الوقت_ كشف برنامج "ما خافي أعظم" الذي يبث على قناة الجزيرة القطرية، عن تفاصيل جديدة حول اغتيال الصحفية الفلسطينية الأمريكية شيرين أبو عقلة، التي أطلق عليها جنود الاحتلال النار بشكل مباشر، ليخيم التوتر على تل أبيب بسبب جريمة أبو عاقلة، عقب عدم سماح سلطات العدو بتحقيقات مع القوات الإسرائيلية من قبل جهات أجنبية، في وقت سعت فيه تل ابيب للتنصل من جريمة إعدام الصحفيّة الشهيرة، على الرغم من أنها أُعدمت بنيران جنديّ إسرائيليّ من مسافة حوالي 180 متراً وفقاً لتحقيق نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، وهذا ما ذكره تحقيق الجزيرة الذي أكّد أنّ تحليل الملف الصوتي للرصاص واتجاه إطلاقه بيّن أن الرصاصة أطلقت على هذه المراسلة من مسافة 200 متر فقط من قبل جنود صهاينة.
دليل يدين الكيان
"قوات العدو الإسرائيليّ هي من أطلقت الرصاص عمداً على أبو عاقلة"، هذا ما أكّده باحث إنجليزي، في حديث مع ما خفي أعظم، معتبراً أن إطلاق النار على أبو عاقلة لم يكن بلا هدف، بل تم عن قصد تام، وهذا كان واضحاً من مقاطع الفيديو التي انتشرت عقب مقتل الصحفية، حيث أجمع العالم على شناعة الجريمة التي ارتكبتها العصابات الصهيونيّة بحق الصحفيّة الشهيرة، وحملوا القوات الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن الجريمة بحق أبو عاقلة التي قضت خلال قيامها بواجبها الصحفي لتوثيق الجرائم المروعة التي يرتكبها الاحتلال، وإنّ جنود الاحتلال تعودوا على قتل واستهداف الصحفيين وتدمير المباني التي تحوي مكاتبهم، وقد أظهرت تلك التحقيقات الجديدة حقيقة إرهاب الاحتلال ووحشيته، وبينت كعين الشمس مدى استهتار تل أبيب بالإنسانيّة وبالرأي العام العالميّ وبالقيم والأعراف الدولية.
وبناءً على الوثائق التي تم الحصول عليها من مصادر إسرائيلية، اعترف مسؤول كبير في مكتب وزير الحرب السابق في الكيان الصهيوني بأن هذا الكيان مسؤول عن اغتيال شيرين أبو عاقلة، وأن السلطات الإسرائيلية قد تراجعت لعدم تحمل المسؤولية، وهذا المسؤول الصهيوني قال للأمريكيين إن مقتل أبو عاقلة تم عن طريق الخطأ وأن تل أبيب لن تتحمل مسؤوليتها بشكل رسمي، ورغم كل البراهين التي توثق تورط "إسرائيل" وعصاباتها الصهيونيّة في مقتل شيرين أبو عاقلة، يحاول جيش العدو جاهداً تبرئة نفسه من دمها، من خلال زعمه حينها أنّ الحكومة الصهيونية تقدم الدعم الكامل لمقاتليها، ولن تسمح بالتحقيقات التي تجريها الكيانات الأجنبية، ولن تقبل التشهير بجنود قوات الاحتلال ومقاتلي الشاباك (جهاز الأمن العام) وشرطة حرس الحدود.
وقبل عام تقريبًا، في 11 أيار 2022، خلال هجوم الكيان الصهيوني على مخيم جنين بالضفة الغربية، استشهدت مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة برصاص القوات الصهيونية، ووقعت هذه الجريمة بينما كانت ترتدي زيها الصحفي وسط اشتباك بين قوات الأمن التابعة للعدو الصهيوني والمتظاهرين، وحسب الإحصائيات المتوافرة، قُتل ما لا يقل عن 55 صحفياً على يد الكيان الصهيوني منذ عام 2000، وبعد هذه الحادثة، أكدت وسائل الإعلام الرئيسية مثل CNN والمنظمات الدولية الطبيعة "المتعمدة" أن جريمة الكيان لم تقتصر على مقتل هذه الصحفية، بل هاجم رجال الأمن التابعين للعدو جنازتها وازدروا عائلتها.
وعلى الجانب الآخر، لم يقبل الكيان الصهيوني في البداية المسؤولية عن هذا الحادث وأعلن أنه سيصدر بيانًا بعد انتهاء التحقيق، وأخيراً، عقب ضغط الرأي العام، لم تقبل تل أبيب سوى مسؤولية "القتل غير المتعمد" للصحفية، وفي ذلك الوقت أعلن يائير لابيد رئيس وزراء الكيان الصهيوني، رفضه شكوى الجزيرة ضد تل أبيب في محكمة الجنايات الدولية، ورسمياً إن هذا الكيان لن يحقق أو يستجوب أياً من جنود الاحتلال! كما عارضت أمريكا، بصفتها الشريك الاستراتيجي لإسرائيل، إحالة القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية، وبعبارة أخرى عارضت واحدة من أهم قضايا حقوق الإنسان المتعلقة بأمن الصحفيين، لأن الصهاينة كانوا جالسين في موقف "المتهمين"، ولم تجر المحاكم الأوروبية والأمريكية حتى محاكمة صورية ولم تفرض أنظمة عقوبات واكتفت بوصف اغتيال أبو عاقلة بأنه "حادث مأساوي".
تأكيد سابق
الصحفيّة شيرين أبو عاقلة أُعدمت بنيران جنديّ إسرائيليّ من مسافة 200 متر تقريباً، هذا ما أكّدته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في تحقيق سابق لها، حول الجريمة التي نفذتها قوات العدو الإسرائيليّ بحق الصحفيّة الشهيرة التي تعمل مراسلة في قناة الجزيرة القطريّة في جنين بالضفة الغربيّة المحتلة أثناء تغطيتها اقتحام العصابات الصهيونيّة لجنين، والتي استمرت خلال تشييع جثمان الصحفية الفلسطينية إلى مثواها الأخير، إضافة إلى اعتداء الشرطة بالضرب على مشيعي الجنازة في القدس، باعتبار أنّ أبو عاقلة عملت مع مجموعة كبيرة من وكالات الأنباء العربية والدولية لتغطية الأحداث الكبرى في الأراضي الفلسطينية المحتلة ووثقت لسنوات طويلة اعتداءات قوات الاحتلال وجرائمهم.
ولم يكن التحقيق الذي قامت به قناة الجزيرة وشبكة سي إن إن الذي اكّد أيضاً أن جنديًا تابعاً لقوات العدو الإسرائيليّ أطلق الرصاص عمداً على أبو عاقلة، الأول من نوعه، حيث أشارت الصحيفة الأمريكيّة في وقت سابق، أن التحقيق فحص أكثر من 60 مقطع فيديو ومنشورًا على وسائل التواصل الاجتماعي وصورًا لجريمة الاغتيال، كما أجرت فحصين ميدانيين للمنطقة، وأجرت تحليلات صوتية مستقلة لأصوات إطلاق النار، مؤكدة أن التحليل الصوتي لإطلاق النار الذي أدى إلى مقتل الصحفية المعروفة يشير إلى أن شخصاً أطلق عليها الرصاص من مسافة تقريبيّة تكاد تطابق المسافة بين الصحفيين ودورية قوات الاحتلال الإسرائيلي التي كانت في المكان، قائلة إن تحليل الصور المتوافرة ولقطات الفيديو وبيانات شهود العيان، تؤكد بما لا شك فيه أن جنديا إسرائيليا هو من أطلق رصاصة الإعدام الميداني.
وعقب الجريمة الإسرائيلية، قال الصحفي في قناة الجزيرة علي السمودي للححيفة الأمريكية: "كنا متأكدين من عدم وجود مسلحين فلسطينيين ولا تبادل بإطلاق النار أو مواجهات مع الإسرائيليين"، وكانت الصحفية الفلسطينية-الأمريكية شيرين أبو عاقلة التي غطت عددا لا يحصى من العمليات المشابهة في مسيرة امتدت لعقود مع الجزيرة ترتدي خوذة وسترة مكتوب عليها بحروف بيضاء واضحة "صحافة"، وظلوا في المكان مدة 10 دقائق للتأكد من تحديد قوات العدو الإسرائيلي لهم أنهم صحفيون، ثم تحرك الصحفيون إلى الشارع وباتجاه العربات الإسرائيلية، وكان هناك هدوء شامل ودون صوت رصاص أبدا وفجأة بدأ وابل من الرصاص، أصابت واحدة السمودي وأخرى ضربت وقتلت أبو عاقلة، حيث حاول زملاؤها البحث عن غطاء من الرصاص، ويتذكر السمودي أن الرصاصة انطلقت من عربة عسكرية.
بناء على ذلك، يؤكّد التحقيق القطري كما الأمريكيّ أن "إسرائيل" وعصاباتها الصهيونيّة هم المسؤولون عن إطلاق النار وقتل أبو عاقلة، رغم محاولة جيش العدو تبرئة نفسه من دم أبو عاقلة من خلال قوله إن جنديا من جنوده ربما أطلق الرصاص، لكن رصاصة الجريمة جاءت من "مسلح فلسطيني"، ولم تظهر تل أبيب أي أدلة عن وجود مسلح، ولا تدعم أشرطة الفيديو مزاعم الاحتلال عن مواجهات مسلحة في الدقائق التي سبقت العملية الإجرامية، فيما تظهر كل الأدلة والروايات وشهود العيان الذين قابلتهم الصحيفة أنه لم يكن هناك إطلاق النار وقت القتل أبداً.
في الختام، تتستر العصاباتت الصهيونية على جناياتها من خلال وسائل الإعلام العالميّة التي يدير اليهود الكثير منها، إلا أن العالم بدأ يشعر بالفعل بحقيقة ذلك السرطان المقيت في منطقتنا، في ظل الاتهامات الدولية والحقوقيّة الكثيرة والمُثبتة للصهاينة بانتهاج سياسات تمييز عنصريّ واضطهاد في معاملة الفلسطينيين، والأقلية العربيّة في الأراضي الفلسطينيّة المُحتلة، والتي توصف بأنها "جرائم ضد الإنسانيّة"، وإن التحقيق الجديد حول جريمة إعدام أبو عاقلة هو شهادة دولية قويّة ومحقّة على نضال ومعاناة الشعب الفلسطينيّ الرازح تحت الاحتلال العسكريّ الصهيونيّ وسياساته الاستعماريّة والقمعيّة بمساندة من بعض العواصم ذات التاريخ الدموي ضد هذا الشعب الذي يطرد من أرضه بشتى الوسائل وبمختلف الأساليب والأسلحة دون تحريك أيّ ساكن رغم شعارات حقوق الإنسان والحرية والديمقراطيّة، وذلك لدعم الإسرائيليين في محاولاتهم المستميتة للهيمنة على فلسطين وشعبها بالسيطرة على الأرض والتركيبة السكانيّة لصالح الإسرائيليين الصهاينة.