكثر من 24 ألفا آخرين، كما قتل 151 فلسطينيا واعتقل 2080 في الضفة الغربية، حسب مصادر فلسطينية رسمية.
ويقوم الاحتلال الإسرائيلي بفرض القيود الأمنية على دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر معبر رفح، برفضه الالتزام بتنفيذ دعوات المؤسسات الدولية والإنسانية لدخول نحو 100 شاحنة يوميا، بحيث يدخل ما لا يتجاوز 25 في المئة من المساعدات إلى القطاع، مع منع دخول الوقود إلى غزة نهائيا.
وترفض "إسرائيل" تحديد أعداد الشحنات، وتمرر المسموح بها ببطء شديد، وتعرقل دخول أكثر من 35 شاحنة ظلت متوقفة أمام المعبر من الجانب المصري في نهاية الأسبوع، بينما دخلت 24 شاحنة إلى المنطقة الفاصلة بين بوابتي المعبر بين مصر وغزة.