الوقت- أدت الإجراءات المثيرة للجدل لحكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، إلى بدأ موجة احتجاجات في الأراضي المحتلة، وفي الوقت نفسه إلى تصعيد التوتر مع الفلسطينيين.
المستوطنون، الذين، على عكس الصهاينة الآخرين، يدعمون جميع مشاريع القوانين وخطط الحكومة المتطرفة، تعهدوا بتنفيذ جزء من خطة العنف ضد الفلسطينيين، وعلى الرغم من رغبة الأمم المتحدة وباقي الدول في إنهاء مغامرة الكيان الصهيوني في الضفة الغربية، إلا أن الإحصائيات تشير إلى أنه مع صعود اليمين المتطرف في تل أبيب، فإن الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية آخذة في التدهور، والسبب الأهم هو تزايد عنف المستوطنين، يأتي ذلك في ظل دعم حكومة تل أبيب الشديد للعنف ضد المواطنين الفلسطينيين، ما تسبب في صراعات مستمرة في هذه المناطق منذ تولي الحكومة الجديدة مقاليد الحكم.
في تقرير حديث، أفادت الأمم المتحدة بزيادة جرائم المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية خلال النصف الأول من عام 2023، وأعلنت وكالة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) يوم الجمعة أنها سجلت 591 هجوماً على صلة بالمستوطنين في الأشهر الستة الأولى من عام 2023 أسفرت عن إصابة فلسطينيين أو إلحاق أضرار بممتلكاتهم.
وقال المتحدث باسم هذه الوكالة، جينس لايرك، إن هذا الرقم يظهر أن عدد الهجمات شهريًا كان 99 ويظهر زيادة بنسبة 39٪ مقارنة بعام 2022، حيث شهد عام 2022 أكبر عدد من الهجمات ضد الفلسطينيين منذ عام 2006، وأُجبر 399 فلسطينيا على الهجرة من منازلهم في الضفة الغربية بسبب عنف المستوطنين.
في معظم الحالات، يعود سبب الهجرة إلى عنف المستوطنين وتوسيع المستوطنات، ومن بين الأسباب الأخرى تهديد السلطات الإسرائيلية بهدم المنازل والممتلكات الفلسطينية.
المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية بموجب القانون الدولي وتزيد من الاحتياجات الإنسانية بسبب تأثيرها على سبل العيش والأمن الغذائي.
وكانت منظمة مقاومة الاستيطان قد أعلنت في تقرير لها في تموز (يوليو) الماضي أنه في النصف الأول من عام 2023 سجلت 1148 حالة عنف من قبل المستوطنين أسفرت عن استشهاد ثمانية فلسطينيين.
وأعلن مسؤول في الحركة الدولية للدفاع عن الأطفال أنه منذ بداية العام الجاري استشهد 31 طفلاً في الضفة الغربية لنهر الأردن وستة أطفال في قطاع غزة.
في الإحصائيات التي أعلنت عنها الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الحقوقية، لا توجد إحصائيات عن جرائم جيش الاحتلال في الحكومة المتطرفة، والتي إذا أضفناها إلى هذه القائمة المخزية، فإنها تظهر إحصائية مروعة.
وفي بداية شهر تموز هاجم الجيش الصهيوني مخيم جنين من الأرض والجو، وفي غضون ثلاثة أيام دمر أكثر من 800 منزل فلسطيني واستشهد 12 شخصا وجرح العشرات.
تصاعد عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين لدرجة أنه حتى صوت أمريكا رفع، حيث قال أندرو ميلر مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية للشؤون الإسرائيلية الفلسطينية، إن السلطات الإسرائيلية "يجب أن تتخذ خطوات فورية لاحتواء التوتر في الأراضي الفلسطينية".
وأضاف ميلر: "إن الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ إزاء تصعيد العنف من قبل المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، وتحركات المستوطنين ستؤدي إلى تفاقم الوضع الأمني في الضفة الغربية وهذا مقلق على أمن الأراضي المحتلة".
المستوطنون أدوات بن غفير
على الرغم من أن المستوطنين قتلوا الفلسطينيين دائمًا وارتكبوا أعمال عنف ضدهم في العقود الماضية، لكن منذ أن تولت حكومة نتنياهو المتشددة السلطة، ازداد هذا القدر من العنف واتخذ أبعادًا جديدة.
بالنظر إلى تطورات الأشهر السبعة الماضية في الأراضي المحتلة، يتبين أن المستوطنين ينفذون الأوامر التي أملاها إيتمار بن غفير، وزير الأمن الداخلي للكيان الصهيوني، والتي ليس لها أي غرض سوى تدمير كل الفلسطينيين.
في بيان عنصري جديد، زعم بن غفير أن "أي مواطن إسرائيلي يقتل فلسطينياً يستحق الثناء"، مثل هذه التصريحات المثيرة للتوتر تسمح للمستوطنين بقتل الفلسطينيين دون أي مبرر، والحكومة وراءهم في هذا الأمر.
وفي الأشهر السبعة الماضية، هاجم بن غفير ساحة المسجد الأقصى عدة مرات بالمستوطنين المتطرفين، الأمر الذي أثار غضب العالم، بل إنه شارك في مسيرة "الأعلام" الاستفزازية في القدس المحتلة لاستفزاز الفلسطينيين وتنفيذ خططه بجعل الضفة الغربية أكثر أمناً.
بدت حكومة نتنياهو المتطرفة، يائسة ضد فصائل المقاومة في الضفة الغربية وليس لديها القوة اللازمة للتعامل معها، مبادرات جديدة وقبل أشهر قليلة، للتعامل مع عمليات المقاومة الفلسطينية، وافقت على خطة لتسليح المستوطنين، على الرغم من عدم تنفيذ هذه الخطة بعد، مع تسليح مئات الآلاف من المستوطنين المتطرفين، فإن الوضع الأمني في الضفة الغربية سوف يشتعل بشدة وقد يؤدي إلى صراع واسع بين الجانبين.
حتى أن وزراء الحكومة وافقوا على خطة تطوير مستوطنات جديدة في الضفة الغربية، ولتي ليس لها أي غرض آخر سوى طرد الفلسطينيين من أراضيهم، أقر البرلمان الصهيوني، الخاضع لسيطرة المتطرفين، مؤخرًا قانونًا يسمح للسلطات الصهيونية بالنظر في عقوبة أخف للصهاينة على بعض الجرائم، وتنفيذ عقاب أكبر للفلسطينيين في القضية نفسها.
وفي وقت سابق، أكدت منظمة العفو الدولية، في تقرير يحقق في الفصل العنصري في الكيان الصهيوني، أن النهج التمييزي والعرقي للكيان الصهيوني قد تعزز في ظل القوانين التي تمس الفلسطينيين في جميع أنحاء الأراضي المحتلة.
المقاومة وتنفيذ معادلة العين بالعين
بينما يحاول المتطرفون الصهاينة تمهيد الطريق لتطوير المستوطنات في الضفة الغربية والتهويد الكامل للقدس من خلال زيادة العنف في الضفة الغربية، إلا أن قادة المقاومة حذروا مرارًا وتكرارًا من أي مغامرة للاحتلال في الضفة الغربية وغزة، لكن بما أن نتنياهو وأتباعه في مجلس الوزراء لا يستمعون لهذه التحذيرات، فقد نفذت فصائل المقاومة في الأسابيع الأخيرة التهديدات ونفذت المقاومة عمليات بشكل يومي، وهذا يحدث في المستوطنات الصهيونية.
تتحدث مجموعات المقاومة الآن عن معادلة ثابتة للرد بالمثل، وفي هذا الصدد، قال حازم قاسم، المتحدث باسم حركة المقاومة الفلسطينية (حماس)، ردا على العملية الاستشهادية في تل أبيب التي أسفرت عن مقتل جندي صهيوني وإصابة اثنين آخرين، إن المقاومة أسست معادلة الرد على جرائم المحتلين، مضيفاً إن هذه العملية هي رد طبيعي على جرائم المحتلين الذين زادوا من حجم اعتداءاتهم على أبناء شعبنا في الضفة الغربية وزادوا الحرب الدينية على مقدساتنا في القدس المحتلة.
لكن في المقابل، تحول متطرفو "إسرائيل" إلى إشعال الحرائق بشكل متعمد بينما الجيش الصهيوني في أضعف حالاته في السنوات الأخيرة ويواجه أزمة داخلية.
وتفكك الجيش في الأشهر الأخيرة ردا على الموافقة على مشروع قانون الإصلاح القضائي، وقال أكثر من 10 آلاف من قوات الاحتياط والطيارين الصهاينة إنهم لا يتبعون أوامر الحكومة وليسوا على استعداد للخدمة في الجيش، حتى قوات الأمن منعت مرارا المستوطنين المتطرفين من دخول أجزاء من الضفة الغربية بنية إشعال النيران.
مع تصاعد عنف المستوطنين والوزراء المتطرفين في الضفة الغربية وقطاع غزة، ستزداد عمليات فصائل المقاومة لمعاقبة العدو المحتل وسيتم تطبيق سياسة "العين بالعين"، وهذا أمر سيضر حكومة الكيان الصهيوني، الذي يعيش اليوم في مستنقع الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تعمقت، ولن تكون هناك نهاية سعيدة.