الوقت- ردّ وزير الحرب في الكيان الإسرائيلي على تدهور الأوضاع وتكثيف طلبات الجنود بترك الخدمة العسكرية احتجاجًا على الموافقة على مشروع قانون الإصلاح القضائي، مع تهديدات كثيرة تواجه "إسرائيل" وتنهي وجودها اللاشرعيّ في فلسطين، وقد طغى على ألسنة الكثير من ضباط العدو وبالأخص المتقاعدين منهم –أي ذوي الخبرة الكبيرة- الحديث عن اقتراب زوال "إسرائيل، ويُحذّرون بشكل صريح من أنّ استمرار الوضع الأمنيّ لدى العدو على الوضع الحالي سيؤدي إلى حرب قادمة ومتعددة الجبهات والتي ربما تكون وشيكة، ما سيؤدّي إلى كارثةٍ خطيرةٍ جدًا على مستقبل الكيان، وإنّ عشرات آلاف الصواريخ ستُدمِّر عمق المؤسسات، وستجعل "إسرائيل" عاجزة عن مواجهة "محور المقاومة"، وذلك عقب حديث الكثير من السياسيين البارزين والمحللين المخضرمين والمستشرقين الصهاينة عن أنّ الكيان في "بداية النهاية"، حيث فشل في تحقيق وتجسيد الحلم الصهيونيّ على هذه الأرض، وأنّ "الدولة الطائفية" تواصل السير في طريق فقدان هذا المشروع السرطانيّ.
انهيار خطير
بشكل صريح، تحدث وزير الحرب في الكيان الصهيوني، يوآف غالانت، في كلمة رداً على تحدي الجنود الصهاينة من الخدمة في الجيش، وإن الطلبات التي نسمعها هذه الأيام عن ترك الخدمة في الجيش من قبل العناصر وقوات الاحتياط أمر خطير، ولأوّل مرّةٍ منذ تأسيس هذا الكيان عام 1948، يتحدث الإسرائيليون بكثرة عن سيناريو انهيارهم وتدمير كيانهم، حيث إن هذا الموضوع خطير للغاية، فهو يؤكّد بما لا شك فيه هزيمة نكراء للجيش الإسرائيليّ في الحرب القادمة، وخاصة أنّه غير مُستعّد ومنضبط، ومع تراجع مستوى جاهزية جيش الحرب الإسرائيليّ وهزيمة خططه بما يشكل خطراً وجوديّاَ على العدو، كما أنّ العمق الإسرائيليّ سيتحوّل لساحة معركة داميّة يسقط فيها القتلى والجرحى.
"هذه الأفعال تعتبر مكافأة لأعدائنا"، عبارة شديدة الأهمية جاءت على لسان وزير الحرب الإسرائيلي الذي قال: "أطلب من الشخصيات المنتمية لتيارات اليمين واليسار أن تفصل السياسة عن هجر الجيش بما يضر بجيشنا وأجهزتنا الأمنية، لأن أمننا في خطر"، و تتجسد المشكلة الأكبر في تقلص قبضة الكيان الإسرائيلي على أراضي الداخل المحتل، وقد بات هذا الخطر أكثر وضوحا في الأشهر الأخيرة، وقد تجلى بشكل ملحوظ على مستويين الأول هو زيادة الأعمال الفدائية، والآخر هو التسلح بين فئات هذا المجتمع لردع الجنايات والجرائم الإسرائيلية التي لا تتوقف، حيث إنّ استمرار عمليات المُقاومة في الضفّة الغربيّة متصاعد بقوّة على الرغم من القبضة الحديديّة التي تفرضها قوات الاحتلال، بمُساعدة من الأجهزة الأمنيّة التابِعة للسلطة الفلسطينيّة في رام الله، الشيء الذي بات يقُضّ مضاجع دوائر صُناع القرار الأمنيّ والسياسيّ في تل أبيب، إذْ إنّ كبار المسؤولين العسكريين يُحذّرون من أنّ نشاط جيش الحرب في مهام وأد المُقاومة الفلسطينيّة تستنزفه إلى حدٍّ كبيرٍ وتُحوّله إلى شرطةٍ تقوم بفرض الأمن والنظام.
ويبدو أن الدعوات لترك الخدمة العسكرية، أزعجت بشدة القيادات الإسرائيلية، التي تتحدث أن مصيرهم جميعًا مرهون بجيش الاحتلال، وبالتالي فإن هذا الأمر يؤثّر بشكل سلبيّ للغاية وبصورةٍ مباشرة على جهوزيّة واستعداد قوات العدو للحرب المُقبلة مع حزب الله وفي ساحات قتالٍ أخرى، ومن شأن هذا الأمر أنْ يؤدّي لدخول الإسرائيليين إلى الحرب القادمة دون أدنى استعداد، كما حدث تماماً في العدوان على لبنان وشعبه عام 2006، في ظل انتقادات كثيرة لسلوك جيش الاحتلال القائم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والذي يزعم ارتكاب المزيد من الانتهاكات ضدّ الفلسطينيين بحجة حماية المستوطنين، وخاصة أنّ العصابات الصهيونيّة تخدم أجندة سياسية حزبيّة وغير أمنية وعسكريّة مهنيّة بحتة، وأنّ جيش الاحتلال أوقع نفسه بين مؤيديه وخصومه داخل الساحة الإسرائيلية، حيث إنّ التطور الخطير الذي طرأ عليه في السنوات الأخيرة أنّه تحول تدريجيا إلى خادم لمجموعة صغيرة وخطيرة من اليهود القوميين، الذين يدافعون عن العنصرية، حسب الإسرائيليين أنفسهم.
رفض للخدمة في الجيش
نعلم أن جنودًا ينتمون إلى القوات الخاصة ووحدات أخرى من جيش الكيان الصهيوني هددوا برفض الخدمة في قوات الاحتياط بعد إقرار القانون المتعلق بالإصلاحات القضائية في البرلمان (الكنيست)، وأفادت القناة 12 التابعة الكيان الصهيوني بأن 114 جنديًا صهيونيًا ينتمون إلى قوات الكوماندوز هددوا بعدم الخدمة في الجيش، في ظل احتجاجات حاشدة ومسببة للشلل في الأراضي المحتلة، وتعاملت قوات الشرطة في الكيان الصهيوني مع المتظاهرين باستخدام العنف، وقبل ذلك هاجم المتظاهرون الصهاينة مبنى البرلمان الصهيوني وحاولوا منع النواب الصهاينة من دخول البرلمان لإقرار مشروع قانون الإصلاح القضائي، وأن البرلمان الصهيوني صوت إيجابيا لهذا القانون المثير للجدل، ومشروع قانون يحد من بعض صلاحيات المحكمة العليا لهذا النظام وصفه معارضون صهاينة بأنه انقلاب قضائي، ومن الجدير بالذكر؛ أنه لكي يصبح قانونًا، يجب الموافقة عليه على ثلاث مراحل.
ويعتقد الكثير ممن يرفضون الخدمة في جيش الاحتلال أن الغرض من وظيفة جيش العدو، بات الدفاع عن المستوطنين لا أكثر، والحفاظ على الاحتلال العسكريّ لفلسطين، ما جعل الوضع لا يطاق من قبل الجنود الصهاينة الذين باتوا متهمين بارتكاب جرائم حرب وفق معايير محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، عبارة تتكرر بشدّة على ألسنة الإسرائيليين، وهذا ما تؤيّده الوقائع، حيث نقل محللون عن مصادر وازنة في تل أبيب قولها إنّ الجيش دفع قبل نهاية العام الفائت بـ 13 كتيبة نظاميّة من جيش المشاة إلى الضفّة الغربيّة، أمّا في الفترة الأخيرة ومنذ عدّة أشهرٍ، فقد اضطرت قوات العدو على وقع ارتفاع حدّة عمليات المقاومة إلى دفع 25 كتيبة، إلى جانب تفعيل عددٍ من الوحدات المختارة والنخبويّة في جيش العدو، ناهيك عن اضطرار جيش الحرب الإسرائيلي بسبب التصعيد الأمنيّ إلى نشر 16 سريّةٍ من حرس الحدود لدعم قوات الجيش، وهي أرقام كبيرةً للغاية وفق كلّ المقاييس والمعايير، مع اعتراف المؤسستين الأمنيّة والعسكرية للاحتلال، بأنّ الحديث يجري عن ظاهرة مختلفة جدًا ممّا واجهه الاحتلال الإسرائيليّ في الضفّة الغربيّة، حسب الإعلام العبري.
نتيجة لذلك، في ظل الوضع السيء الذي تعيشه قوات الاحتلال، مهما فعلت تل أبيب ومن يدعمها في إيقاف تفكك كيانهم بإرادتهم وخاصة عقب قدوم الحكومة الفاشية، حيث إنّ الوضع الذي تعيشه "إسرائيل" قد بلغ مراحل صعبة للغاية، ولا سبيل لعلاج "الشروخ"، لا بالأسوار ولا بالقبب الحديدية ولا حتى بالقنابل النووية، فالتاريخ الإسرائيلي نفسه أوضح أن "الاحتلال" زائل مهما بلغت قوته وجبروته، وفي حال حدثت حرب متعددة الجبهات ضد خمس ساحات في نفس الوقت: لبنان، سوريّة، غزة، اشتعال الضفة الغربية، واندلاع أعمال “الشغب” في الداخل الفلسطينيّ، أيْ مناطق الـ 48، لن يكون هناك سبيل لخلاص "إسرائيل".