الوقت- الإدارة الأمريكية في موقف "متناقض وغريب" بشأن حرب غزة، فهي ترفض وقف إطلاق النار وتتحرك للمساعدة في تقديم المساعدات.
إن مدير "الأونروا" يؤكد أن أهالي غزة يتعرضون للعقاب الجماعي كما أكد البيت الأبيض يوم الاثنين أن الولايات المتحدة لا تدعم الدعوة الحالية لوقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وحماس وشدد على أنه ينبغي استبدالها بـ "وقفة مؤقتة" في الأعمال العدائية للسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وقال جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي" نعتقد أن وقف إطلاق النار ليس هو الشيء الصحيح الذي يجب القيام به في الوقت الحالي"، مضيفا " نحن لا نؤيد وقف إطلاق النار أبدا."
مواقف أمريكيّة متناقضة
في مواقف متناقضة، أعرب البيت الأبيض عن "ثقته" في أن عدد شاحنات المساعدات الإنسانية التي تمر عبر حدود رفح مع مصر وتدخل قطاع غزة سيصل إلى نحو 100 شاحنة يوميا في الأيام المقبلة، والمرحلة الأولى من الحديث مع الإسرائيليين هي محاولة جعلها 100 واحدة في اليوم (لزيادة عدد الشاحنات).
وقال كيربي: "نحن واثقون من أننا نستطيع تحقيق ذلك في الأيام القليلة المقبلة "، مشيرا إلى أن حوالي 45 شاحنة عبرت يوم الأحد.
وقال الأمين العام لمكتب الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لمجلس الأمن إن الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر يتعرضون للتهجير القسري والعقاب الجماعي.
وقال المفوض فيليب لازاريني أيضا إن انقطاع الاتصالات في نهاية الأسبوع أدى إلى تسريع انهيار النظام المدني، وحذر من أنه إذا تفاقم هذا الانهيار، فسيكون من الصعب جدا، إن لم يكن مستحيلا، على الأمم المتحدة مواصلة العمل في غزة.
وجددت "إسرائيل" التي قتلت نجو 10 آلاف فلسطيني نصفهم من الأطفال تحذيرها للمدنيين بالتحرك جنوبا من شمال غزة حيث بدأت المضي قدما في وقت متأخر من يوم الجمعة لتعقب مقاتلي حماس الذين تقول إنهم يختبئون في متاهة من الأنفاق تحت مدينة غزة.
من الواضح أنه في أعقاب الهجوم الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أمر الرئيس الأمريكي بايدن بتقديم "دعم إضافي" للكيانات الإسرائيلية، أعلن البيت الأبيض أن بايدن أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه تم إرسال مساعدات عسكرية إضافية إلى "إسرائيل" من الولايات المتحدة.
وأضاف أيضا إنه ناقش الجهود الجارية لضمان أن أولئك الذين وصفهم بـ" أعداء إسرائيل " لا يعتقدون أنهم يستطيعون أو لا ينبغي لهم استغلال الوضع الحالي، كما أعلن في بيان أن الرئيس أمر بدعم إضافي لتل أبيب لمواجهة ما أسماها "الهجمات الإرهابية" التي نفذتها قوات مقاومة غير مسبوقة، وهو يدعم بوضوح العصابات الصهيونية والجرائم ضد الفلسطينيين.
تنسيق رفيع مع الكيان
بكل وضوح قالها وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في بيان سابق إن الحكومة الأمريكية ستزود الجيش الإسرائيلي بسرعة بمعدات وموارد إضافية، بما في ذلك إمدادات الذخيرة، وكان قائد حاملة الطائرات يو إس إس جيرالد آر "فورد" وجرى توجيه السفن الحربية المصاحبة لها إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، وقالت واشنطن إنها تعمل على تعزيز عدد المقاتلين في المنطقة.
وأضاف إن إرسال السفن والطائرات الأمريكية وتقديم المساعدات لـ"إسرائيل" يعكس دعم أمريكا القوي لجيش الدفاع الإسرائيلي والشعب الإسرائيلي.
ويأتي هذا الإعلان بعد أن أكد مسؤولون حكوميون كبار أن هناك حاليا مناقشات رفيعة المستوى بين مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين حول المساعدات العسكرية.
إضافة إلى ذلك، أوضح البيت الأبيض أنهم سيستمرون في تلقي أحدث المعلومات في المستقبل، وأكد البيان أيضا أن مسؤولي البيت الأبيض سيبقون على اتصال دائم مع الإسرائيليين ونظرائهم في جميع أنحاء المنطقة.
وفي خطاب ألقاه بايدن، أكد مجددا التزام الولايات المتحدة بتقديم الدعم للولايات المتحدة، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، بعد هجوم مفاجئ شنته حماس على الأراضي التي تسيطر عليها القوات الإسرائيلية.
وفيما يتعلق بموقف المقاومة الإسلامية "حماس"، أعرب المتحدث باسم الحركة حازم قاسم، أن إعلان الولايات المتحدة تقديم دعم عسكري إضافي للكيان الإسرائيلي يشكل "مشاركة فعلية في العدوان " على الفلسطينيين.
وأشار إلى أن قرار الولايات المتحدة نقل حاملة طائرات إلى المنطقة لدعم احتلال الغزو ضد الفلسطينيين كان محاولة لرفع معنويات الجيش الإسرائيلي بعد هجوم كتائب القسام.
وقد أكد وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أن حاملة الطائرات الأمريكية جيرالد آر فورد، وهي حاملة طائرات تحمل طاقة نووية، موجودة في شرق البحر الأبيض المتوسط، وسيشمل جمع طائرات مقاتلة ومدمرات وصواريخ موجهة وأكثر من 5000 من أفراد الطاقم كجزء من استعراض للقوة يهدف إلى الاستعداد للرد على التحديات المحتملة، بما في ذلك منع وصول أسلحة إضافية إلى حماس ومراقبة الوضع في المنطقة.
ويسلط الوجود الكبير، بما في ذلك مجموعة من السفن الحربية والطائرات المقاتلة، الضوء على المخاوف التي تشعر بها الولايات المتحدة في محاولتها منع تصعيد الضغط على الكيان إقليميا.
وكشف موقع أكسيوس الأمريكي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طلب تمويلا طارئا من الولايات المتحدة لتعزيز نظام القبة الحديدية، ونقل موقع "أكسيوس" عن مسؤول إسرائيلي كبير (لم يكشف عن اسمه) قوله إن نتنياهو يسعى للحصول على تمويل طارئ من الولايات المتحدة لشراء المزيد من الصواريخ الدفاعية لنظام القبة الحديدية.
وحسب الموقع الأمريكي، من خلال ذلك يمكن لقوات الاحتلال شن هجوم واسع النطاق في قطاع غزة، قد يستغرق أسابيع وقد يتطلب مساعدة عسكرية إضافية من الولايات المتحدة، وخاصة إذا امتدت الحرب إلى مناطق أخرى مثل لبنان.
ازدواجيّة خطيرة في المعايير الأمريكيّة
لطالما كان الواقع عاملا مهما في إثبات ازدواجية المعايير الأمريكية، ومنذ تأسيس الكيان عام 1948 لم تتخلَ الولايات المتحدة عن نفوذها في المنطقة أو تقلل من دعمها له لمصالح متعددة، ويعتبر الدعم الأمريكي المستمر رغم الأنقاض الفلسطينية من أكثر القضايا السياسية إثارة للجدل في العلاقات الدولية.
بدأ هذا الدعم بعد الحرب العالمية الثانية، حيث قدمت الولايات المتحدة دعما ماليا وعسكريا لـ"إسرائيل" لمواجهة التحديات الأمنية، منذ ذلك الحين، لم تتوقف العلاقات بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" عن التطور والتقوية.
ويمكن القول إن دعم أمريكا للكيان يمتد إلى جوانب مختلفة، بما في ذلك الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية.
ويشمل الدعم الأمريكي لتل أبيب مجموعة متنوعة من الدعم المالي والعسكري، بما في ذلك الإمدادات العسكرية وبرامج التدريب والتكنولوجيا العسكرية المتقدمة، وفي بعض الأحيان، تعطى "إسرائيل" الأولوية في تجارة الأسلحة الأمريكية، هذا الدعم له ما يبرره لأسباب عديدة، بما في ذلك تعزيز أمن "إسرائيل" ودعم الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان في المنطقة، كما يعترف البيت الأبيض بالدور المهم الذي تلعبه" إسرائيل " في المنطقة وهي حليف استراتيجي للولايات المتحدة.
لكن الدعم الأمريكي تعرض لانتقادات واسعة في الأوساط الدولية، حيث يتهم بعض النقاد الولايات المتحدة بتقديم الدعم على حساب حقوق الفلسطينيين في المنطقة وعدالتهم الاجتماعية.
ولا يقتصر دعم هذا الكيان على الدعم العسكري والمالي، بل يشمل أيضا الدعم السياسي والدبلوماسي، وتعتبر الولايات المتحدة واحدة من أقوى مؤيدي تل أبيب في المجتمع الدولي وتستخدم حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي لمنع الإدانة الدولية للكيان، وتصل قيمة المساعدات العسكرية الأمريكية للكيان إلى ملايين الدولارات كل عام، وتشمل هذه المساعدات الصواريخ والطائرات والدبابات وغيرها من الأسلحة التي تستخدمها قوات الاحتلال في العمليات العسكرية، وبموجب الاتفاق المتفق عليه بين الولايات المتحدة والاحتلال في عام 2016، ستتلقى "إسرائيل" الدعم العسكري الأمريكي في 2019-10 مليار دولار في 380 عاما.
كذلك، الولايات المتحدة شريك اقتصادي مهم لـ "إسرائيل"، حيث تتجسد هذه الشراكة في التبادلات التجارية المتبادلة والاستثمار المشترك والتعاون العلمي والتكنولوجي.
تعد الولايات المتحدة شريكا استراتيجيا مهما للمنظمات الصهيونية في المنطقة، حيث تتضمن هذه العلاقة الدبلوماسية والسياسية العديد من الاتفاقيات والاتفاقيات متعددة الأطراف، بما في ذلك اتفاقية الصداقة والتعاون بين الولايات المتحدة و "إسرائيل".
تم توقيع الاتفاقية في عام 1985 وتحدد العلاقات الدبلوماسية والتجارية والثقافية والعسكرية بين البلدين، إضافة إلى اتفاقية الدفاع المشترك بين الولايات المتحدة و"إسرائيل"، وتنظم الاتفاقية الموقعة عام 1983 العلاقات العسكرية بين البلدين، بما في ذلك التعاون في مجالات الأمن والدفاع والمعلومات.
إضافة إلى اتفاقية التجارة الاقتصادية بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" وقعت في عام 1985، تنظم العلاقات الاقتصادية والتجارية بينهما وتعزز التبادل التجاري والاستثمار المشترك. تشمل العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين "إسرائيل" والولايات المتحدة التعاون الوثيق في مجموعة متنوعة من القضايا الإقليمية والدولية، بما في ذلك الجهود المبذولة لتحقيق المصالح في الشرق الأوسط، وانتشار الإرهاب والتطرف، وزرع الاضطرابات الأمنية الإقليمية في البلدان المعارضة لسياسات الهيمنة.
وباختصار، من المعروف للجميع، وخاصة الفلسطينيين، أن الولايات المتحدة تقدم دعما قويا لـ "إسرائيل" وتحاول تعزيز العلاقات معها أكثر فأكثر ولا يهمها عدد الضحايا وإن إرسال المساعدات مجرد محاولة فاشلة لحفظ ماء الوجه، لكن الفلسطينيين لم يتراجعوا أبدا عن هدفهم المتمثل في تحرير بلادهم.
هذا الدعم يسبب الكثير من الانتقادات والجدل بسبب التأثير الإقليمي والدولي للصراع الفلسطيني مع الكيان، ويشمل ذلك تقديم الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي والمساعدة المالية والمعدات والتكنولوجيا العسكرية المتقدمة إلى "إسرائيل"، وتعود العلاقة الثنائية بين الولايات المتحدة و" إسرائيل " إلى حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، عندما تأسست لتحقيق مصالح المحتلين، وتطورت وتعمقت على مر السنين.
وتجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من الآثار الإقليمية لهذا الدعم، فإن السياسة الخارجية الأمريكية تتعامل مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من منظورها الخاص، وتتضمن هذه العلاقة زرع التوتر لخلق بيئة مناسبة للكيانات الموجودة في عالم الآخرين، على الرغم من الضغوط الدولية والنداءات لوقف الانتهاكات والهجمات على الفلسطينيين، تواصل الولايات المتحدة تقديم الدعم السخي لـ"إسرائيل"، وعلينا أن نتذكر دائما أن هذه السياسة تأتي من قلب الحكومة الأمريكية، وأن الضغط على "إسرائيل" لتغيير سلوكها محدود ويبدو غير فعال.