الوقت- لا شك أن كيان الاحتلال الإسرائيليي يستولي على مياه نهر الأردن ويتسبب في جفاف البحر الميت، ومن المدهش أن النخبة الأردنية تستمر في العزف على ما يمكن تسميته بأوتار الصحوة على الحيل مع الكيان الإسرائيلي، بعد سلسلة من التحديات والإيقاعات التي فرضتها حكومة تل أبيب اليمينية على المصالح المهمة للأردن، وبعد ساعات فقط من إعلان رئيس الوزراء الأردني السابق عن ضرورة التخلي عن" الدبلوماسية الناعمة " في مواجهة ثالوث الحكم، ظهر بيان جديد لوزير الزراعة السابق وأعضاء من البرلمان الأردني أشاروا إلى أن "كيان الاحتلال الإسرائيلي" تسبب بمشكلتين رئيسيتين في قطاع المياه في الأردن، حيث تواجه منطقة الشرق الأوسط تحديات كبيرة في ما يتعلق بإدارة الموارد المائية، ومن بين هذه التحديات استيلاء كيان الاحتلال الإسرائيليي على مياه نهر الأردن وتأثيره على البيئة والاقتصاد في المنطقة.
غضب أردنيّ كبير
فيما يتعلق بنهر الأردن، فإنه يعتبر مياه نهر الأردن مصدراً مهماً للمياه في المنطقة، ويمر عبر الأردن والأراضي الفلسطينية المحتلة والضفة الغربية وسوريا، ومنذ عقود، فإن كيان الاحتلال الإسرائيلي قام ببناء عدد من السدود على نهر الأردن ومجاري المياه الرئيسية الأخرى في المنطقة، ما أدى إلى تقليل تدفق المياه إلى الأردن والبحر الميت، وتشير التقارير إلى أن البحر الميت يشهد تراجعاً مستمراً في مستوى المياه، ويعتبر هذا الانخفاض نتيجة للاستيلاء على المياه من قبل كيان الاحتلال الإسرائيلي ضد الأردن وسوريا، وكذلك بسبب انخفاض تدفق الأنهار التي تصب في البحر الميت.
وقد أدى انخفاض مستوى المياه في البحر الميت إلى تأثير سلبي على البيئة المحيطة به، بما في ذلك تراجع الحياة النباتية والحيوانية، وتلوث الهواء والتربة، ويشكل البحر الميت أيضاً مورداً مهماً للمياه والأملاح والمعادن، وتأثر تراجع مستوى المياه فيه بشكل كبير على الاقتصاد والمجتمع في المنطقة، ومن أجل حماية موارد البحر الميت وإدارتها بشكل فعال، يجب على الدول المعنية في المنطقة التعاون والتنسيق لكن "إسرائيل" بصفتها كيان احتلال لا تقوم بذلك، حيث إن العمل على تحقيق استخدام مستدام للمياه والموارد الطبيعية في المنطقة ضروري وخطير، وينبغي على الدول أيضاً العمل على إيجاد حلول طويلة الأمد لإدارة الموارد المائية وحماية بيئة البحر الميت، وذلك من خلال التعاون الإقليمي والدولي والعمل على تطبيق الاتفاقيات الدولية المتعلقة بإدارة الموارد المائية.
ويبدو أن المسؤولين الأردنيين غاضبون للغاية من التصرفات الإسرائيلية التي وصفها البعض بـ "الوقحة" وتراخي المسؤولين الأردنيين في متابعة مصالح بلادهم، وفي بيان نشرته مواقع إخبارية أردنية، اتهم الأردنيون كيان الاحتلال الإسرائيلي بالتسبب بما يحدث من البحر الميت، والذي يجف شيئا فشيئا ، بعد أن استولت تل أبيب على مياه نهر الأردن، مع التشديد على ضرورة تنفيذ مشاريع لإنقاذ البحر الميت من خلال الدعم الدولي، وخاصة مع التركيز العالمي على حل عقبات تغير المناخ الأخيرة، ما يعني أن تقوم الحكومات باعتبار مشروع إنقاذ البحر الميت أولوية قصوى بدلا من استهداف مشاريع أصغر.
وكان وزير المياه السابق في الأردن قد أعلن عدة مرات أن كيان الاحتلال الإسرائيلي انتهك جميع اتفاقيات المياه والنفط والغاز التي وقعها الأردن منذ عام 1994، ونظرا لانتهاك تل أبيب الكامل والحرفي لاتفاقيات البنية التحتية الاقتصادية، فقد شدد عدة مرات أن كيان الاحتلال الإسرائيلي احتفظ بمياه نهر الأردن لسنوات، ما تسبب في مشكلة تجفيف البحر الميت، وقد انضم سياسيون وكبار الخبراء إلى قائمة الأشخاص الذين يعتقدون أن كيان الاحتلال الإسرائيلي انتهك جميع أحكام الاتفاقات، ولا سيما فيما يتعلق بوصاية القدس والأردن، ما يتطلب "الخشونة الدبلوماسية" من عمّان في مواجهة هذه التحديات.
وفي الواقع، يشير السياسيون الأردنيون إلى أن تصرفات كيان الاحتلال الإسرائيلي، كما لم يحدث من قبل، قد سلطت الضوء على تواطؤ البيروقراطيين الأردنيين فيما يتعلق بالالتزامات الكيان الاحتلال الإسرائيليية غير الملباة، وما يبدو الآن هو أن السياسيين والوزراء والخبراء الأردنيين يتنافسون وأكثر جرأة في الإشارة علنا إلى مشاكل المملكة مع كيان الاحتلال، في إشارة إلى نهاية شهر العسل مع اتفاقية وادي عربا وملحقاتها، وتشمل هذه الأحكام التزام الأردن بدوره وولايته في القدس، ومشروع ضم غور الأردن، وإنشاء وتشغيل وتوسيع مطار تمناع، وتأمين مياه نهر الأردن، وعرقلة المشاريع الأردنية، لا سيما في القطاع الأمني، مقابل التزام الأردن الحرفي.
حربٌ مائية إسرائيليّة
كثيرة هي المعلومات التي تشير إلى أن كيان الاحتلال الإسرائيلي يحارب الأردن مائياً، وأنه يسعى للاستيلاء على موارد المياه في الأردن، وتعود هذه المعلومات إلى الصراعات التي توجد حول استخدام وتوزيع الموارد المائية في المنطقة، والتي تشمل النهر الأردني الذي يمر عبر فلسطين والأردن، ويشير البعض إلى أن تل أبيب قد بنت سدوداً وأنابيب لنقل المياه على طول النهر الأردني، مما يقلل من حصص المياه التي تصل إلى الأردن، وتزعم الحكومة الأردنية أنها تعمل على إدارة الموارد المائية بشكل فعال، وتسعى إلى تحقيق توزيع عادل للمياه، وتشارك الأردن وكيان الاحتلال في اتفاقيات "سلام" وبروتوكولات تتعلق بإدارة الموارد المائية، لكن تل أبيب لا تعمل على تعزيز التعاون والتنسيق في هذا المجال.
ومع ذلك، فإن هناك الكثير من التحديات التي تواجه إدارة الموارد المائية في المنطقة وبالأخص مع وجود الكيان الإسرائيلي، وبالتالي، يجب على الدول في المنطقة العمل بشكل مشترك لتحقيق استخدام مستدام للموارد المائية وحماية البيئة المائية وإلزام تل أبيب وغيرها بالتفاقيات، ويجب أن تتضمن الحلول التي تعمل عليها الدول في المنطقة التعاون الإقليمي والدولي، والعمل على تطوير التكنولوجيا والابتكارات الجديدة التي تساعد في تحسين إدارة الموارد المائية وتوفير المياه للجميع.
ورغم أنها باتت حبرا على ورق، هناك العديد من الاتفاقيات التي تشارك فيها "إسرائيل" والأردن بشأن إدارة الموارد المائية ومن بين هذه الاتفاقيات، اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية الموقعة في عام 1994، والتي تتضمن بنودًا تتعلق بإدارة الموارد المائية المشتركة بينهما ، بما في ذلك استخدام مياه النهر الأردني وتوزيعها، واتفاقيات المياه الثنائية بين الأردن والكيان، والتي تتضمن تفاصيل حول توزيع المياه المشتركة وتحديد الحصص المائية، واتفاقية محطة إنتاج المياه الجوفية في الحدود الأردنية الفلسطينية المحتلة،والتي تتعلق بإنتاج المياه الجوفية في المنطقة الحدودية، وتحديد حصص المياه، واتفاقية إدارة مياه البحر الميت، والتي تتضمن بنودًا تتعلق بإدارة مياه البحر الميت المشتركة بين الأردن والكيان، وتحديد آليات لتحسين جودة المياه والحفاظ على البيئة المائية، وتعمل الأردن وفق هذه الاتفاقيات لكن تل أبيب لم تنفذ سوى القليل.