الوقت- ذكر الدبلوماسي الفرنسي آلان بيير في مذكراته أنه في عام 1957، كان ديفيد بن غوريون، مؤسس الحكومة الإسرائيلية، يعتقد أن "قطاع غزة يمثل مصيبة لأي نظام، مهما كان"، والآن، بعد مرور 66 عاماً على خطاب بن غوريون، برزت أزمة غزة نفسها مرة أخرى.
ومنطقة غزة، التي تأخذ اسمها من إحدى مدنها ويطلق عليها اسم "القطاع" نظرا لشكلها الجغرافي، هي أرض صغيرة ومحاصرة تسيطر عليها حركة حماس منذ سنوات، وفقاً للدبلوماسي الفرنسي.
وفي عام 1998، أكد علماء الآثار تاريخ المنطقة الذي يزيد على خمسة آلاف عام بعد اكتشاف مدينة محصنة مرتبطة بالحضارة الكنعانية في موقع تلة السكان القديمة في قطاع غزة الحالي.
لقد كانت غزة، وخاصة في السنوات الخمس عشرة الأخيرة، مسرحاً لمواجهات متكررة بين حماس والجهاد الإسلامي من جهة، و"إسرائيل" من جهة أخرى؛ ويبدو أن الهجمات التي اتخذت الآن بعدا جديدا مع عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حماس قد خلقت نقطة تحول في التاريخ المعاصر لهذه المنطقة.
عملية "طوفان الأقصى" وضعت "إسرائيل" أمام سؤال وتحدٍ ملحٍّ: كيف "تستأصل حماس إلى الأبد؟"
منذ العقود الماضية، استهدفت "إسرائيل" بشكل متكرر قادة وأعضاء حركة حماس، لكن هذه الهجمات لم تؤد قط إلى تدمير الجماعة ككل.
ورغم أن "إسرائيل" تحولت الآن إلى سياسة فرض حصار كامل على قطاع غزة، إلا أن الحصار طويل الأمد على غزة قد يؤدي إلى خطر عزلة دولية لـ"إسرائيل" بسبب الظروف الإنسانية التي يخلقها للمدنيين.
كما أن إطلاق سراح نحو 150 رهينة من أيدي حماس هو هدف آخر للجيش الإسرائيلي، ما زاد من تعقيد الخيارات أمامه مع التهديدات التي أثارتها هذه الحركة ضد الرهائن.
بالضبط منذ طرح فكرة "العمليات البرية" للجيش الإسرائيلي، نشرت وسائل الإعلام العالمية تحليلات وتعليقات مختلفة للمحللين حول التحديات التي تواجه "إسرائيل".
يرى البعض أن عاصفة الأقصى كانت تهدف في الأساس إلى جر "إسرائيل" إلى فخ العمليات البرية في غزة، وحذر المؤرخ الفرنسي بيير رازو في مقال نشر في صحيفة لوموند من أن "حماس تفعل كل ما في وسعها لإغراء إسرائيل بالقيام بعملية برية"، ويعتقد أن العمليات البرية للجيش الإسرائيلي في غزة قد تكون مكلفة للغاية.
ويتوقع خبراء عسكريون أن تكون حماس مدربة على استخدام شوارع غزة الضيقة في كثير من الأحيان وعشرات الكيلومترات من الأنفاق تحت الأرض في حرب برية محتملة.
وقال جوزيف هنروتون، مدير مجلة "الدفاع والأمن الدولي" الفرنسية، وهو باحث في الحروب غير المتكافئة، لصحيفة "فيجارو" في هذا الصدد: "العملية في غزة ستكون معقدة للغاية".
وقال فرانسوا هيسبرغ، الباحث البارز في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ومقره لندن، إنه بعد حرب غزة في عام 2014، أتيحت لحماس الفرصة لتوسيع مجال عملياتها، وإضافة إلى كونها أكثر تسليحًا، أنشأت "شبكة من الأنفاق بين المباني" في غزة، وفي مثل هذه الحالة، لن تكون الدبابات ذات فائدة كبيرة.
ستسمح أجهزة الرؤية الليلية التابعة للجيش الإسرائيلي بمفاجأة حماس المحرومة من الكهرباء، ومن الممكن أيضًا استخدام الروبوتات لكشف الألغام وإزالتها، لكن العملية البرية في غزة ستكون لها مفاجآتها، ومن المرجح أن تستغرق وقتا، ولن تعرف كل جوانبها حتى تتم، وخاصة أن حماس ستحاول إيقاظ خلاياها النائمة في المناطق الفلسطينية الأخرى ضد "إسرائيل".