الوقت- يواصل الاحتلال الإسرائيلي محاولاته للسيطرة على المسجد الأقصى المبارك، وفي هذا السياق كشف موقع إسرائيلي النقاب عن مخطط لمشروع قانون يجري إعداده في الكنيست الإسرائيلي، يهدف إلى تقسيم المسجد، مكانيًا، والسيطرة على أكبر مساحة ممكنة منه.
وأوضح موقع (زمن إسرائيل) العبري، أنّ عضو الكنيست عميت هاليفي عن حزب (ليكود)، الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، هو الذي يعمل على إعداد مسودة تفصيلية لمشروع قانون تقسيم المسجد الأقصى مكانيًا.
ووصف الموقع خطة المشروع التهويدي للمسجد الأقصى بأنّها “ثورية وانفجارية، لتقسيم المسجد الأقصى بين المسلمين واليهود، وهي تتطلب التغيير حتى لو كانت عملية تستغرق وقتًا”.
و أشار إلى أنّ “خطة تقسيم المسجد الأقصى، تتحدث عن حصول المسلمين على المصلى القبلي جنوبًا وملحقاته المقدسة، في حين يحصل اليهود على المنطقة الوسطى والشمالية من المسجد، بما في ذلك مصلى قبة الصخرة؛ وهو المكان الذي كان الهيكل قائمًا فيه (وفق الرواية اليهودية المزعومة)”.
وشدّدّ الموقع في تقريره على أنّ النائب هاليفي يقترح في مسودة خطة المشروع، “إزالة دور المملكة الأردنية الهاشمية في المسجد الأقصى، والبدء بعملية من شأنها إزالة المكانة السياسية التي اكتسبتها على مر السنين، كجزء من الاتفاقات مع الحكومات الإسرائيلية”، طبقًا لأقواله.
وحاول النائب الليكودي، التشكيك في مكانة المسجد الأقصى المبارك، كمسجد خالص للمسلمين وحدهم، وفي مساحته البالغة 144 دونمًا، وقال: “جزء صغير من تلك المساحة هو المسجد الأقصى، ويقع في الطرف الجنوبي (يقصد المصلى القبلي)”، زاعمًا أنّه “على الجانب الآخر من المسجد، يوجد مصلى قبة الصخرة، وكان هناك المعبد الأول والثاني (المزعوم)، وهذه هي معظم مساحة الجبل، وهي الأولى في قدسيتها لليهود”.
وأوضح هاليفي، الذي اقتحم مؤخرًا المسجد الأقصى، أنّ “المسلمين سيستمرون في الصلاة في المسجد الأقصى، على الرغم من أنّهم حوّلوا المكان إلى مركز للإسلام الراديكالي والتحريضي”، وفق زعمه.
وحسب روايته التوراتية وخطته الاحتلالية، أضاف: “سنأخذ الطرف الشمالي ونصلي هناك، الجبل كله مقدس بالنسبة لنا، وقبة الصخرة هي المكان الذي قام عليه الهيكل، يجب أن يكون هذا هو خطنا التوجيهي”.
ويتبيّن أنّه وفقًا لخطة تقسيم المستوطن هاليفي، فإنّ سلطات الاحتلال ستعمل على “تغيير جميع إجراءات اقتحام اليهود للمسجد الأقصى، حيث يسمح لهم الآن باقتحامه لساعات قليلة من باب المغاربة”، لكن صاحب الخطة التهويدية يسعى لأنْ يتم اقتحام المسجد الأقصى من جميع الأبواب، “تمامًا مثل المسلمين”، كما قال.
وتابع: “نحن بحاجة إلى معاملة الوضع بشكل مختلف، تجب ازالة جميع القيود المفروضة علينا من جدول الأعمال، علينا أنْ نقتحم المسجد الأقصى (يطلقون عليه جبل الهيكل) دون أنْ ترافقنا الشرطة”، مشيرًا إلى أنّ “أحد أسباب عدم اعتبار الحرم القدسي مكانًا خاضعًا للسيادة الإسرائيلية، هو الوضع السياسيّ للأردن في المسجد الأقصى، هذه فضيحة، تجب إزالة مكانة الأردن”.
وتساءل: “هل نعطي مكانة لدولة أجنبية في المسجد الأقصى؟ هذا مستحيل، إنها خطيئة، وهذا خطأ فادح، يجب إلغاء هذا الوضع، الأمر يتطلب التغيير حتى لو كانت العملية ستستغرق وقتا”.
ونوه الموقع، إلى أن “هاليفي ينوي الاستمرار في اقتحام المسجد الأقصى، وهو يعتبر هذا الأمر ذا أهمية قصوى لإسرائيل والمجتمع الإسرائيلي”، والذي لفت إلى أنّ الأمر “يحتاج إلى إعادة نظام المفاهيم، يجب ألّا نخجل منه، وألّا نخشى أي حادث أمني”، وفق تقديره.
وفي تعليقه على خطة تقسيم المسجد الأقصى، أوضح الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص، في منشور له، أنّ “هذه هي المحاولة الأولى لصياغة مسودة قانون إسرائيلي لتقسيم المسجد الأقصى مكانيًا، والثالثة لمحاولة صياغة قانون لتقسيم الأقصى بالمطلق، حيث سبقتها محاولتان لتمرير قانون لتقسيم المسجد الأقصى زمانيًا في عامي 2014 و2015.
ونصت تلك المسودات حينها على تخصيص المسجد الأقصى لليهود في أيام أعيادهم الدينية، وهو ما حاولت الحكومة الإسرائيليّة فرضه بالفعل يوم 16 أيلول (سبتمبر) 2015، وعلى مدى أسبوعين، ما أدّى إلى انطلاق هبة القدس يوم الثالث من تشرين الأوّل (أكتوبر) من العام 2015.
وحذرت فعاليات حقوقية ودينية فلسطينية مهتمة بشؤون القدس والأقصى من تداعيات ومخاطر مشروع قانون يناقش بالكنيست الإسرائيلي، يدعو لتقسيم المسجد الأقصى مكانيا بين المسلمين واليهود.
وأجمعت الفعاليات الفلسطينية بأن الأقصى -الممتد على مساحة 144 دونما (الدونم يعادل ألف متر مربع)- حق خالص ومقدس للمسلمين وحدهم، ولا يوجد لأحد غيرهم حق أو ملكية حتى في ذرة تراب في ساحات الحرم، مؤكدة أن قانون التقسيم المكاني للأقصى سيشعل فتيل حرب دينية بين اليهود والعالمين العربي والإسلامي.
وتؤكد الفعاليات الفلسطينية أن فكرة مشروع القانون لتقسيم الأقصى مكانيا ليست فكرة لشخص، بل هي فكرة تحظى بإجماع يهودي وصهيوني، كما تلقى رواجا لدى الائتلاف الحكومي وأحزاب اليمين، التي ركزت في برامجها الانتخابية على تهويد القدس القديمة وتقسيم الأقصى وبناء الهيكل المزعوم.
وفي هذا السياق، يرى المحامي المختص في شؤون القدس والأقصى خالد زبارقة أن مشروع القانون بمثابة إشعال الشرارة الأولى لحرب دينية؛ كون "الأقصى عقيدة" للمسلمين في كل أنحاء العالم، وهو مكان مقدس وإسلامي خالص، ولا تنافس في هذا المكان وقدسيته للمسلمين أي قدسية أخرى، وسيبقى للمسلمين حتى قيام الساعة.
وأكد زبارقة أن أي ادعاء وطعن بشأن قدسية الأقصى بالنسبة للمسلمين وحقهم المقدس في جميع ساحات الحرم، يعد شن حرب دينية، مشيرا إلى أن هذا القانون أحد تجليات الحرب الدينية التي يقودها اليمين الإسرائيلي والصهيونية الدينية اليهودية ضد الأقصى.
وأوضح الحقوقي المختص في قضايا القدس والأقصى أن مشروع القانون يعد انتهاكا للقوانين والمواثيق الدولية، التي تعتبر القدس بكاملها محتلة، وتحظر على سلطات الاحتلال إجراء أي تعديلات وتغييرات في المناطق والمواقع التي تتواجد تحت سيادة الاحتلال.
وشدد على أن الأقصى بكل ساحاته ومساحاته وحتى حائط البراق وقف إسلامي، وعليه فإن مشروع القانون الإسرائيلي لتقسيم الأقصى مكانيا بمثابة اعتداء على ملكية الوقف الإسلامي للمكان وعلى الوصاية الأردنية، ويعد تعديا وانتهاكا صارخا على الحقوق الدينية للمسلمين.
ختاما يمكن القول إن تقسيم الأقصى زمانيا ومكانيا لم يعد هدفا يتم تداوله من وراء الكواليس وتحت الطاولة، بل أصبح هدفا معلنا يتم دعمه من خلال الكنيست والقرارات والمشاريع الاحتلالية لتهويد القدس القديمة وساحات الحرم القدسي الشريف. وعلى ما يبدو يستغل الكيان الصهيوني الظروف الدولية والإقليمية ويسعى بكل سياساته إلى حسم القضايا والملفات الساخنة، بما فيها القدس والأقصى، لكنه لن يستطيع حسم قضية الأقصى التي تخص العرب والمسلمين في أنحاء العالم كافة.
وبالتالي إن إمعان الاحتلال الصهيوني في المساس بالأقصى ومحاولة تقسيمه سيأجج الأوضاع في فلسطين التاريخية وسيشعل كل الساحات، بحيث تندلع الشرارة في فلسطين لتصل الأقطار العربية والإسلامية أجمع.