الوقت- تفيد بعض التقارير الإخبارية بوجود توتر متصاعد بين أوكرانيا والكيان الصهيوني في الآونة الأخيرة، وحسب ما نقلته شبكة إخبارية صهيونية، فإن هناك تبايناً في وجهات النظر بين أوكرانيا والكيان الصهيوني حول الحرب الروسية الأوكرانية وموقف كل طرف منها، ويبدو أن السبب الرئيسي وراء هذا التوتر هو رفض "إسرائيل" تزويد أوكرانيا بأنظمة الدفاع الجوي المتطورة، كما أن "إسرائيل" لم تنضم للعقوبات الغربية المفروضة على روسيا، ومن ناحيتها، أعربت أوكرانيا عن استيائها من موقف "إسرائيل" المحايد تجاه الحرب وعدم مساندتها لها، لذلك، يبدو أن هناك خلافات جوهرية بدأت تطفو على السطح بين أوكرانيا والكيان الصهيوني، ما تسبب في توتر العلاقات على المستويين السياسي والدبلوماسي، وسنرى في المدى القريب ما إذا كان هذا التوتر سيستمر أم سيجد الطرفان طريقاً لتخفيف حدته من خلال الحوار البناء.
في السياق نفسه من الجدير بالذكر أن هناك عدة تقارير أخرى تشير إلى وجود توتر في العلاقات بين أوكرانيا و"إسرائيل" حيث ذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" الإسرائيلية أن الرئيس الأوكراني زيلينسكي انتقد بشدة "إسرائيل" على عدم تقديمها المساعدة العسكرية لأوكرانيا، وكتب موقع "إن بي سي نيوز" الأمريكي أن "إسرائيل" رفضت طلبات أوكرانيا للحصول على أسلحة مثل منظومة القبة الحديدية والصواريخ المضادة للدبابات، ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤولين أوكرانيين اتهامهم ل"إسرائيل" بـ"الخيانة" لعدم مساندتها أوكرانيا، لذلك يبدو أن هناك تأكيدات متعددة من مصادر مختلفة على وجود توتر حقيقي بين أوكرانيا والكيان الصهيوني بسبب موقف "إسرائيل" المحايد تجاه الحرب في أوكرانيا، وفي هذا الصدد تذكر العديد من المصادر أن هناك عدة أسباب تجعل "إسرائيل" تتخذ موقفاً غير معلن بشكل واضح منها منها أن الكيان الغاصب لديه جالية يهودية كبيرة في روسيا، و"إسرائيل" لا ترغب في الإضرار بعلاقاتها معها وفي السياق نفسه تخشي "إسرائيل" أن تزويد أوكرانيا بأسلحة متطورة قد يؤدي إلى رد فعل روسي غاضب، لذلك تحاول أن توازن بين علاقاتها مع روسيا والغرب، ولا تريد قطع علاقاتها بأي من الطرفين.
خيبة أمل أوكرانيا من موقف "إسرائيل"..غضب زيلينسكي من عدم دعم "إسرائيل" لأوكرانيا
تشير التقارير الأخيرة إلى تصاعد التوتر في العلاقات بين أوكرانيا و"إسرائيل"، إذ أعربت القيادة الأوكرانية عن خيبة أملها واستيائها من الموقف المحايد الذي تتخذه "إسرائيل" تجاه الحرب مع روسيا، فقد انتقد الرئيس الأوكراني زيلينسكي بشدة موقف "إسرائيل" ورفضها تقديم الدعم العسكري والسياسي لأوكرانيا في مواجهة روسيا، على اللرغم من طلبات أوكرانيا المتكررة للحصول على أسلحة، كما أشارت تقارير إلى أن مكتب زيلينسكي بات يتجاهل المسؤولين الإسرائيليين ولم يعد يرد على مكالماتهم، في إشارة واضحة للغضب الأوكراني، ولم تتم دعوة السفير الإسرائيلي في كييف إلى الاجتماعات مع زيلينسكي على عكس سفراء دول أخرى.
وتأتي هذه التوترات في الوقت الذي تسعى فيه أوكرانيا للحصول على دعم دولي واسع لمواجهة روسيا، لكنها لم تجد التجاوب المنشود من "إسرائيل"، وربما تكون "إسرائيل" لا ترغب في إغضاب روسيا والإضرار بعلاقاتها معها، إلا أن ذلك أثار غضباً شديداً في القيادة السياسية الأوكرانية،لذلك، من المتوقع أن تؤدي هذه التوترات إلى تراجع ملحوظ في العلاقات على المدى القريب.
طرد اللاجئين الأوكرانيين من المستشفيات التابعة للكيان الصهيوني
يبدو أن هناك جانباً آخر من التوتر بين أوكرانيا و"إسرائيل" يتعلق بمعاملة اللاجئين الأوكرانيين في "إسرائيل"، فقد ذكرت تقارير صحفية أن بعض المستشفيات الإسرائيلية قامت بطرد اللاجئين الأوكرانيين ومنعتهم من تلقي العلاج، بسبب انتهاء مدة تغطية التأمين الصحي الخاص بهم، إذ لم تقم وزارة المالية الإسرائيلية بتجديد هذا التأمين، وقد أثار هذا الإجراء غضباً في الأوساط الأوكرانية، إذ اعتبرته إهمالاً لمعاناة اللاجئين الأوكرانيين، وربما يكون هذا مؤشراً آخر على التوتر المتصاعد بين أوكرانيا و"إسرائيل" ، وخاصة في ظل اتهامات أوكرانيا ل"إسرائيل" بعدم تقديم الدعم الكافي لها.
من جهةٍ اخرى من المرجح أن تقوم أوكرانيا باتخاذ إجراءات مماثلة ضد الإسرائيليين كرد فعل على معاملة "إسرائيل" للاجئين الأوكرانيين وعدم تجديد تأمينهم الصحي، فالقيادة الأوكرانية بالفعل غاضبة من الموقف الذي اتخذته "إسرائيل" تجاه الحرب مع روسيا، لذا قد تستغل أوكرانيا قضية اللاجئين لممارسة ضغوط سياسية والرد بإجراءات انتقامية على "إسرائيل"، ومن الإجراءات المحتملة التي قد تتخذها أوكرانيا إلغاء تأشيرات دخول الإسرائيليين إلى أوكرانيا، أو فرض قيود على التحويلات المالية والتجارة مع "إسرائيل"، كل هذه الإجراءات من شأنها أن ترسل رسالة سياسية قوية ل"إسرائيل" بأن أوكرانيا سترد الصاع صاعيين.
تهديدات أوكرانية بمنع اليهود من زيارة أومان
أفادت تقارير صحفية بأن أوكرانيا هددت "إسرائيل" بمنع اليهود من زيارة مدينة أومان الأوكرانية هذا العام كرد فعل على معاملة اللاجئين الأوكرانيين وموقفها المحايد من الحرب، فقد نقلت صحيفة جيروزاليم بوست عن مسؤولين أوكرانيين قولهم إن أوكرانيا بعثت رسالة تهديد إلى تل أبيب تفيد بضرورة وقف تصرفات النظام الصهيوني فيما يتعلق بطرد الأوكرانيين من الأراضي المحتلة، وإلا فسيتم السماح للصهاينة بدخول مدينة أومان الأوكرانية هذا العام.
وتعد مدينة أومان ذات أهمية دينية كبيرة لليهود، إذ يقصدها اليهود من مختلف أنحاء العالم لزيارة قبور عدد من كبار الحاخامات، لذا فإن منعهم من زيارتها يمثل ضربة موجعة لليهود، ويبدو أن أوكرانيا تستغل هذه النقطة لممارسة ضغط سياسي على "إسرائيل"، في محاولة لإجبارها على تغيير موقفها تجاه الحرب ومعاملة اللاجئين، وسط هذه التوترات، تزداد خطورة الوضع وتتسع الهوة بين الكيان الصهيوني وأوكرانيا.
هل آثرت "إسرائيل" مصلحتها مع روسيا على دعم أوكرانيا؟
يطرح البعض تساؤلات حول أسباب عدم قيام "إسرائيل" بتقديم الدعم الكامل لأوكرانيا في مواجهة روسيا، فهل تعتقد "إسرائيل" أن روسيا ستنتصر في النهاية، ولذلك تفضل المحافظة على مصالحها مع موسكو؟أم إن هناك حسابات أخرى تدفع "إسرائيل" للتوازن بين الطرفين، ام إن "إسرائيل" لم تقدم الدعم المطلوب لأوكرانيا ، كونها تدرك أن موازين القوى تميل لصالح روسيا التي ستنتصر في النهاية، وبالتالي فإن "إسرائيل" فضلت الحفاظ على علاقاتها مع موسكو، دون الوقوف إلى جانب أوكرانيا التي تبدو فرص انتصارها ضعيفة، نعم ، هناك ايضاً بعض التحليلات التي تشير إلى أسباب أخرى وراء عدم دعم "إسرائيل" الكامل لأوكرانيا وهي أن "إسرائيل" لا تريد التورط في صراع مباشر مع روسيا ، فهي تحاول المحافظة على قنوات اتصال مفتوحة مع موسكو و"إسرائيل" ايضاً تخشى أن تزويد أوكرانيا بأسلحة متطورة قد يؤدي إلى رد فعل روسي غاضب ضد "إسرائيل"، وفي السياق نفسه إن الموضوع الاهم هو أن "إسرائيل" تحاول التوازن بين مصالحها مع كل من روسيا والولايات المتحدة وأوروبا ، فلا تريد اتخاذ موقف منحاز بشكل كامل.
في النهاية تشهد العلاقات بين أوكرانيا و"إسرائيل" حالياً منعطفاً خطيراً، إذ تتسع الهوة وتتصاعد حدة التوتر بين أوكرانيا و"إسرائيل" اللتين كانتا حليفتين تقليديتين، فقد أثار الموقف المتوازن الذي اتخذته "إسرائيل" تجاه الحرب الروسية الأوكرانية غضباً شديداً في كييف، إذ كانت تأمل الحصول على دعم عسكري وسياسي كبير من تل أبيب، لكن "إسرائيل" آثرت المحافظة على مصالحها مع روسيا وتجنب التورط في الصراع.
كما أدت قضايا معاملة اللاجئين الأوكرانيين وطردهم من المستشفيات، إلى تفاقم الأزمة وتبادل الإجراءات الانتقامية، وانعكس ذلك في تصريحات المسؤولين وتهديدات متبادلة من قِبل الطرفين، ورغم تكهنات بإمكانية تهدئة التوترات، إلا أن الواقع يشير إلى اتساع الهوة وتغلب المصالح على العلاقات، ف"إسرائيل" ماضية في تعزيز تحالفها مع روسيا، بينما تسعى أوكرانيا لاستعادة هيبتها من خلال الضغط على "إسرائيل" سياسياً واقتصادياً، وفي ظل استمرار هذا الوضع، ستشهد العلاقات مزيداً من التدهور والتباعد.