الوقت -دعا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، السبت، الصحفيين في بلاده إلى التكتل في تنظيم نقابي قوي، نافيا وجود أي صحفي في السجن على خلفية مقالاته أو بسبب آراء له.
ووصف تبون، في كلمة، مساء السبت، تصنيف المنظمات غير الحكومية ومنها ” مراسلون بلا حدود” للجزائر في مجال حرية الصحافة، أنه بمثابة ” افتراء على الجزائر التي لديها ثقة في أبنائها”.
وأضاف: ” زخم الصحف الموجود في الجزائر وفي وسائل الإعلام الأخرى غير موجود حتى في الدول الراقية. التصنيف الذي نأخذه بالحسبان هو تصنيف مؤسسات الأمم المتحدة لأنها تتمتع بالحيادية، أما غير ذلك فلا نأخذه كقاعدة. التصنيف هذا يهمهم هم (المنظمات غير الحكومية) وليس نحن”.
وجدد تبون، نفيه وجود صحفيين في السجون الجزائرية، مؤكدا أن الصحفي الذي يدور الحديث بشأنه (القاضي إحسان) أدانته العدالة بتهمة قبول أموال مصدرها أجنبي وهو ما لا يقبله أي بلد آخر ولا حتى الأمم المتحدة.
وأعرب الرئيس الجزائري عن أمله في أن تنتظم الصحافة الجزائرية في نقابة قوية، وتشكل هيئة لأخلاقيات المهنة، الأمر الذي سيسمح بتقييم وتقويم وإعذار وإنذار الصحفيين، دون أن تكون للصحفي أي رابطة بالعدالة.
واستطرد يقول: ” نريد إعلاما وطنيا قويا ، يتمتع بالمهنية والروح الوطنية العالية. مستعدون لوضع كل الإمكانيات تحت تصرف كل الصحف دون استثناء. نتطلع لأن تكون هذه الصحافة مؤسسة ردع لأعداء الوطن والتصدي للهجمات التي تتعرض لها البلاد. من حق الصحافة الانتقاد، ولكن دورها أيضا هو صنع الرأي العام وخلق حركية في المجتمع، حتى لو أنني أتأسف لغياب صحافة مختصة”.
وأبرز الحفل الذي نظمته الرئاسة الجزائرية بالمركز الدولي للمؤتمرات بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للصحافة، ثبات مواقف تبون، عندما يتعلق الأمر بالتزاماته تجاه أسرة الصحافة.
فوعود المترشح السابق لرئاسيات 2019، ترجمها الرئيس تبون بعد تنصيبه إلى أفعال، حيث سعى إلى نفض الغبار عن الاتصال المؤسّساتي وفتح أبواب الرئاسة على مصراعيها أمام الصحافة الوطنية والدولية وتعزيز الدور الوطني والمواطنتي للصحافة التي هي مطالبة بالنظر للرهانات الحالية، بالمشاركة في إرساء أسس الجزائر الجديدة. وشكل الحفل الذي أقيم الأربعاء الماضي، مناسبة لتجديد هذا الالتزام أمام صحافة جزائرية عانت من الانعكاسات العديدة التي خلفتها الأزمة الاقتصادية والتحولات التكنولوجية وتقلص مساحات الحرية.
وتمثلت المحفزات التي أرادها تبون لإشراك الصحافة، في انفتاح رئاسة الجمهورية وباقي المؤسّسات على الصحفيين وكذا ارساء حوار وتبادل دائم مع المهنيين، بالإضافة إلى الاستفادة من خبرتهم ومساهمتهم قصد رفع التحديات ، وخاصة في مجال تعزيز التقارب بين الفضاءين الإعلامي والمؤسساتي.
ومن المؤكد أن التجاذبات داخل الصحافة وكذا السلطوية والنعرات الأيديولوجية الموروثة من الماضي، أبطأت هذا المسعى، إلا أن مدى وطنية الصحافة الجزائرية المعبر عنها في ظروف مختلفة، كان حصنا منيعا ضد الهجمات الإعلامية الأجنبية، حيث عمل تبون جاهدا على تعزيزه.
وشكل جمع عائلة الصحافة تحت سقف واحد، باختلاف الآراء أو لغة العمل أو طبيعة الوسائط “المكتوبة أو السمعية البصرية أو الإلكترونية” أو المنظور الايديولوجي، تحديا نجح تبون في رفعه ببراعة إلى حد إثارة بعض حالات سوء الفهم المشروعة. ففي 3 ماي، جدّد تبون العهد مع تاريخ فيه من الرمزية بمكان، لحرية الصحافة في العالم، بعد أن تخلت الجزائر رسميا عن الاحتفال به لأكثر من 10 سنوات.
وفي ذلك اعتراف في نظر الأجانب أولا، بقيمة الصحافة الوطنية في النضال من أجل حرية التعبير وحرية الصحافة وبحجم تضحياتها خلال العشرية السوداء ومن ثم تثمين الروابط مع المنظمات الصحفية الدولية التي غالبا ما يكون رأيها ضروريا لتحسين المناخ العام للمهنة، شريطة أن يكون هذا الرأي عادلا ومحترما ومستوحى من الواقع الحقيقي الذي يعرفه التقدّم الديمقراطي في مجال حرية الصحافة في الجزائر.
فليس للجزائر ما تخشاه أو تخفيه فيما يخص التقدم الذي أحرزته، فالصحافة الوطنية هي صحافة فريدة من نوعها تتغذى من مواقفها المشرّفة في الدفاع عن نزاهتها ضد الظلامية والتطرّف، حيث إنه من واجب الدولة الحفاظ عليها من قوى المال الفاسد الذي حاول إفساد مبادئها. فقد أدرك تبون تمام الإدراك كيفية التمييز بين المهنيين وأولئك الذين ينتحلون المهنة.
إلا أن هذا الزخم الجامع ليوم 3 ماي لن يكتمل إلا مع التزام الدولة بحماية الحقوق المهنية والاقتصادية والاجتماعية للصحفيين الذي ينتج عنه تعزيز إعلام حرّ ومتعدّد، علما أن الهشاشة المهنية هي عدو الحرية، وأن تبون واع بالضغط السياسي والمالي الذي يهدّد هذه المهنة. ومن هذا المنطلق، فإن دراسة إجراء ضمان حد أدنى لأجور الصحفيين خلال الأسابيع القادمة في إطار تنظيمي، من شأنه أن يؤمّن لهم راتبا لدى ممارستهم مهنتهم، وخاصة أولئك الذين تمثل المهنة مصدر عيشهم الوحيد.