الوقت- يعتزم "نواب البرلمان الأوروبي"، اعتماد قرار يدعو دول الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على أذربيجان بسبب أحداث قره باغ، وكذلك وقف تطوير التعاون معها وتقليص الاعتماد على الغاز الأذربيجاني، حسبما أفادت وسائل إعلام روسية، مساء يوم الأربعاء الماضي، وقال النواب خلال جلسة عامة في ستراسبورج: "يدعو البرلمان الأوروبي الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء إلى فرض عقوبات تستهدف بعض الأفراد في الحكومة الأذربيجانية المسؤولين عن العديد من انتهاكات وقف إطلاق النار وانتهاكات حقوق الإنسان في ناغورني قره باغ".
ويُخطط النواب أيضًا لدعوة "الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية إلى تعليق المفاوضات بشأن تحديث اتفاقية الشراكة مع أذربيجان حتى تظهر باكو استعدادا حقيقيا لاحترام حقوق وأمن السكان الأرمن في قره باغ".
وبخلاف ذلك، يدعو النواب "الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء إلى النظر في تعليق تطبيق اتفاقية تسهيل منح التأشيرة وخفض مستوى التعاون مع هذا البلد في مجالات أخرى".
تقليل اعتماد الاتحاد الأوروبي على الغاز من أذربيجان
كما يعتزم البرلمان الأوروبي الدعوة إلى "تقليل اعتماد الاتحاد الأوروبي على الغاز من أذربيجان"، وفي حالة تفاقم التوترات في العلاقات بين باكو وأرمينيا، التوقف تماما عن استيراد النفط والغاز من أذربيجان، و"العمل على إقرار ضمانات دولية لسلامة الأرمن الذين ما زالوا يعيشون في قره باغ، وكذلك استعادة الوصول الإنساني الكامل إلى المنطقة وزيادة المساعدات الإنسانية بشكل كبير"، وينوي النواب "التعبير عن خيبة الأمل" إزاء تنظيم أول مهمة للأمم المتحدة لزيارة قره باغ والدعوة إلى "إقامة وجود دولي في الإقليم تحت رعاية الأمم المتحدة".
كما انتقد النواب في وثيقتهم المفوضية الأوروبية ورئيس دبلوماسية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، لتجاهلهما تحذيرات البرلمان الأوروبي "بشأن التطور السلبي للوضع" في قره باغ، وكذلك لحقيقة أن "جهودهم" وإجراءاتهم لم تؤدِ حتى الآن إلى أي نتائج إيجابية، كما سيدعو البرلمان الأوروبي أيضا إلى "مراجعة فورية للبنية الدبلوماسية والأمنية للاتحاد الأوروبي في منطقة جنوب القوقاز".
واختتم البيان: "يذكر البرلمان الأوروبي أذربيجان بأنها تتحمل المسؤولية الكاملة عن سلامة ورفاهية سكان قره باغ، ويطلب من أذربيجان ضمان سلامة السكان وفقا لميثاق الأمم المتحدة وجميع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة ومبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان.. ويدعو السلطات الأذربيجانية إلى ضمان العودة الآمنة للأرمن إلى قره باغ، وإطلاق سراح جميع الأرمن المحتجزين من الإقليم، ومن ضمنهم السياسيون".
يُذكر أن قرارات البرلمان الأوروبي بشأن قضايا السياسة الخارجية ليست ملزمة قانونا، ولكن المؤسسات الأوروبية الأخرى يجب أن تستمع إلى آراء أعضاء البرلمان الأوروبي.
ورفض الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف التوجه إلى إسبانيا، حيث كان من المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان بحضور زعماء من الاتحاد الأوروبي، وفي 19 سبتمبر، أطلقت أذربيجان عملية في إقليم قره باغ لنزع سلاح التشكيلات المسلحة في الإقليم واستعادة النظام الدستوري هناك، وبعد يوم من ذلك، توصل طرفا النزاع في الإقليم لاتفاق وقف إطلاق نار بوساطة من قيادة قوات حفظ السلام الروسية.
حصة أوروبا في قطاع الطاقة الأذربيجاني
حسب المؤشرات التي أعلنتها لجنة الجمارك الحكومية الأذربيجانية في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2023، فقد حقق هذا البلد إجمالي دخل صادرات قدره 24.3 مليار دولار خلال هذه الفترة. وجاء 22.1 مليار دولار (91%) من هذا الدخل من عائدات النفط والغاز، وفي الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام، من بين كل 100 دولار كسبتها أذربيجان من التجارة الخارجية، ارتبط 91 دولارًا بقطاع الطاقة.
اثنان من البلدان الثلاثة الأولى التي تصدر إليها أذربيجان معظم النفط الخام ينتميان إلى الاتحاد الأوروبي، وحققت أذربيجان 11.2 مليار دولار من بيع النفط الخام في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2023، وتم تقديم 42% من هذه الأموال (4.7 مليارات دولار) على حساب إيطاليا، بشكل عام، إيطاليا هي الشريك التجاري الأكبر لأذربيجان، وتبلغ حصة هذا البلد في إجمالي صادرات أذربيجان 46٪.
بمعنى آخر، مقابل كل دولارين تكسبهما أذربيجان من التجارة الخارجية، تكسب دولاراً واحداً تقريبًا من إيطاليا، والمركز الثاني الذي تحصل منه أذربيجان على أكبر دخل من صادرات النفط هو "إسرائيل" (1.1 مليار دولار) والثالث هو دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي، إسبانيا (700 مليون دولار)، وتبلغ حصة الاتحاد الأوروبي من صادرات النفط الأذربيجانية أكثر من 60%، سواء من حيث الحجم أو الربح.
المكان الرئيسي في بيع الغاز الطبيعي الأذربيجاني ينتمي إلى دول الاتحاد الأوروبي، وحسب إحصائيات وزارة الطاقة في هذا البلد، صدرت أذربيجان ما مجموعه 15.8 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2023، وتم بيع 48% منها – 7.6 مليارات متر مكعب – إلى الدول الأوروبية، وتبلغ حصة تركيا من صادرات الغاز الطبيعي الأذربيجاني 42% وحصة جورجيا 10%.
ثلثا عائدات صادرات أذربيجان يذهب إلى الاتحاد الأوروبي
وفي الأشهر الثمانية الأولى من عام 2023، صدرت أذربيجان ما مجموعه 16 مليار دولار إلى دول الاتحاد الأوروبي، بمعنى آخر تبلغ حصة الاتحاد الأوروبي في إجمالي صادرات أذربيجان 66%، ولذلك فإن فرض أي عقوبات اقتصادية على أذربيجان من قبل الاتحاد الأوروبي يعني أن ثلثي عائدات صادرات البلاد قد تكون في خطر، وحوالي 35% من إيرادات ميزانية أذربيجان تأتي مباشرة من بيع موارد الطاقة، وفي هذا الصدد، فإن المخاطر المحتملة التي قد تنشأ فيما يتعلق بإيرادات الطاقة قد تشكك أيضًا في تنفيذ التزامات الحكومة المتعلقة بالموازنة.
وفيما يتعلق بالواردات، يلعب الاتحاد الأوروبي دورًا أقل في علاقات التجارة الخارجية لأذربيجان من الواردات والصادرات. وفي الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام بلغت حصة الاتحاد الأوروبي من إجمالي واردات أذربيجان 18.4%، وللمقارنة فإن حصة دول رابطة الدول المستقلة من واردات أذربيجان تبلغ حوالي 29%، وفي الوقت نفسه، تبلغ حصة هذه الدول من صادرات أذربيجان 4% فقط.
إن دولة الاتحاد الأوروبي التي لديها أكبر حصة من واردات أذربيجان هي ألمانيا، ولقد اقترضت أذربيجان 639 مليون دولار من ألمانيا في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2023، وهذا يعني أن 5.7% من واردات أذربيجان تأتي على حساب ألمانيا.
ألمانيا هي الدولة الرابعة التي تستورد فيها أذربيجان أكثر من غيرها، ويوجد دولتان أخريان في الاتحاد الأوروبي في تصنيف البلدان العشرة الأولى، التي تستورد منها أذربيجان معظم الواردات، الدولة السادسة التي تستورد فيها أذربيجان أكثر من غيرها هي فرنسا (3.1٪) والدولة التاسعة هي إيطاليا (2.63٪).
أصول صندوق النفط الأذربيجاني معرضة للخطر
إن تطبيق أي عقوبات اقتصادية على جمهورية أذربيجان قد يخلق مخاطر فيما يتعلق بأصول هذا البلد خارج أذربيجان، ويبلغ حجم الأموال التي يديرها صندوق النفط الحكومي الأذربيجاني في بداية هذا العام 49 مليار دولار، وتبلغ حصة المنطقة الأوروبية في المحفظة الاستثمارية لصندوق النفط 29.6%، وبهذا المؤشر، تحظى المنطقة الأوروبية، بعد أمريكا الشمالية، بالحصة الأكبر في المحفظة الاستثمارية لصندوق النفط، و20.4% من صندوق استثمار صندوق النفط محتفظ به بالعملة الرسمية للاتحاد الأوروبي - اليورو.
ومن هذا المنطلق، فمن الواضح أن العقوبات المحتملة التي يمكن فرضها على جمهورية أذربيجان يمكن أن تعرض ما يقرب من ربع أصول صندوق النفط في البلاد للخطر.