الوقت - لا تبدو في النيجر أي مؤشرات على احتمال التراجع عن الانقلاب، حيث لم يسهم لقاء وفد "إيكواس" في نهاية الأسبوع رئيس المجلس العسكري الانتقالي عبد الرحمن تياني والرئيس المخلوع محمد بازوم، في تقريب وجهات النظر بين المعسكرين.
وأفاد مسؤول حضر المباحثات التي جمعت بين الجانبين ووفد المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس”، بأنّ الاجتماع الذي جرى السبت بهدف إيجاد حل سلمي للأزمة المتفاقمة في البلاد لم يسفر عن نتائج تذكر مع عدم وضوح الخطوات التالية، مشيراً إلى أنّ المتمردين في النيجر يتعرضون لضغوط بسبب العقوبات الإقليمية، لأنّهم يرفضون إعادة رئيس البلاد محمد بازوم الذي أطاحوا به قبل نحو شهر، إلى جانب خوفهم من هجمات من فرنسا.
من جهتها أكّدت "ايكواس" رفضها إعلان الانقلابيين في النيجر عن فترة انتقالية مدّتها ثلاث سنوات، في مؤشر إلى تعقّد جهود إنهاء الأزمة بالوسائل الدبلوماسية مع استمرار تأكيدها وإصرارها على استعادة النظام الدستوري في أقرب وقت ممكن.
بدوره، أكد رئيس وزراء مالي، تشوغويل كوكالا مايغا، أن تدخّل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إكواس) عسكرياً في النيجر سيؤدي إلى انهيار المجموعة.
وقال في مقابلة مع إذاعة "سود أف أم" السنغالية: هدف بعض البلدان منذ البداية هو تفكيك إيكواس، هم لا يريدون أن تتحد الدول الأفريقية، متابعاً إنّه "لا يوجد سبب يدعو الأفارقة إلى خوض الحرب لإعادة رئيس إلى منصبه".
وشدد على أن "المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا هي جماعة اقتصادية" وليست جماعة سياسية وحث قادتها على الحكمة وضبط النفس.
ورأى مراقبون أن محادثات يوم السبت بمثابة خطوة دبلوماسية أخيرة تقوم بها الكتلة لحل الأزمة سلمياً، والتي جاءت بعد إعلان الأسبوع الماضي بأنّ 11 دولة من الدول الأعضاء في “إيكواس” (البالغ عددها 15) قد وافقت على التدخل العسكري إذا لم تتم إعادة بازوم للسلطة.
المجموعة الاقتصادية هددت باستخدام القوة إذا لم تثمر الجهود الدبلوماسية وأكد قادتها أنّه يتعيّن عليهم التحرّك بعد أن أصبحت النيجر رابع دولة في غرب إفريقيا تشهد انقلابًا عسكرياً منذ عام 2020، بعد بوركينا فاسو وغينيا ومالي، وأشار مفوض الشؤون السياسية والسلم والأمن في "إيكواس" عبد الفتاح موسى إثر اجتماع لقادة أركان دول المنظمة في أكرا، إلى أن "يوم التدخل" قد تم تحديده وكذلك "الأهداف الاستراتيجية والتجهيزات الضرورية والتزام الدول الأعضاء".
لكن قادة الانقلاب شددوا على أنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي، وقال تياني السبت "إذا شُنّ هجوم ضدّنا، فلن يكون ذلك نزهة كما يبدو أنّ البعض يعتقدها" كما اتهم الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا بالاستعداد لمهاجمة بلاده من خلال "تشكيل قوة احتلال بالتعاون مع جيش أجنبي" لم يحدّده.
وغداة إعلان الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، استعدادها لاستخدام القوة بهدف إعادة النظام الدستوري إلى النيجر، وجه رئيس المجلس العسكري عبد الرحمن تياني في خطاب تلفزيوني عدة رسائل تحذيرية بشأن أي تدخل عسكري محتمل، قائلا، إنه رغم أن بلاده لا تريد الحرب، "فإننا سندافع عن أنفسنا إذا حاولت إيكواس التدخل عسكرياً.
وأوضح قائد المجلس العسكري، أن "طموحنا ليس مصادرة السلطة"، مضيفا إن الهجوم على النيجر لن يكون "نزهة في الحديقة."
أما فيما يتعلق بالصعيد الإنساني، أعربت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن قلقها إزاء الوضع في النيجر، وقدّرت أن أكثر من مليوني طفل بحاجة إلى المساعدة، وهو رقم تفاقم بسبب الأزمة المستمرة.
وحسب المنظمة الإغاثية الأممية فإنّ هذه الأعداد قد تتزايد إذا استمرّت أسعار المواد الغذائية في الارتفاع، حيث ضرب ركود اقتصادي العائلات والأسر والمداخيل.
من جهتها أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أن واشنطن ما زالت ملتزمة بإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه وحلّ أزمة النيجر بالطرق السلمية والحوار، مشددة على أن قواتها في النيجر باقية ولن تنسحب ومهمتها محصورة داخل قواعدها فقط.
وأضافت: واشنطن استثمرت في تدريب قوات النيجر على مكافحة الإرهاب وهي غير راغبة بالخروج والتخلي عمّا تحقق.
ويتساءل مراقبون ماذا بعد فشل جلسة المفاوضات من أجل استعادة النظام الدستوري إلى ما كان عليه؟ وهل من الممكن أن نشهد تدخل أطراف أخرى في عملية الحوار أم إن الحل العسكري هو الذي سيسود على الرغم من تدني وتراجع الوضع الإنساني والمعيشي في النيجر؟.
الوضع في النيجر جعل الجزائر التي ترفض التدخل العسكري، تدق ناقوس الخطر، حيث رفعت من استعداداتها الأمنية مؤخراً، إذ أكد برلمانيون جزائريون أن بلادهم رفعت درجة التأهب، إلى جانب جاهزيتها المعمول بها لمراقبة حدودها مع النيجر، والبالغة نحو 1000كيلو متر.
فقد قال البرلماني الجزائري على ربيج، إن جاهزية الجيش الوطني الجزائري لحماية الحدود مع النيجر معمول بها منذ فترة
لافتاً إلى أن التدخل العسكري في النيجر يهدد أمن المنطقة بالكامل، كما يدفع نحو موجات نزوح تتسلل عبرها مجموعات من الإرهابيين نحو الجزائر أو ليبيا، مشيرا إلى أن دخول النيجر في حرب مع مجموعة "ايكواس"، يضعف جهود القوات المسلحة النيجرية في مواجهة الجماعات الإرهابية، ما يضاعف الأعباء على القوات المسلحة الجزائرية في مواجهة الجماعات الإرهابية.
من ناحيته قال الخبير الأمني الجزائري أحمد ميزاب، إن "اتخاذ مجموعة "الإيكواس" قرار التدخل العسكري، يجعل المنطقة أمام مأزق أمني حاد، مضيفاً: المنطقة باتت على مشارف تنامي المخاطر الأمنية والإرهابية، الأمر الذي يستوجب من الجزائر اتخاذ التدابير اللازمة تجاه التدهور الأمني الذي قد يحدث في أي لحظة".
وتعد الجزائر من الدول المعنية بالأزمة في النيجر بدرجة كبيرة، إذ تشترك معها في حدود يبلغ طولها نحو 1000 كيلومتر، الأمر الذي يفرض على الدولة المغاربية اتخاذ تدابير أمنية مشددة، بالنظر للتداعيات الناجمة عن الوضع في النيجر حال التدخل العسكري.